بعد السابع من تشرين الأول/ اكتوبر العام الماضي، بدأ العدوان الإسرائيلي على لبنان، وجنوبه خصوصاً، وبدأت دول العالم البحث عن أسباب تبريرية للتغاضي عن اعتداءات العدو المتكررة، السابقة والحالية واللاحقة، لبحر لبنان وأجوائه وأرضه. تتالى عدد الشهداء والجرحى وبدأ إحصاء الخسائر في الأرواح والممتلكات في لبنان، لكن أياً من السياسيين المتشدّقين بشعارات السيادة والحرية والاستقلال، لم يبحث عن واجبات الدولة الدستورية والقانونية في حال تعرضها لاعتداء. فما أهمية قانون الدفاع الوطني إذا لم تمارس السلطة مهام الدّفاع الوطني؟ وفي حال تلكأت السلطة الإجرائية عن القيام بذلك، يصبح ذلك تلقائياً من حق المواطنين الدفاع عن وطنهم وأرضهم وأملاكهم، والانتظام تحت أي شكل من أشكال المقاومة الشعبية، وهو ما أكد عليه البيان الوزاري للحكومة وحدد حرفياً حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة.


السيادة في الدستور والقانون
نصت مقدمة الدستور اللبناني في الفقرة «أ» على أن «لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دولياً». ولكن، كيف يكون الوطن سيداً وحراً ومستقلاً إذا لم يمارس واجبه بالدفاع عن الأرض والشعب والمجالين الجوي والبحري؟
وتضمّن البيان الوزاري للحكومة الحالية، وهي الحكومة السابعة والسبعين، التأكيد على حق اللبنانيين بمقاومة أي عدوان اسرائيلي، وأكد:
• التزام أحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، واحترام الشرائع والمواثيق الدولية التي وقع لبنان عليها وقرارات الشرعية الدولية كافة، والتأكيد على الالتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، واستمرار دعم قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، ومطالبتها المجتمع الدولي بوضع حدّ للإنتهاكات والتهديدات الإسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً، بما يؤمن التطبيق الكامل لهذا القرار
• التأكيد على الدعم المطلق للجيش والقوى الأمنية كافة في ضبط الأمن على الحدود وفي الداخل وحماية اللبنانيين وأرزاقهم وتعزيز سلطة الدولة وحماية المؤسسات.
• التمسك باتفاقية الهدنة والسعي لاستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء، والتمسك بحقه في مياهه وثرواته، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة.
• استئناف المفاوضات من أجل حماية الحدود البحرية اللبنانية وصونها من جهاتها كافة.

قانون الدفاع الوطني: مراحل قانونية متعددة
في 19/1/1955، صدر المرسوم الاشتراعي رقم 33 المتعلق بتنظيم وزارة الدفاع الوطني وتحديد قانون الجيش، ونص في مادته الأولى على تكليف وزارة الدفاع الوطني بإعداد وسائل الدفاع المسلح لحماية أراضي الجمهورية والمحافظة على سلامة الدولة من كل تعدّ داخلي او خارجي، وباعداد الامة لأداء واجب الذود عن البلاد، على أن تمارس صلاحياتها هذه بتأليف جيش بري وقوى جوية وبحرية تتناسب وحاجة الدفاع عن البلاد، واتخاذ التدابير الفعالة لإعداد مرافق البلاد وتوجيه صناعتها وانشاءاتها وفقا لحاجة الدفاع، إضافة الى توجيه ثقافة الشبيبة واعدادها للمساهمة عند الاقتضاء بواجب الذود عن البلاد. وأُلغي هذا القانون بالمرسوم الاشتراعي رقم 10 تاريخ 7/7/1967 قبل أن يحل محل الأخير قانون الدفاع الوطني بموجب القانون رقم 3 تاريخ 24/03/1979، ثم قانون الدفاع الوطني رقم 102 تاريخ 16 أيلول 1983.

ما هو تعريف الدفاع الوطني؟
يهدف الدفاع الوطني، بحسب القانون، الى تعزيز قدرات الدولة وانماء طاقاتها لمواجهة ومقاومة أي اعتداء على أرض الوطن، وعلى المجال الجوي الوطني، وعلى الحقوق السيادية في المناطق البحرية الوطنية، واي عدوان يوجه ضده، والى ضمان سيادة الدولة والمحافظة على سلامة وأمن الوطن ومجاله الجوي الوطني وحقوقه السيادية في المناطق البحرية وسلامة المواطنين.
ويقصد بالقوى المسلحة: الجيش، قوى الأمن الداخلي، والأمن العام وأمن الدولة، وبوجه عام سائر العاملين في الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات الذين يحملون السلاح بحكم وظيفتهم.
في حال حصول اعتداء على الوطن ما هي الخيارات المفترض اتخاذها من قبل الحكومة بموجب قانون الدفاع الوطني؟
في حال تعرض الوطن او جزء من اراضيه او مجاله الجوي او اي جزء من مناطقه البحرية او من حقوقه السيادية على هذه المناطق، او قطاع من قطاعاته العامة او مجموعة السكان للخطر، يمكن للحكومة إعلان:
أ- حالة التأهب الكلي أو الجزئي للحدّ من تعرض السكان والمنشآت الحيوية للخطر، ولتأمين عمليات التعبئة واستخدام القوى المسلحة.
ب- حالة التعبئة أو الجزئية لتنفيذ جميع او بعض الخطط المقررة.

كيف يتم اتخاذ هذه التدابير الطارئة من قبل الحكومة؟
تتخذ وتعلن التدابير المذكورة بمراسيم من قبل مجلس الوزراء بناءً على إنهاء المجلس الأعلى للدفاع. علما أن إعلان حالة الطوارئ وإلغاءها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، تعتبر من المواضيع الأساسية المنصوص عنها في المادة 65 من الدستور اللبناني والتي تحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة.

لمن تخضع القوات المسلحة في لبنان؟
مجلس الوزراء هو السلطة الاجرائية التي تخضع لها القوات المسلحة وفقاً للمادة 65 من الدستور. ويقرر مجلس الوزراء السياسة العامة الدفاعية والامنية ويعيّن أهدافها ويشرف على تنفيذها بموجب المادة 6 من قانون الدفاع. كما يعتبر كل وزير مسؤولا عمّا خص وزارته من مهام الدفاع والأمن، وعليه تعميم التدابير اللازمة في شأنها والسهر على تنفيذها.
اذا تلكأت السلطة الإجرائية عن القيام بواجباتها يحق للمواطنين للدفاع عن وطنهم وأرضهم وأملاكهم تحت أي شكل من أشكال المقاومة الشعبية


ما هي أحكام اعلان حالة الطوارىء او المنطقة العسكرية؟
تم تنظيم اعلان حالة الطوارىء او المنطقة العسكرية بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 52 تاريخ 05/08/1967 حيث تعلن حالة الطوارئ او المنطقة العسكرية في جميع الاراضي اللبنانية او في جزء منها في حال تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة او اعمال او اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة. وتعلن حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء على ان يجتمع مجلس النواب للنظر في هذا التدبير في مهلة ثمانية أيام، وإن لم يكن في دور الانعقاد.

ما هي الآلية القانونية لتقوم الحكومة بتكليف الجيش بالدفاع عن الوطن؟
اذا تعرضت الدولة في منطقة او عدة مناطق لأعمال ضارّة بسلامتها أو مصالحها يُكلف الجيش بالمحافظة على الأمن في هذه المنطقة أو المناطق وفقاً للأحكام التالية:
1- يتم التكليف بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيري الداخلية والدفاع الوطني، ويكون لمدة محددة تمدّد عند الاقتضاء بالطريقة ذاتها.
2- فور صدور المرسوم يتولى الجيش صلاحية الـمحافظة على الامن وحماية الدولة ضد اي عمل ضارّ بسلامتها او مصالحها.
3- توضع جميع القوى المسلحة التي تقوم بمهامها وفقاً لقوانينها وأنظمتها الخاصة تحت إمرة قائد الجيش بمعاونة المجلس العسكري وبإشراف المجلس الأعلى للدفاع.
4- يقصد بالقوى المسلحة لتطبيق هذه التدابير: الجيش، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، أمن الدولة، وسائر العاملين في القطاع العام الذين يحملون السلاح بحكم وظيفتهم.