فاطمة داوود
لا تبحثوا عن طوني بارود على شاشة التلفزيون...
إنّه ابتداء من الثلاثاء المقبل على خشبة المسرح. المقدّم المعروف يخوض للمرّة الأولى تجربة التمثيل، عبر مونولوغ كوميدي ساخر يبعدنا عن “سموم السياسة”


عادت الحركة إلى مسرح “الاتينيه” ــ جونيه، منذ ثلاثة أشهر، بعد فترة طويلة من الركود خلال الصيف، لتعلن عن بدء اقتراب عرض مسرحية “كلمتان عالواقف” للمقدم طوني بارود. كتب كميل سلامة النص الكوميدي، ويخرجه داني بستاني، وهو “ببساطة، فقرات مونولوغ تسلّط الضوء على قضايا اجتماعية نافرة في لبنان بأسلوب ساخر ومضحك”، كما يوضح بارود في حديثه إلى “الأخبار”.
استلهم الكاتب عنوان المسرحية الخفيف من إطار الـ stand up comedy، لذا جاء ترجمة حرفية لطبيعة هذا المسرح الذي يرتكز على وقوف الممثل منفرداً أمام الجمهور من دون الاعتماد على ديكورات خاصة، باستثناء الضوء المسلّط على طوني وكرسي خشبية، وصوت الممثلة باسكال حرفوش المتسلل من وراء الستارة.
يرفض بارود مقارنته بممثلين وقفوا سابقاً منفردين على خشبة المسرح مثل رفيق علي أحمد وسامي خياط، قائلاً: “كلاهما يختلف عنّي شكلاً ومضموناً. وفيما سلّط رفيق علي أحمد، من خلال المونودراما المسرحية، الضوء على قصص الناس المهمشين وحكاياهم، انصرف خياط إلى الكوميديا الساخرة عبر تقليد شخصيات السياسة والمجتمع. أما أنا فأقف في الوسط. لن أغدق الوعود على الناس بتلقّي جرعات كبيرة من الضحك، إذ أسعى إلى الترفيه عنهم فحسب، وتـــــــمرير رسائل اجتماعية من خلال مواضـيع محبوكة ومـــــرتبطة ببعضها... ولا خروج عن النصّ الذي يتألـــــــف مــــــــــن 35 صفــــحة إلاّ في ما ندر”.
ماذا سيقول بارود للبنانيين؟ يجيب ضاحكاً: “اعتدنا اختصار الكلمات الأجنبية بطريقة مضحكة. نقول مثلاً: Fac بدل Faculté، وDT عوض Down Town. لمَ لا نفعل الشيء نفسه في اللغة العربية، فنقول: “صب” عوض صباح، و“قه” عوض قهوة، و“تر” بدل ترمس، و“أص” بدل اصحابي... هناك أيضاً عادات المجتمع المضحكة مثل إصرار إحدى السيدات على شراء المجلات الفنية وأخذها الى صديقاتها، ليبدأ القيل والقال أثناء احتساء القهوة”. إلا أن أكثر ما يتجنبه هو الغوص في الصراعات السياسية والانقسامات الراهنة الحادة في لبنان، “ستدور المسرحية في فلك هذه الامور، إنما بانتباه شديد. لبنان في العرض هو مثل الريموت كونترول الذي يتقاتل عليه الأفرقاء حتى يخرّبوه، على أساس أن من الحب ما قتل”. وهو يتوقع ألا يظهر قوس قزح في السماء هذا العام، “لأن ألوانه باتت ترمز إلى أعلام الأطراف المتناحرة. لذا، لن أضيع وقتي في البحث في مستنقع الأزمة السياسية. أؤمن بالتعايش وأرفض الانحياز”.
لكن ما الذي أتى بالرياضي ومقدم برامج المنوعات إلى المسرح؟ وهل يسعى إلى أي كسب مادي بعدما تولى إنتاج العمل على نفقته الخاصة؟ يجيب بصوت عال: “يمثّل هذا العمل تحدياً لكل التجارب السابقة التي اختبرتها في التلفزيون. قدم لي برنامج “اكتشفنا البارود” فرصة التعبير عن نفسي من خلال دقيقتين فقط في مقدمة كل حلقة. أما المسرحية فتستمر الى ساعة ونصف تقريباً، أعيش خلالها مرحلة من الانضباط والتمرينات المتواصلة، حتى أتجنّب النقد اللاذع”.
لكن ألا يخشى اتهامه بالتعدّي على التمثيل؟ يدافع عن موقفه بحزم: “لا أتعدى على التمثيل. خضت سابقاً التجربة في مسرح “الشانسونيه”. واليوم، سأخاطب الناس بطريقتي الخاصة. قدمت مشاهد من العرض أمام أصدقائي، خصوصاً أولئك الذين يضحكون بصعوبة، إضافة إلى المخرج سيمون أسمر. جميعم أبدوا إعجابهم بالعمل... رصدت ميزانية كبيرة للعمل لأنني أحببته بعد أن عرضه عليّ كميل سلامة، ولو نجحت جماهيرياً فسأعرضها في أميركا وأوروبا”، معوّلاً بذلك على نجوميته التفلزيونية.
على رغم ذلك، لا يخشى بارود النقد السلبي، فقد اعتاد محبة الجمهور والصحافة، وإن كان ذلك شرّاً لا بد منه. لكنه يتوجه في المقابل إلى من يقف له بالمرصاد: “أريد ان يحكموا عليّ بضمير مهني، وألاّ ينسوا أنني أقف منفرداً على المسرح لمدة ساعة ونصف، سأسرد خلالها مواضيع ترفيهية من دون مساعدة أحد، لا بد من أن يأخذوا بهذه الاعتبارات، ثمّ فليحكموا عليّ كما يشاؤون”.
“كلماتان عالواقف” من إنتاج شركة P.R COM التي يملكها بارود وزوجته كريستينا صوايا. والعرض سيتواصل يومي الجمعة والسبت من كلّ أسبوع، بدءاً من مساء الثلثاء المقبل، عشية الافتتاح الخاص للعمل، على أن يستقبل الجمهور مساء 19 الشهر الجاري.
وسط التجارب العديدة التي خبرها طوني بارود على مدى سنوات وبعد تقديم برامج عدة، يصف المسرح بالنافذة التي ستفتح أمامه باب السينما، متمنياً خوض التجربة باحتراف عال. لكن الخشبة لن تسرقه طويلاً من شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال حيث بدأت في الكواليس التحضيرات اللازمة لإطلاق برنامج ترفيهي منوّع، وهو يصرّ على ان: “الأولوية القصوى في حياتي المهنية تعود لتقديم البرامج في LBC”.
في النهاية، لا يخشى بارود المجازفة بإنتاج عمل مسرحي في ظلّ الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان. هو يرى أن الناس ملّوا الأخبار السيئة وتصريحات السياسيين على الشاشة التي باتت أشبه بسموم قاتلة، و“باتوا بحاجة ماسة إلى من يسرق لهم بعض لحظات الفرح”.

“كلمتان عالواقف”، ابتداء من الثلاثاء المقبل على خشبة “الأتينيه” ــ جونيه