شاتيلا | قلّة في مخيّم شاتيلا تذكر تلك «الملصقات السرية» التي وزعت داخل المخيم أثناء الانتفاضة الثانية. فحوى تلك الملصقات لم يكن يهدف الى ثورة مسلحة ولا إلى تغيير اللجان الشعبية وتطهير الفساد المستشري في الأونروا وأخواتها. بكل بساطة، كانت الملصقات عبارة عن دعوة الى مقاطعة البضائع الداعمة لإسرائيل. الموقعون على الملصقات لم يكونوا إلا مجموعة من شباب المخيم أسبغوا طابع السرية على عملهم بهدف إثارة التشويق على نشاطهم.
«نجحنا الى حد ما»، كما يروي أحد المشاركين من شباب المخيم، ويضيف «ومشيت المقاطعة منيح أيامها». اليوم، وبعد مرور سنوات، لا تزال الدكاكين الصغيرة في مخيم شاتيلا كما في المخيمات الفلسطينية تعج بالبضائع الداعمة للكيان. وبينما انشغل الرأي العام في ضاحية ماركفيل (إحدى ضواحي سيدني) الشهر الفائت بالحملة الانتخابية لمنصب نائب عن ولاية نيو ساوث ويلز، استحوذ موضوع مقاطعة إسرائيل على الحيز الأكبر من الحملة الانتخابية. فشن اللوبي الصهيوني حملة شرسة على رئيسة المجلس البلدي في ماركفيل «فيونا بيرن» المرشحة عن حزب الخضر. والسبب هو توقيع بيرن (إضافة الى أعضاء المجلس البلدي كافة) على اتفاقية مقاطعة إسرائيل (والمعروفة «بي دي اس») وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها. هكذا، دفعت بيرن ثمن مواقفها الداعمة «لحقوق الإنسان الفلسطيني» حيث عقّبت على خسارتها بـ 600 صوت من أصل 50 ألفاً «أشعر بالفخر لما فعلناه في المجلس البلدي ودعمنا لحقوق الإنسان الفلسطيني». خسارة بيرن للمنصب بفضل حملة اللوبي الصهيوني لن تثني المجلس البلدي في ماركفيل عن البدء هذا الشهر بتنفيذ الخطوات العملية بمنع بيع البضائع الإسرائيلية في المحال التجارية لضاحية ماركفيل. خطوة ليست الأولى من نوعها، فقد وقّع ائتلاف لنقابات عمالية «على اتفاقية المقاطعة»، ليتبعها نقابات عمال قطاع الخدمات ونقابات العمال والمرافئ، حيث ساهموا في الحملة العالمية لمقاطعة شركة «زيم» للنقل البحري أسوة بالهند والسويد، إضافة الى جنوب أفريقيا. السلطة الفلسطينية كانت حاضرة في نقاشات النقابات العمالية الأوسترالية، حيث استفاد مناوئو الحملة من تصريحات ممثل السلطة في أوستراليا عزت عبد الهادي الذي طالب بمقاطعة منتجات «المستوطنات غير القانونية فقط». لكن الناشطين في الحملة طالبوا بالالتزام بالسقف الأعلى وهو مقاطعة كافة «البضائع الإسرائيلية»، أسوة بالعمال الفلسطينيين حيث كانوا السباقين الى المقاطعة، على الرغم من أن الدعوة ستؤدي الى خفض فرص العمل في المصانع «الإسرائيلية» وهي أهم مرتكزات فرص العمل للعامل الفلسطيني. هكذا تؤتي حملة المقاطعة أكلها في مناطق متفرقة من العالم، ففي النروج مثلاً تبنّت نقابة الكهربائيين وموظفي قطاع أنظمة المعلومات (تضم 37000 عامل)، وهي جزء من اتحاد النقابات النروجي الضخم، مقاطعة إسرائيل في مؤتمرها السنوي، وبالإجماع. كما تسعى النقابة كي تأخذ النروج زمام المبادرة في الأمم المتحدة إلى دفع المجتمع الدولي لتبنّي العقوبات ضد إسرائيل. هكذا تحقق الحملة نجاحاً على الصعيد العالمي، فيما لم ترتق الدعوة في المخيمات الفلسطينية ومحيطها العربي الى مستوى الإيمان بالمقاطعة كسلاح فعال، قد لا يقل أهمية عن سلاح المقاومة المسلحة.



تهديد الحكومة الأوسترالية

بعد تهديد الحكومة الفيدرالية الأوسترالية وحكومة ولاية نيو ساوث ويلز بحلّ المجلس البلدي لضاحية ماركفيل، اضطر المجلس الى اتخاذ قرار بالانسحاب من حملة المقاطعة. فقد صوّت 8 من أعضاء المجلس في 19 من الشهر الجاري ضد الدخول في الحملة، بينما أصرّت رئيسة البلدية فيونا بيرن مع ثلاثة أعضاء على موقفها السابق. وذكر بيان الانسحاب أنه لا يزال على مواقفه السابقة الداعمة لحق العودة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وهدم جدار الفصل.