تونس | خلال حكم زين العابدين بن علي، واجهت قناة «حنبعل تي. في.» انتقادات بسبب علاقتها الوثيقة بالنظام. أما بعد الثورة، فقد اختارت المحطة التونسية، ابتكار شعار جديد هو «صوت الشعب»، في محاولة منها للتماهي مع روح «تونس الجديدة»، لكن يبدو أن هذه الحيلة لم تنطلِ على التونسيين، الذين أطلقوا حملات على الشبكة العنكبوتية ضد مالكها العربي نصرة وقناته. وجاءت هذه الحملة في وقت تعرض فيه «حنبعل تي. في.» تقارير إخبارية «مشبوهة»، إذ تجول كاميرا المحطة على مجموعة من السكان البسطاء، الذين يبدأون بكيل المديح والإطراء لصاحب المحطة، دون وجود أيّ سبب لذلك.
إذاً باتت القناة تعرض على نحو شبه دائم مقابلات مع مواطنين مجهولي الهوية يشكرون فيها العربي نصرة، الذي كان من المقربين من الرئيس المخلوع.
وهو ما دفع البعض إلى طرح علامات استفهام عن نية الرجل تبييض صورته وصفحته، وسعيه إلى الوصول إلى منصب سياسي بارز في المستقبل، لكن هذه التقارير أثارت غضب أهالي مدينة جندوبة، الذين أصدروا بياناً عبروا فيه عن أسفهم لما «أقدمت عليه قناة «حنبعل» من بث لمقابلات سجّلتها مع بعض أهالي المنطقة، مستغلة بعض المهمّشين والفقراء وبعض المأجورين... لبث حملة دعائية هدفها تلميع صورة المدعو العربي نصرة، ومناشدته الترشح للانتخابات الرئاسية، ما أعاد إلى الأذهان بعض ممارسات العهد السابق». وهذا الواقع دفع البعض إلى إطلاق لقب جديد على العربي نصرة هو «بن علي الجديد».
لكن الانتقادات التي تواجه هذه القناة لم تقف عند هذا الحدّ، بل جاءت استضافة المحطة للشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي لتزيد الطين بلة. وكان من المفترض أن يدور الحوار في هذه الحلقة الثقافية حول أعمال البرغوثي الشعرية ونتاجه الأدبي، إلا أن المقدِّم لطفي العماري، أخذ الحلقة إلى مكان آخر، إذ ركّز على أفكار البرغوثي السياسية، في ما يشبه حملة محاكمة لتوجهات الرجل ودعمه لخط المقاومة في العالم العربي. وهو ما دفع بالبرغوثي إلى مغادرة تونس ملغياً مشاركته في عدد من النشاطات الثقافية. حتى إن الشاعر الفلسطيني أصدر بياناً ونشره على صفحته على «فايسبوك» جاء فيه: «الشكر لأهل تونس الكرام (...) أما بعض المذيعين الذين أهانوا المثقفين المصريين، والثورة المصرية، والمقاومة اللبنانية، فشباب تونس كفيل بهم... أهانوا المصريين أمام الكاميرا، وأهانوا البوعزيزي وراءها. يا أهل تونس لن يوقِع بيننا وبينكم ذيول بن علي وذيول مبارك، نحبكم على الحلو والمر».
أما لطفي العماري الذي كان قبل أشهر من المستميتين في الدفاع عن نظام الاستبداد المخلوع، فقد نشر مقالةً في صحيفة «حقائق» كتب فيها أن ما حدث «مغالطة متعمّدة من ذاك الشاعر الذي سارع إلى العودة إلى مصر ليشنّ حملة شعواء تقطر افتراءً وبهتاناً»، لكن على ما يبدو، لم يتذكّر هذا الإعلامي الحملة التي أطلقها تونسيون من أجل دعوته إلى التوقف عن الكتابة، بعدما وضعه بعضهم في «قائمة العار» للصحافيين المقربين من بن علي.