قرّر جيش العدو تزويد تشكيلاته في الضفة بالمزيد من الوسائل القتالية والجيبات المصفَّحة الحديثة
وفي ظلّ تصاعد حالة المقاومة في الأراضي المحتلّة، قرّر جيش العدو تزويد تشكيلاته هناك بالمزيد من الوسائل القتالية والجيبات المصفَّحة الحديثة، عبر صفقة بمئات ملايين الشواكل، تشمل نحو 2500 سترة واقية ضدّ الرصاص، و50 مركبة جديدة مضادّة للرصاص والحجارة، في مسعى منه لتعزيز الحماية للقوات المشاركة في عملية «كاسر الأمواج» التي يشنّها في الضفة منذ الربيع الماضي. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن كمّية الوسائل المذكورة تُعدّ الأكبر التي يعتزم الجيش التزوّد بها خلال العقد الأخير. في هذا الوقت، تتواصل التكهّنات بخصوص ما يمكن أن يُحدثه تولّي زعيم حزب «عظَمة يهودية»، إيتمار بن غفير، وزارة الأمن الداخلي، على الأوضاع الميدانية. إذ رأى المحلّل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن زيارة لبن غفير إلى المسجد الأقصى تحت حماية كثيفة من عناصر الشرطة، مثلاً، ستؤدّي إلى مواجهات في القدس القديمة، فيما لن تستطيع حركة «حماس» أن تبْقى صامتة على ذلك، محذّراً من أن «الضفة الغربية قابلة جدّاً للاشتعال، إلى درجة أن عود ثقاب آخر سيؤدّي إلى اشتعالها، وفي هذا التوقيت يختار نتنياهو إدخال مُشعلي النيران المركزيين (من الصهيونية الدينية) إلى الحلبة».
إزاء ذلك، لا يبدو أنه سيكون أمام الفلسطينيين، في المرحلة المقبلة، سوى المقاومة، وهو الخيار الذي لم يكن، في واقع الأمر، بمتناول أيديهم سواه في أيّ يوم من الأيام؛ إذ لا يختلف اليمين المتطرّف واليسار والوسط وبقيّة ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي، على تعدّد التسميات والتصنيفات، على الأهداف العريضة المتمثّلة في تكريس الاحتلال وتقويته، وحرمان الشعب الفلسطيني حقوقه، فيما الاختلافات تكاد لا تتجاوز القشور. وفي هذا الإطار، يرى مدير «مركز يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية»، سليمان بشارات، أن «المشهد الفلسطيني يتكامل في كلّ ساحاته، خاصة مع تدحرج الوضع الميداني الأمني في الضفة الغربية منذ أشهر»، معتبراً، في حديث إلى «الأخبار»، أن «نتائج الانتخابات الإسرائيلية هي انعكاس طبيعي لحالة اليمينية المتطرّفة في إسرائيل، وهذا الأمر يعزّز إمكانية الذهاب إلى تصعيد ميداني، استجابةً لأمرَين مرتبطَين بطبيعة الأحداث التي تجري على الأرض، وطبيعة السياسات الإسرائيلية القادمة»، والتي «ستتحكّم بها الأحزاب اليمينية وقادة المستوطنين».
ويشير بشارات إلى أن «الجانب الرسمي الفلسطيني لا يملك أيّ خيارات، كونه يفتقر إلى حاضنة سياسية إقليمية أو دولية، كما أن القيادة الفلسطينية منشغلة ومنكفئة على ذاتها، وتعاني من عدم استقرار في ظلّ البحث عن بديل وخليفة لأبو مازن، حيث باتت هذه القضية تؤرّق المؤسّسة الرسمية، على حساب البُعد الوطني أو العلاقة السياسية مع الاحتلال». وفي المقابل، يُعرب الباحث عن اعتقاده بأن «الشارع الفلسطيني بدأ يعود، على ضوء الأحداث الأخيرة في الضفة، إلى الحشد الوطني والشعبي والثوري، الذي يذكّرنا بالانتفاضتَين السابقتَين، على رغم الغياب الواضح للفصائل الفلسطينية عن العمل، لكن ذلك قد لا يطول، إذ إن الفعل الشعبي قد يشكّل ضغطاً على الفصائل لتعزيز عملها، ومثال ذلك ما جرى خلال الأيام الماضية من عمليات إطلاق نار ودهس وطعن، تُظهر استلام الشعب لزمام المواجهة مع الاحتلال، وشعوره بالنشوة بعد سنوات من الإحباط، وانبعاث الهوية والروح الوطنية من خلال نماذج جنين ونابلس والخليل وشعفاط». ويَحتمل بشارات أن يكون إطلاق القذائف الصاروخية، مساء الخميس، من قطاع غزة نحو مستوطنات «الغلاف»، «مثالاً عملياً حول قدرة الفعل الشعبي على الضغط على الفصائل وسحبها إلى مربّع المواجهة، وهذا قد يعيدنا إلى ما جرى من أحداث في سيف القدس»، مستنتِجاً أنه «إذا ما استمرّ الاحتلال الإسرائيلي، في المرحلة المقبلة، في تصعيد عمليات الاغتيال كما جرى في جنين ونابلس، فإن ذلك سيؤدّي إلى ردّات فعل وتحريك الفعل الثوري، كما يمكن أن يُدخل شرائح مجتمعية جديدة بشكل تلقائي إلى دائرة المواجهة، ويَدفع نحو تصعيد ميداني بصورة أكبر ممّا يجري حالياً».