«الدخان سيتصاعد، لن تكون هناك أي طريقة لوقفه، ولا أي طريقة لإطفاء النيران. أمّ الحرائق. قنبلة غازية. خمسة أيام متواصلة من الاشتعال. منطقة الكارثة ستتطلب تطهيراً يستغرق أعواماً. أحياء كاملة ستكون فارغة من السكان. عاصفة نارية. 25 ألف إصابة. شعاع تأثير يمتد إلى خمسة كيلومترات.
لا أمل في عمليات الإنقاذ. لا أمل في العلاج الفعال. فوكوشيما إسرائيلي».
هكذا، وفقاً لتقديرات خبراء إسرائيليين نشرتها صحيفة «معاريف»، يُفترض أن يبدو خليج حيفا في حال انطلاق صافرة إنذار حقيقية تعلن سقوط صواريخ على المنشآت النفطية والبتروكيماوية الموجودة في المكان في حال اندلاع مواجهة عسكرية. فما لم يقله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في تهديده أمس، بقصف أهداف تحوّل حياة عشرات آلاف الصهاينة إلى حجيم، تكفلت صحيفة معاريف بكشفه، في تقرير نشرته قبل أيام. وقدمت معاريف شرحاً تفصيليا عن طبيعة المنشآت الموجودة في منطقة حيفا وشمالها، مشيرة إلى أنها تتكوّن من «مثلث خطير جذاب بالنسبة إلى الأعداء».
ويضم هذا المثلث «المصانع البتروكيمائية والبيوكيميائية ومصافي النفط والغاز، إضافة إلى عدد من حاويات الأمونيا الكبيرة ومنشآة هيدروجين ومستوعبات الأثيلين». وتنقل «معاريف» عن أحد الخبراء قوله إنه لن يكون ممكناً السيطرة على حريق ضخم بهذا الحجم حتى لو جرى تجنيد ألف شخص إضافي في منظومة الإطفاء في إسرائيل.
ويرى خبراء أن هذا السيناريو المرعب ليس خيالياً ولا ينبغي تجاهله. ويرى هؤلاء الخبراء أن مقاربة الشركات المالكة للمنشآت، وكذلك الدولة، المبنية على استنتاجات لجنة أُلّفت بعد حرب لبنان الثانية، التي تعتمد على أن المخاطر لن تتجاوز جدران المنشآت، «هي عبارة عن وهم».
وبرغم أن إجراءات السلامة في المكان تعد بين الأحدث في العالم، فإن حادثاً حربياً قد يجعل المشهد يبدو مختلفا. ويقول أحد الخبراء إن «الاستعداد الأفضل في العالم لا يمكن أن يمنع صاروخاً يحمل رأسا انفجاريا بزنة 500 كيلوغرام من أن يخترق حاوية ويدمر كل البنية التحتية المحيطة بها. لا يوجد في العالم إجراء أو تدبير يؤمن الحماية ضد الحرب».
ووفقاً لتقديرات خبراء من معهد «تخنيون» للعلوم التقنية وخبراء إطفاء، فإن عاصفة النار ستكون بحجم يؤدي إلى إصابة نحو 25 ألف شخص ضمن شعاع خمسة كيلومترات من بؤرة النار.
وكانت بلدية حيفا قد طلبت بعد حرب لبنان الثانية من شركة بريطانية إعداد تقرير عن المخاطر المفترضة الناشئة عن إصابة حاوية الأمونيا وحدها. وقدرت الشركة، من دون الأخذ بالحسبان الكثافة السكانية الموجودة في المكان، أن اندلاع حريق في الحاوية سيؤدي إلى تمدد سحابة ضخمة حجم رقعتها نحو 16 كيلومتراً، وهو حجم يغطي مدينة عكا وشمالها. ويشير البروفسور عاموس ناطواع من معهد تخنيون إلى أن «أبحاثاً جرت في نهاية التسعينيات قدرت أن عدد الإصابات سيكون 70 ألفا»، بل إن تقريراً لمراقب الدولة عام 2003 يتحدث عن رقم أكبر من ذلك.
أما بالنسبة إلى عمليات الإخلاء، فإن عدد الذين يفترض إخلاؤهم من منطقة الخطر يبلغ نحو 300 ألف، وهو أمر سيواجه صعوبات. ويرى البروفسور آفي كيرشنباوم، الخبير في إدارة الكوارث من معهد «تخنيون»، أن عمليات الإخلاء لن تكون فعالة في كل الأحوال «وإذا بدأنا بالفرار، فسوف نتعرض للخطر على نحو أكبر».
يضيف كيرشنباوم: «من أجل إطفاء الحريق في الكرمل، ستكون هناك حاجة إلى تجنيد كل رجال الإطفاء في أرجاء البلاد، وكذلك من خارجها، لكن ما هي فرص أن تنحصر الحرب في منطقة الشمال فقط؟ ماذا سيحصل إذا ما وقع هجوم متزامن على منشآت حيفا، وكذلك على المنشآت الموجودة في ميناء أشدود وعلى مفاعل ديمونا؟ هل سيكون هناك أصلاً من يأتي ليقدم المساعدة؟ المسألة ليست فقط الأشخاص الذين سيقتلون أو الإصابات المباشرة من النار والمواد الكيميائية. من الذي سيهتم بعشرات آلاف الجثث؟ ما الذي سيحدث من الناحية الاجتماعية؟ أحياء كاملة ستكون خالية من الناس على مدى أعوام».
ويقول الدكتور أفرايم ليؤور، الذي رأس طاقم التوجيه الحكومي للاستعداد للهزات الأرضية، إن التكنولوجيا التي تحيط بالمنشآت لا ترتبط بالحماية من الحرب أو الهجمات الإرهابية أو الهزات الأرضية. لا توجد نقطة في خليج حيفا غير معروفة للعدو، أو أنه غير قادر على استهدافها. وإذا كان صاروخ واحد لا يكفي لتحقيق الضرر المطلوب، فإنه سيرمي عشرة صواريخ أو مئة أو ألف صاروخ، والعدو يمتلك الكميات المطلوبة».