منذ دخولها الساحة السورية قبل أعوام ثلاثة، استطاعت روسيا كسب أوراق رابحة نصّبتها وسيطاً سياسياً وميدانياً مقبولاً لدى أطراف متنازعين عديدين، ويمتلك في الوقت نفسه زخماً عسكرياً يمكنّه من تغيير كفّة التفاوض حين الضرورة. فإلى جانب مساهمتها الكبيرة في تغيير خريطة السيطرة لصالح دمشق بدعم ميداني وتفاهمات إقليمية ودولية، بات ما رسمته في مسارات التفاوض الموازية لمحادثات جنيف، مدخلاً شبه وحيد إلى «التسوية السياسية» التي ترعاها الأمم المتحدة. ووسط تركيز ـــ في تعاملها مع الملف السوري ـــ على العمل ضمن إطار «الشرعية الدولية»، طوّرت موسكو علاقتها مع الدول الإقليمية، مستغلّة فرص تحالفات تكتيكية أتاحتها تطورات السنوات الأخيرة، لتحجز لها دوراً متنامياً في المنطقة، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، ولتكون اليوم اللاعب الأول في الميدان السوري. موسكو، رغم خطأ تقدير قيادتها في البداية أن تدخّلها سيقلب الموازين سريعاً، إلا أنها نجحت في الهروب من «مستنقع» بشّرت به (وعملت عليه) أميركا وتركيا ودول أخرى