يشكّل خبر مقتل 10 جنود فرنسيين في كمين شرقي العاصمة الأفغانية كابول، أسوأ ما يمكن أن يسمعه نيكولا ساركوزي، الذي بدأ يحصد نتائج قراره بالعودة إلى قيادة القوات الأطلسيّة
باريس ــ بسّام الطيارة
يشكّل مقتل هذا العدد القياسي للجنود الفرنسيين المظلّيين في أفغانستان (10)، إلى جانب ٢١ جريحاً في يوم واحد، أكبر كابوس بالنسبة لنيكولا ساركوزي، وذلك على جميع المستويات: إنسانياً، لا بد أن تترك المجزرة صدمة لدى الرأي العام الفرنسي. أما سياسياً، فالخبر يشكل «دفعة على حساب التحذيرات» التي خرجت حين قرر ساركوزي زيادة مشاركة بلاده في القوة الدولية في أفغانستان بناءً على إلحاح واشنطن.
وتتزامن هذه الفاجعة مع عودة النقاش بشأن استراتيجية الحلف الأطلسي، والانقسام الحاصل في أوروبا حول «مخاطر الانزلاق الأطلسي» في القوقاز في ظلّ سعي الرئيس الفرنسي إلى «مقاربة وسطية» لا تصيب كبرياء «الدب الروسي» ولا تفني آمال جورجيا بالانضمام إلى الحلف.
وكان ساركوزي قد وافق خلال قمة بوخارست للحلف الأطلسي على زيادة ٧٠٠ جندي إلى القوة الفرنسية المشاركة في «الإيساف»، ليصبح عدد الجنود الفرنسيين العاملين في أفغانستان وجوارها ٣٣٠٠ عنصر.
وفي ٦ آب الجاري، تسلّم الجنرال الفرنسي ميشال ستولشتاينر قيادة منطقة كابول ليتسنى للأميركيين «الانطلاق شرقاً» لقطع الطريق على إمدادات «طالبان» الآتية من باكستان.
وسألت «الأخبار» المتحدّث المساعد لوزارة الخارجية فرديريك ديزانيو عمّا إذا كان هناك علاقة بين تسلّم فرنسا قيادة القوات والكمين الدموي، فأكد أن «فرنسا تتحمل مسؤوليتها وهذا ما يبرهن رغبتها بالمشاركة بمجهود الحلفاء في أفغانستان».
وتتفق المصادر الأوروبية المقرّبة من الملف الأفغاني على أن الوضع الأمني «يتراجع بشكل بارز لمصلحة طالبان». وسبق لأحد الدبلوماسيين العاملين في هذا الملف أن كشف لـ«الأخبار»، على هامش مؤتمر «مساعدة أفغانستان» عن أن «طالبان» قد أعادت تجميع قواها «وباتت المبادرة بيدها عسكريا». كذلك، فقد أكد الجنرال الفرنسي في قيادة «الأطلسي» ريشار بلانشيت هذه المعلومات حين اعترف بأن «الهجمات تتصاعد بشكل مكثف» وخصوصاً في الجنوب والشرق الأفغاني، رغم أنه أشار إلى أن هذه الزيادة «لا ترافقها مكاسب على الأرض»، أي أنّ «طالبان يضربون ويفرّون».
لكن يبدو أنّ «عدم تحقيق مكاسب على الأرض» بات استراتيجية مقصودة، بحيث إنّ أكثر من مصدر يلفت إلى أن «طالبان» باتت تتبع تكتيك «حرب العصابات تاركة لقوات الإيساف عبء الإدارة المدنية»، وبالتالي تحميلها مسؤولية عدم تحسن أوضاع الأفغان، ما يقود «إلى انضمام الشبان إلى صفوف المجاهدين».
الآتي أعظم على ساركوزي. فقد بات مؤكداً أنّ موجة الانتقادات بشأن عودة فرنسا إلى قيادة الحلف الأطلسي ستستعر بشكل أكثر زخماً بسبب الملفّين الجورجي والأفغاني.