رام الله | تتّجه الأنظار إلى مدينة القدس المحتلّة، حيث يُتوقّع أن تشهد مناطقها وباحات المسجد الأقصى، خلال هذه الفترة، تصعيداً ميدانياً، مع بدء «عيد الفصح اليهودي» الذي يمتدّ لأسبوع كامل، ويصعّد خلاله المستوطنون اقتحاماتهم لـ«الأقصى»، وسط دعوات إلى ذبح القرابين في ساحاته ونثر الدماء عند قبة الصخرة. وبحراسة مشدّدة من شرطة الاحتلال، اقتحم مستوطنون، صباح أمس، باحات الحرم من جهة باب المغاربة، حيث نفّذوا جولات استفزازية، وأدّوا طقوساً تلمودية، فيما دعت «إدارة جبل الهيكل» التابعة لـ«اتحاد منظّمات الهيكل» الاستيطانية، أنصارها، إلى التجمُّع عند باب المغاربة عند الساعة العاشرة والنصف مساءً، لتنفيذ اقتحامات جماعية للحرم، وتقديم «قرابين الفصح» في منتصف الليل. وفي المقابل، دعا «مجلس أوقاف القدس»، الأسبوع الماضي، المسلمين، إلى الاعتكاف داخل «المسجد الأقصى المبارك وباحاته الشريفة، والرباط فيه حتى عشية عيد الفصح من أجل حمايته»، إلى جانب دعوات أطلقها مواطنون فلسطينيون من أجل صدّ اقتحامات المستوطنين، وإحباط مخطّطاتهم التهويدية.ويبدو أن التصعيد والتوتّر في القدس سيستمرّان طوال أيام «الفصح اليهودي»، حيث تتزايد شراسة قوات الاحتلال في تأمين اقتحامات المستوطنين؛ إذ قرّرت شرطتها الدفع بأكثر من ثلاثة آلاف عنصر إلى هناك، وفرض عمليات حصار وإغلاق للطرق والشوارع المؤدّية إلى البلدة القديمة والمسجد، فضلاً عن تحديد أعمار الوافدين إلى الحرم. وفيما تواصل جماعات «الهيكل» المتطرّفة التحريض على تنفيذ الاقتحامات، قدّمت بعضها، من مثل منظّمة «عائدون إلى جبل الهيكل»، مكافآت مادية، تُقدَّر بـ50 ألف شيكل للناشطين أو المستوطنين الذين ينجحون في ذبح قربان في باحات «الأقصى»، و2500 شيكل في حال الوصول بالقرابين إلى المسجد، والتعرّض للاعتقال هناك. ومَن يتمّ إيقافه وهو في الطريق، يحصل على مبلغ 700 شيكل، فيما يحصل كلّ مَن يساعد في إتمام المهمّة على ألفَي شيكل.
على أن ردّ المقاومين على تلك الاستفزازات لم يتأخّر كثيراً؛ إذ نفّذ شابان عملية دهس في الحيّ الاستيطاني «روميما» المقام على أراضي غربي مدينة القدس، أدّت إلى إصابة ثلاثة مستوطنين بجروح متفاوتة. وفي التفاصيل، قام شابان يستقلّان مركبة بدهس مجموعة من المستوطنين قرب محطّة للحافلات في موقعَين منفصلَين. وبعدما ترجّلا من المركبة، حاولا إطلاق النار من قطعة سلاح محلّية الصنع، «كارلو»، لكنهما اكتشفا أنها معطّلة، فانسحبا من المكان، لتندفع قوات كبيرة من شرطة الاحتلال والجيش والوحدات الخاصة، ترافقها مروحية عسكرية، في عملية البحث عن المنفّذين، والتي أسفرت، بحسب الشرطة الإسرائيلية، عن اعتقالهما، علماً أنهما من سكان مدينة الخليل.
لا تزال البلدات والقرى، وتحديداً في منطقتَي نابلس ورام الله، تتعرّض لهجمات واعتداءات من قِبَل المستوطنين


وفي الضفة الغربية، حيث أُعلن الإضراب الشامل، أول من أمس، في أعقاب المجزرة الدموية في مخيم نور شمس، نفّذ المقاومون سلسلة عمليات، شملت عملية مزدوجة تخلّلها إطلاق نار ومحاولة طعن قرب بيت عانون، في مدينة الخليل، ما أسفر عن استشهاد شابين من عائلة جبارين، إلى جانب حوادث إطلاق النار واشتباكات مسلّحة تركّزت في مدينة جنين، حيث استهدف المقاومون الحواجز العسكرية والمستوطنات في محيط المدينة. كذلك، أطلق شبّان النار على مركبة عسكرية لجيش الاحتلال قرب بيت سيرا في قضاء رام الله، وعلى حاجز حوارة جنوب نابلس، فيما استشهدت فتاة، الأحد، متأثرة بإصابتها برصاص قوات الاحتلال، بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن على حاجز «الحمرا» العسكري في الأغوار الشمالية. وكان تمّ رصد 42 عملاً مقاوماً، الأحد، من بينها محاولة طعن، و14 اشتباكاً مسلّحاً وعملية إطلاق نار، و3 عمليات تفجير عبوات ناسفة، و3 عمليات إلقاء زجاجات حارقة على مركبات المستوطنين، وعمليتي تحطيم وإحراق مركبات للمستوطنين.
وضمن الهجمات المقاوِمة كذلك، كان لافتاً نصب مقاومين كميناً نوعياً قرب بلدة المغير (شرقي رام الله)، أصيب فيه مستوطن إسرائيلي بجروح، جراء انفجار عبوة ناسفة أثناء محاولته إزالة علم فلسطين. وأَظهر فيديو نشر على مواقع التواصل، لحظة تقدُّم المستوطن في اتّجاه العلم قرب مستوطنة «كوخاف هشاحر» المقامة على أراضي الفلسطينيين شرقي رام الله، وبمجرد أن ركله بقدمه، انفجرت به عبوة ناسفة، أدت إلى إصابته بجروح، في محاكاة لكمين مماثل نُفّذ في قطاع غزة قبل سنوات، حين فخّخ مقاومون علماً فلسطينيّاً انفجر بمجموعة جنود بعد إزالته من على السياج الشائك.
وبعد مضي أسبوعين على تنفيذ عملية النبي الياس النوعية قرب قلقيلية، أعلنت «كتائب القسام»، أول من أمس، مسؤوليتها عنها، بعد الكشف عن مشاهد لكمين نصبته لقوات الاحتلال. وأَظهرت المشاهد عناصر «القسام» خلال تخطيطهم للكمين، عبر رسم نقاط التمركز، ومهاجمة الاحتلال، واستهداف حافلات المستوطنين، وتأمين طريق الانسحاب، فضلاً عن لحظة خروج أحد المقاومين من السيارة، وإطلاقه النار تجاه إحدى الحافلات، ما أسفر عن إصابة اثنين من المستوطنين، أحدهما مجنّدة. أيضاً، أَظهرت المشاهد استدراج جنود الاحتلال إلى مكان الكمين، وتفخيخ سيارة نصبت في داخلها كاميرات لمراقبة الجنود، من أجل تفجيرها لحظة وصولهم.
على خط مواز، لا تزال البلدات والقرى وتحديداً في منطقتَي نابلس ورام الله، تتعرّض لهجمات واعتداءات من قِبل المستوطنين منذ العثور على جثة مستوطن بعد اختفاء آثاره أثناء رعيه الأغنام في 12 نيسان الجاري، فيما زعمت قوات الاحتلال، مساء الأحد، أنها اعتقلت منفّذ العملية، لافتة إلى أنه الشاب أحمد دوابشة (21 عاماً) من قرية دوما جنوبي نابلس، وأنه اعترف بذلك. وشهدت بلدة برقا، هي الأخرى، مساء الأحد، هجوماً واسعاً وعنيفاً من المستوطنين، الذين حاولوا اقتحام منازل من الجهتَين الشمالية والغربية للقرية، أصيب على إثره عدد من الأهالي، الذين وُصفت جروح بعضهم بالخطيرة، وذلك خلال المواجهات التي اندلعت إثر تصدّيهم للمستوطنين الذين أحرقوا حظيرة أغنام، وحاولوا إحراق منزل صاحبها، وأطلقوا الرصاص الحيّ صوب المواطنين، تحت حماية قوات الاحتلال التي منعت هؤلاء من إخماد الحريق.