كلما تحدّث عون وباسيل عن مستقبل الرئاسة، زادت شكوك معارضيهما بأن المطلوب هو هوية النظام
المعركة الثانية هي معركة قانون الانتخاب والانتخابات. يشكل قانون الانتخاب محكاً أساسياً للتيار، بعدما كان قبِل به في اللحظات الأخيرة قبل إقراره سابقاً. وهو اليوم يعيد الكرة بخوضه معركة في المجلس الدستوري بعدما تعذر عليه فرض ما يريد في المجلس النيابي. وكلام رئيس الجمهورية حول تمسكه بموعد أيار لإجراء الانتخابات، والذي لن يرضى عنه بديلاً، يفتح الباب أمام المجلس الدستوري كإيحاء مكشوف حول رغبة عون في الذهاب في معركة قانون الانتخاب إلى الحد الأقصى. وهذا الأمر سيتحول من الآن فصاعداً معركة متعددة الجوانب. فبين ارتفاع أعداد المغتربين المسجلين للانتخاب على أساس 128 نائباً إلى ما فوق المئتي ألف، واحتمال الطعن بهذا البند، وبين التحالفات التي بدأت تأخذ شكلاً جدياً بين خصومه كالقوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي، واحتمال انضمام تيار المستقبل إليهما، يصبح من الصعب على التيار التعامل مع الانتخابات كحدث انتخابي مجرد. في الأساس يعرف التيار أنه حصر نفسه في زاوية قلّ فيها عدد حلفائه، ولم يتبق له إلا القليل من العناصر التي تؤمن له شبكة تحالفات ليست كبيرة بما يكفي. وهو أكثر الذين يحتاجون إلى أشهر إضافية من أجل تعزيز تحضيراته، خصوصاً الداخلية بعد ظهور إشكالات وأنواع مختلفة من الامتعاض حول خريطة المرشحين الحزبيين. وعلى رغم وجود عناصر أساسية محقة في طعن التيار بتعديل قانون الانتخاب، إلا أن شد الكباش السياسي العام وحوْل القانون في شكل خاص، قد يجعل تطيير الانتخابات أمراً غير مستبعد، وهذا ما يريح التيار أكثر مما يريح غيره من الأحزاب التي تصر على الاستحقاق النيابي، وفي أقرب وقت ممكن. إلا أن العقبة التي لا تزال تعيق حركته تظهر في تمسك المجتمع الدولي بإجراء الانتخابات، والتيار في هذه المرحلة لا يحتاج إلى زيادة عدد خصومه خارجياً وتحميله والعهد مسؤولية تطيير الانتخابات.
ثالثاً الانتخابات الرئاسية. كل الطرق تؤدي إلى ما بعد انتهاء ولاية عون. وهذا هو الاستحقاق الأهم، ورسائل العهد وباسيل إلى الخارج تفتح الباب أمام تكهنات كثيرة بسيناريوهات تجعل من المحتم الذهاب إلى مناقشات مفتوحة حول النظام اللبناني، بما يجعل من استحقاق الرئاسة أحد عناصر الأزمة حينها لا كلها. وكلما ذهب عون وباسيل إلى تبريرات حول مستقبل الرئاسة ومواصفات الرئيس المقبل، زادت الشكوك لدى معارضيهما بأن المطلوب هو هوية النظام وليس هوية الرئيس.