لم يحمل كُتيّب «الطريق الآخر» الذي عرض البرنامج السياسي للتيار الوطني الحرّ «تحدّياً رياضياً» ليكون جزءاً من التحديات الكبيرة التي وضعت بهدف التغيير والإصلاح، وبالتالي تأسيس الدولة في لبنان. لكن نقطة أخرى أضيفت أخيراً مع تأليف لجنة خماسية لها مهمة رياضية
شربل كريّم
فيما انتشرت الدورات الرياضية المختلفة التي حملت ألواناً وعناوين سياسية لأسبابٍ معروفة، وفي ظل اندماج قديم للأحزاب والتيارات السياسية الأخرى في البطولات الرياضية الرسمية واتحاداتها، بقي التيار الوطني الحرّ غير منغمس بقدر أقرانه في أجواء هذه الاتحادات وملاعبها، رغم أنه يبدو واضحاً أن غالبيتها تحتاج إلى الإصلاح والتغيير، بشكلٍ كبير وجذري، في هيكلياتها وتركيباتها وقوانينها واستراتيجياتها...
إلا أن هذا الوضع تغيّر أخيراً، وأقدم التيار الوطني الحرّ على تأليف لجنة خماسية هدفها وضع استراتيجية رياضية وطنية، والعمل على التغيير والإصلاح في الرياضة اللبنانية عبر رؤية ومفهوم جديدين يقومان على المبادئ الآتية:
ــــ الشفافية في العمل الرياضي
ــــ وضع برامج رياضية طويلة الأمد
ــــ وضع آلية تنفيذ البرامج التي من شأنها إيصال رياضيين لبنانيين إلى العالمية
ــــ اقتراح مشاريع قوانين لتطوير الرياضة اللبنانية
ــــ مواكبة انتخابات الاتحادات الرياضية من أجل تغيير النهج السائد للوصول إلى لجنة أولمبية على قدر طموح الرياضيين خصوصاً، واللبنانيين عموماً.
وإذ يبدو جليّاً اليوم أن الكثير من الأحزاب والتيارات السياسية دخلت المجال الرياضي ممثّلة بأندية حازت بطولات رسمية ومثّلت لبنان خارجياً، يلفت أن القيّمين على هذه الأندية اشتكوا أحياناً من الهيمنة السياسية، وتأثير السياسة على الأجواء الرياضية، لكن لا أحد منهم قدّم مشروعاً ملموساً للإصلاح الرياضي، لا بل سرعان ما أصبح كثيرون منهم جزءاً من المنظومة السياسية ــــ الرياضية التي ترسمها المرجعيات بحسب توافقها أو خلافها.
كذلك يدرك كثيرون أن الجزء الأكبر من الدعم (المالي) السياسي في المجال الرياضي يصبّ في خانة حسابات المصالح السياسية. إلا أن الأخطر من تغلغل عصبية السياسة في مدرّجات الملاعب وتسبّبها بمشكلاتٍ أحياناً، يبقى الفساد الرياضي ورجال الإدارة الذين وصل بعضهم إلى مراكزهم بدعمٍ سياسي ناتج غالباً من التوافق السياسي، القاتل الأوّل للروح الديموقراطية.
والأسوأ أنهم يتمسّكون بمناصبهم من دون محاسبة على عدم تحقيقهم، على الأقل، أدنى معدلات النجاح.

الرجل المناسب في المكان المناسب

المحاضر الدولي جهاد سلامة التقى مع التيار الوطني الحرّ على «تفاهم رياضي»، وهو الذي أعدّ مشروعه الخاص منذ فترة طويلة، مشدداً على ضرورة إبعاد السياسة عن الرياضة، وهو قال: «وافقت على دخول اللجنة انطلاقاً من أسس أهمها أن العمل سيتمحور حول الرياضة دون شيء سواها، من دون أي حسابات سياسية».
وأضاف: «يحمل التيار الوطني الحرّ رسالة تغيير وإصلاح، قد تترجم مستقبلاً عبر نواب يطالبون باستحداث قوانين لمصلحة الرياضة المدرسية والأهلية أو عبر إيصال وزير مختصّ إلى وزارة الشباب والرياضة».
ولفت سلامة إلى أنه لا مشكلة لديه في دعم أشخاص مرشحين لانتخابات الاتحادات، وهم ينتمون إلى تياراتٍ سياسية أخرى في حال تمتعهم بالكفاءة، ولديهم الوقت الكافي للتضحية من أجل الرياضة، «ودائماً ضمن توجّه أن يكون الانتماء الأول إلى الرياضة. المعيار الأساسي يجب أن يكون استخدام الشخص المناسب في المكان المناسب». وشدّد على ضرورة إيصال أشخاصٍ جدد إلى الاتحادات واللجنة الأولمبية «مع احترامنا لجميع الموجودين حالياً، لكنّ أياً منهم لم يضع خطة عمل تجبر الدولة مثلاً على رصد ميزانية من أجل الرياضيين».

سعادة «ضرورة محاسبة الجميع»

بدوره، يحمل الزميل إيلي سعادة هيكلية لوزارة الشباب والرياضة، سبق أن تبنّاها التيار، وهو يرى أن الوضع الرياضي الحالي مسيّس كليّاً، مشدداً على ضرورة المحاسبة في الاتحادات واللجنة الأولمبية وحتى الرياضيين، بعد كل استحقاق خارجي، مشيراً إلى أنه «رغم أن اللجنة تأسست متأخرة لناحية العمل على إحداث تغيير كبير في الانتخابات المرتقبة للاتحادات، إلا أنها ستعمل قدر الإمكان في الأسابيع القليلة المقبلة على ترك بصمتها في انتخابات بعض الاتحادات الأساسية».
إعادة إحياء المؤسسات الديموقراطية، إصلاح الجهاز القضائي، تطهير الإدارة العامة وإعادة هيكلتها، ردّ الاعتبار لدور التربية... كلّها نقاط أساسية في البرنامج السياسي للتيار الوطني الحرّ. وكم تبدو المفارقة كبيرة هنا، لأنه إذا أضفنا مشتقات كلمة الرياضة إلى هذه الجمل المفيدة ستكون في محلّها. ألا تحتاج الرياضة إلى خطوات إصلاحية مشابهة؟


أعضاء اللجنة الخماسية

تضمّ اللجنة الخماسية التي أسّسها التيار الوطني الحرّ: جهاد سلامة (محاضر دولي وأمين سرّ نادي مون لا سال)، ميشال دوشدرفيان (رئيس الاتحاد اللبناني لكرة الطاولة سابقاً)، إيلي سعادة (رئيس قسم الرياضة في محطة أو تي في)، جو كوبلي (رئيس نادي الراسينغ سابقاً) وإيلي نصار (رئيس قسم الرياضة في صحيفة صدى البلد)