دمشق تكرّر خطأ «المفاوضات الفارغة» والسنيورة «يسامح» أولمرت على جرائمه وبقيّة العرب «يطبّعون»
تحتضن مدينة أنابوليس الأميركية غداً مؤتمراً دولياً، عنوانه الرسمي السلام الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، أقرّت جميع الأطراف المعنية فيه بأنه سيكون فارغاً في مضمونه، باستثناء مشاركة عربية رفيعة المستوى هي أشبه بمكافأة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، «بطل» عدوان تموز على لبنان، وللرئيس الأميركي جورج بوش. وحتى المشاركة السورية يبدو أنها ستكون بلا ثمن.
ومن الواضح أن المؤتمر حقق، حتى قبل انعقاده، الغاية الأميركية ـــــ الإسرائيلية منه، بعدما قرر العرب، بالإجماع، تقديم طبق من «التطبيع المجاني» للدولة العبرية، رغم أن الأطراف المعنية الأساسية، الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، أقرت بأنه لن يكون سوى مجرد انطلاقة لعملية تفاوضية طويلة الأمد، وأن أياً من القضايا الجوهرية، التي كانت تشترطها السعودية، لن تُبحث خلاله.
وإذا وضعت المشاركة العربية في إطار تدعيم «حلف الاعتدال» الذي ترعاه الولايات المتحدة، فإن إعلان دمشق المشاركة، حتى على مستوى نائب وزير الخارحية فيصل المقداد، يطرح العديد من التساؤلات عن الغاية السورية من تغطية المشاركة العربية الواسعة، ولا سيما أن المواقف العربية المعلنة كانت تشترط حضور دمشق لمشاركتها. ويبدو إدراج ملف الجولان على جدول الأعمال شكلياً للغاية، حتى إنّ وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني صرّحت بأنّ بند الجولان غير ملزم، لكن من حق أي مشارك أن يطرح ما يريده.
ولعل ما نقلته صحيفة «معاريف» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أبرز دليل على عدم جدوى المشاركة السورية. ويقول هذا المسؤول «إن قرار الجامعة العربية يلزم السوريين أيضاً، إلا أن وجودهم غير ضروري، ستكون هناك 40 دولة، بينها 16 دولة عربية، وإذا أراد السوريون تحريك عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فهم مدعوّون، وإذا لم يريدوا فلم تعد تهمنا مشاركتهم».
أمّا بشأن لبنان، فإنّ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي «وعدت» بأنّها لن تقدم على أي قرار كبير بعد الفراغ في سدة الرئاسة، وجدت أن المشاركة في الاجتماع تنسجم مع الموقف العربي، وهو ما يخالف المنطق القائل بأن لا شغل للبنان في هذا الاجتماع. كما أن هذا المؤتمر هو نقطة خلاف جوهرية بين الأطراف اللبنانية المتنازعة على السلطة. أضف إلى ذلك ان هذه المشاركة تعطي الانطباع الجديد بأن فريق 14 آذار متمسّك بالانتماء الى المحور العربي الموافق على المشروع الاميركي في المنطقة.
وإذا كانت سوريا برّرت مشاركتها بإدراج ملف الجولان، فإن الواضح أنها تحاول الخروج من عزلة عربية ودولية، علماً بأن هذا المؤتمر سيتحول الى تغطية لحكومة أولمرت التي تعدّ العدّة لشن حرب على سوريا ولبنان وعلى المقاومة في فلسطين. وقد أثار الأمر تباينات واضحة داخل الجبهة التي تجمع سوريا وإيران والمقاومة في لبنان وفلسطين، حيث ظهرت المواقف المندّدة بالمؤتمر وبالمشاركة فيه من قبل طهران ومن قبل حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، كما برز تباين سوري ـــــ إيراني، عبّر عنه الرئيس محمود أحمدي نجاد بوصفه المؤتمر بأنه «تافه»، وبعض المشاركين فيه بأنهم «عديمو الذكاء». كما أفادت وكالة «إيسنا» الإيرانية للأنباء بأن نجاد اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد و«اتفقا» على أن المؤتمر «محكوم بالفشل».وقال وزير الإعلام السوري محسن بلال لـ«الأخبار» أمس، إن بلاده قررت المشاركة في المؤتمر الدولي بعدما تلقّت دعوة خطية تضمّنت إدارج الجولان المحتل على جدول الأعمال.
وأشار بلال إلى أن قبول الدعوة استند إلى «الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبدأ مدريد، الأرض مقابل السلام، وما تم إنجازه خلال عشر سنوات من المفاوضات»، معتبراً أنه «بقي القليل لتختم المفاوضات حول استعادة الجولان كاملاً إلى السيادة السورية والمشاركة هي لاستئناف المفاوضات من أجل استعادة الجولان».
وقالت مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، إن سوريا تلقت الدعوة الأميركية إلى المؤتمر صباح أمس. وأضافت أن الرئيس بشار الأسد عقد اجتماعاً نادراً لجميع «مؤسسات القيادة» في سوريا، حيث جرى بحث الدعوة، مشيراً إلى أن الرأي استقر في نهاية الأمر على المشاركة وعلى مستوى نائب وزير الخارجية «كي لا يقال إن السوريين يعوّلون على هذا المؤتمر».