نهار الأحد الماضي، في الخامس عشر من أيار 2011، خلال الاحتفال السلمي بالذكرى الثالثة والستين للنكبة الفلسطينية والعربية، قتلت إسرائيل أحد عشر شاباً من المشاركين في الاحتفال، وأصابت أكثر من أربعين منهم بجروح خطرة. قتلت إسرائيل هؤلاء الشباب بدم بارد، بينما كانوا يتحركون على الأراضي اللبنانية. اختار القتلة الصهاينة ضحاياهم بهدوء، من بين مئات من الشباب والصبايا العزّل الذين تجمعوا على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، خلف سياج العار العربي. أتوا من جميع أنحاء لبنان، من المخيمات الفلسطينية حيث سجنوا وعزلوا عن باقي العالم منذ ولادتهم، من البيوت المتهالكة التي لا تعرف الشمس، ومن الأزقة الغارقة في مياه الصرف الصحي. أتوا من حياة لا آفاق فيها، لا أمل ولا حرية. إلا أن بعضهم أيضاً أتى من أحياء المدن الثرية ومن جامعاتها النخبوية. بعضهم كان يحمل وثيقة، وبعضهم كان يحمل بطاقة من الأونروا، لكن بعضهم أيضاً كان يحمل الهوية اللبنانية، أو حتى جواز سفر من دولة غربية. كانوا أغنياء، كانوا فقراء، كانت لديهم أوراق ثبوتية، أو لم يكن بحوزتهم أي منها، لكنهم كانوا كثراً وكانوا يتشاركون هوية واحدة: فلسطين. جاؤوا ليصرخوا عالياً في وجه المحتل، ليقولوا للعالم بأجمعه إنهم تواقون إلى فلسطين، إنهم سيعودون، وإنهم مستعدون لأي تضحية حتى يحققوا هدفهم هذا. جاؤوا ليهتفوا بالصوت العالي أنهم، هم، لبنانيون، فلسطينيون وعرب، لا يعترفون بأي جنسية أخرى سوى فلسطين. تلك كانت جريمتهم: أن يتذكروا، أن يتوقوا، وأن يتلهفوا على أرض فلسطين وسمائها، على شواطئ حيفا وضفاف نهر الأردن. إلا أنه في عالم اليوم، الذي يديره حماة الصهيونية من العرب والإسرائيليين، الإعدام العلني هو الحكم الوحيد الذي يليق بتهمة الإنتماء إلى فلسطين.