«قصة حياتي مثيرة أكثر من غيري من الأشخاص الذين اقتحموا المصارف وحصلوا على ودائعهم». بهذه العبارة أجابت سالي حافظ عن سؤالنا المتعلّق بأسباب اختيار شركة Front Row Productions تحويل حياتها إلى عمل فني. في عزّ الأزمة المالية والاقتصادية والسياسية التي عاشها ويعيشها لبنان اليوم، تصدّر اسم سالي صفحات السوشال ميديا ووسائل الإعلام اللبنانية وحتى العربية والأجنبية، وتحديداً في أيلول (سبتمبر) عام 2022. يومها، اقتحمت المواطنة اللبنانية بكل ثقة أحد المصارف الواقعة في منطقة السوديكو في بيروت. وعلى طريقة أنجلينا جولي في فيلم Mr. & Mrs. Smith، رفعت سالي المسدس ودخلت المصرف مع مجموعة من الشباب. نثرت مادة البنزين في أرجاء المصرف، ورفعت سلاحها بوجه مدير المصرف، وصعدت إلى إحدى الطاولات، مطالبةً بوديعتها التي يحتجزها المصرف شأنها شأن اللبنانيين كلّهم، من أجل علاج شقيقتها المصابة بمرض السرطان. عندها سُلِّطت الأضواء على سالي، محوّلة إياها إلى بطلة خارجة من أحد الأفلام الهوليوودية. شكّلت سالي حالة استثنائية في الفضاء الافتراضي، بعدما كانت نهاية استعراضها سعيدةً، إذ حصلت على وديعتها التي تبلغ قيمتها 13000 دولار أميركي.

بعد مرور عامين تقريباً على قصة سالي، فاجأت شركة Front Row Productions (بالتعاون مع شركتَي التوزيع «فرونت رو فيلمد إنترتينمنت» و«إمباير إنترتينمنت») الكلّ بإعلانها عن تحويل حكاية الشابة اللبنانية إلى مشروع فني لم تتّضح صورته بعد. وأصدرت الشركة التي تتخذ من دبي الإماراتية مقرّاً لها وكان أول إنتاجاتها فيلم «أصحاب ولا أعز» (نتفليكس)، بياناً صحافياً أوردت فيه بأنّ «العمل المنتظر قد يكون فيلماً أو مسلسلاً، سينظر إلى الزوايا المختلفة لرحلة سالي الفريدة من ناشطة وطنية إلى مواطنة محرومة من حقوقها تأخذ على عاتقها إثارة الانقسام». وأضافت الشركة بأنّ «قصة سالي هي أيضاً شهادة قوية على قدرة المرأة في سياق مجتمع مدفوع بسياسات النظام الأبوي والفاسد، ما دفعها في النهاية إلى أخذ زمام الأمور بنفسها».
يبدو الأمر واضحاً عبر بيان شركة الإنتاج: باختصار ستُستثمر قصة سالي لأغراض سياسية وللتصويب على أطراف محددة في لبنان وتحميلها مسؤولية الأزمة المالية والاقتصادية. هذا الأمر لم يعد خفياً على أحد، بعدما جنّدت وسائل الإعلام العربي والخليجي كل مشاريعها للهجوم على طرف سياسي واضح ومعروف منذ «ثورة 17 تشرين» 2019. وكانت مسرحية سالي في اقتحام المصرف محبوكةً بطريقة هوليوودية، لكنّها خسفت قضية المودعين المحقّة وغطّت على عشرات الاقتحامات للمصارف نفّذها مواطنون موجوعون وغاضبون، فكانت أشبه بنداء استغاثة أخير.
تحويل حياتها إلى عمل درامي ذي أغراض سياسية


دارت حول حكاية سالي العديد من الشبهات السياسية، وكان اقتحامها المصرف أقرب إلى المسرحية التي لعبت بطولتها، ناهيك بأنّ المسدس الذي حملته كان خُلّبياً باعتراف الشابة التي قالت في تصريح إلى وكالة «رويترز» حينذاك: «كان مسدس لعبة. رأيت أبناء أخي يلعبون به، وكنت قد خلطت كميةً صغيرةً من الوقود بالماء. وقبل المداهمة، شاهدت الفيلم المصري الشهير «الإرهاب والكباب»!
في المقابل، انتشرت لاحقاً فيديوهات لإطلالات سالي، كما عندما حلّت ضيفة على برنامج «صار الوقت» (قناة mtv) مع مارسيل غانم الذي يدافع عن المصارف، وهاجمت فيه المقاومة بشراسة. كما كشفت الفيديوهات مشاركتها في الحراك الشعبي في خريف 2019، مدفوعة بانتماءاتها وميولها الحزبية المعروفة. أمر طرح علامات استفهام حول ما إذا كان تحويل حياة سالي إلى عمل درامي، سيكون ذا خلفيات سياسية بحت، وليس للتركيز على قصة إنسانية، ليندرج المشروع ضمن البروباغاندا الإعلامية الطاغية التي تحاول التصويب على جهة سياسية واحدة في لبنان. من جانبها، تقول سالي حافظ في اتصال معنا إنّ شركة Front Row Productions اشترت كامل حقوق حياتها، وليس فقط عملية اقتحامها للمصرف. وشرحت: «لقد حصلت الشركة على الحقّ الحصري لتحويل قصتي إلى عمل درامي. لا أعرف ما إذا كان سيتم تحويلها إلى فيلم أو مسلسل أو حتى عمل وثائقي، لكنّها ستُعرض على إحدى منصات البثّ التي تشبه شبكة نتفليكس». وعن فريق العمل الجديد من الممثلين، تنفي سالي معرفتها بفريق العمل، مؤكدة بأنّها لن تظهر في المشروع كممثلة. وحول أسباب هذه الخطوة، تختتم سالي بالقول: «ربما هناك قصص أكثر إثارة من حكايتي، لكن الشركة اختارتني».