نزل عشرات الآلاف من المصريين أمس إلى الشوارع في «جمعة غضب» جديدة، احتجاجاً على بطء التغيير الذي وعد به الجيش المصري، الذي يمسك بمقاليد السلطة منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك في شباط الماضي عاد آلاف المصريين أمس إلى التظاهرات في القاهرة ومدن أخرى، سمَّوها تظاهرات «جمعة الغضب الثانية»، غاب عنها «الإخوان»، رافعين مطالب يقولون إنها لم تتحقق منذ إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك في شباط الماضي، ومنها سرعة محاكمته ومحاكمة ابنيه علاء وجمال وكبار مسؤولي حكومته وحزبه. وتقول الحركات والأحزاب السياسية التي دعت إلى التظاهرات، إن المحافظين الجدد والقدامى الذين عُينوا قبل أسابيع ينتمون إلى الحزب الوطني الديموقراطي الذي ظل يحكم مصر إلى أن أطيح مبارك. ومن بين مَن عينوا محافظين عدد من الألوية المتقاعدين من الجيش والشرطة.
كذلك يقول المحتجون بأن وضع دستور جديد للبلاد يجب ألا ينتظر الانتخابات التشريعية التي ستجري أواخر العام، والتي يتوقع أن يفوز بالأغلبية فيها أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وأعضاء في الحزب الوطني الديموقراطي المنحل. ويطالبون بإرجاء الانتخابات لحين تمكن الأحزاب التي أنشئت بعد سقوط مبارك من تكوين قواعد مؤيدة لها، فيما يقول قضاة بارزون وسياسيون ونشطاء إن استقلال القضاء لم يتحقق منذ سقوط مبارك، ويطالبون بتغيير النائب العام المستشار عبد المجيد محمود الذي عينه الرئيس السابق.
وتأكيداً لتمسكهم بتحقيق هذه المطالب، رفع المتظاهرون في ميدان التحرير، الذين قدرت أعدادهم بقرابة سبعين ألفاً، لافتات كتبت عليها عبارات «الشعب يريد محافظين وطنيين ولاؤهم للشعب مش للنظام»، و«الشعب يريد تطهير القضاء» و«دستور قبل الانتخابات وعدالة لكل التيارات»، فيما فضل المجلس الأعلى للقوات المسلحة إبعاد قوات الجيش والأمن عن أماكن التظاهر، بعدما حذرت إحدى الصحف من أن بلطجية يعتزمون تخريب التظاهرات لإفساد العلاقة بين الجيش والشعب.
وقال مصطفى المنشاوي: «بعد نحو 1000 شهيد، الناس لا يرون تغييراً»، فيما أكد محمد عادل من حركة شباب «6 أبريل»، إحدى الحركات الداعية إلى التظاهرات: «نريد حل كل المجالس المحلية التي اشتهرت بأنها أكثر وأسوأ المؤسسات فساداً في نظام مبارك». وأضاف: «نطالب أيضاً بأن تشارك كل القوى السياسية في صياغة القوانين السياسية المهمة».
وفي مدينة السويس، خرج آلاف المتظاهرين بعد صلاة الجمعة في تظاهرة حاشدة للمشاركة في جمعة الغضب الثانية في ميدان الإسعاف بحي الأربعين. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بتطهير الإعلام من رموز نظام مبارك، وتندد بحركة الإخوان المسلمين التي رفضت المشاركة في التظاهرات بعدما أعربت عن قلقها من أن تحدث هذه التظاهرات وقيعة بين الشعب والجيش تهدد نجاح العملية الانتقالية.
ورغم إعلان جماعة الإخوان المسلمين عزوفها عن التظاهر، إلا أن أعضاء في الجماعة شاركوا في التظاهرات التي شهدتها مدينة الإسكندرية، رافعين لافتات كتبت عليها عبارات تقول «الشعب يريد تصحيح مسار الثورة» و«متى نحاكم الخونة والمرتشين؟».
كذلك رفع المحتجون لافتات تطالب بـ«القصاص ممن بث السرطان في أجساد المصريين»، في إشارة إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الأسبق يوسف والي، الذي كان مقرباً من مبارك، والذي طالب حكم قضائي قبل سنوات بالتحقيق معه بتهمة السماح باستيراد مبيدات مسرطنة.
وشارك ألوف النشطاء في التظاهرات بمدينة الإسكندرية.
كذلك شارك مئات النشطاء في تظاهرات في مدن الإسماعيلية وبورسعيد والعريش. وفي دمياط، ردد المئات من المتظاهرين هتافات تقول: «يا اللي قاعدين في القصور عايزين حد أدنى للأجور».
وفي مدينة ملوي بمحافظة المنيا جنوبي القاهرة، ارتدى نحو 150 متظاهراً ملابس سوداء «حزناً على ما لم يتحقق من أهداف الثورة»، بحسب الناشط نادي عاطف.
أما في مدينة المنيا عاصمة المحافظة، فشارك مئات النشطاء في مسيرة رددوا خلالها هتافات تقول: «حد أدنى للأجور قبل الشعب ما كله يثور»، و«عندنا أزمة في الأنابيب (وقود الطهي) وغازنا رايح تل أبيب»، في إشارة إلى تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل بأسعار متدنية بحسب النيابة العامة التي أحالت وزيراً سابقاً وستة من مسؤولي قطاع الطاقة السابقين على محكمة الجنايات بسبب ذلك.
ولم يغب سكان مدينة شرم الشيخ في محافظة جنوب سيناء عن التحركات الاحتجاجية، وشاركوا في مسيرة توقفت بالقرب من مستشفى شرم الشيخ الدولي، حيث يعالج مبارك، مطالبين برحيله عن المدينة. ويقول عاملون في السياحة بالمدينة، وهي منتجع مشهور دولياً، إن وجود مبارك في المدينة يعوق تدفق السائحين إليها من جديد.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)