لم تقتصر اتهامات البعض لحزب الله وسوريا على اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك في ما قد يوصف بأنه جزء من نظريات المؤامرة، عبر اتهام سوريا باغتيال من اغتال الحريري في مقابل صفقة على حساب حزب الله. بعض البرقيات الدبلوماسية الأميركية تضمّنت تحليلات لا تستند على ما يبدو إلى أكثر من أُمنيات.
الرفاعي والرئاسة الفرنسية يتّهمان سوريا
في خريف 2008، قام مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد هيل بجولة على المسؤولين الأردنيين شملت، إضافة إلى الملك عبد الله، رئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي ووزير الخارجية صلاح البشير ورئيس مجلس الشعب زيد الرفاعي وآخرين. ركّزت الاجتماعات على المساعدات الأميركية للأردن، لكن أحد محاضر السفارة الأميركية في عمّان (البرقية رقم 08AMMAN3189 تاريخ 25 تشرين الثاني 2008) يشير إلى كلام لافت ورد عن الرفاعي أثناء اجتماعه بهايل؛ إذ جاء في البرقية أن النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدّام قال للرفاعي إن «الشيء الوحيد الذي ورثه بشار عن والده حافظ هو قبوله بأن الاغتيال السياسي هو سبيل مناسبة للتخلص من الخصوم». أضاف السفير الأميركي في الأردن ستيفن بيركروفت إلى نصّ البرقية إشارة بين قوسين جاء فيها أن الرفاعي «تكهّن بأن النظام السوري استهدف رئيس عمليات حزب الله عماد مغنية والمساعد في الأمن الرئاسي السوري العميد محمد سليمان في إطار الجهود للتخلص من كلّ من لديه ارتباط بمقتل الرئيس السابق رفيق الحريري. فإذا انعقدت المحكمة فلن يكون هناك أحد ليدلي بشهادته».
لم تكن الرئاسة الفرنسية بعيدة عن تلك التكهّنات، إذ نقلت إحدى برقيات السفارة الأميركية في باريس (البرقية رقم 08PARIS1717 تاريخ 12 أيلول 2008) حديث جرى بين دبلوماسيين أميركيين ومستشار الرئاسة الفرنسية لشؤون الشرق الأدنى بوريس بويون أشار خلاله هذا الأخير إلى اشتباهه بأن شقيق الرئيس بشار الأسد، ماهر، «ربما كان قد قرّر التخلّص من خصمه سليمان بطريقة نهائية». وتناول بويون «الاحتمال المرتبط بذلك، ومفاده أن ماهر تخلّص من سليمان بالطريقة نفسها التي تخلّص بها من القائد في حزب الله عماد مغنية، وربما حصل ذلك تنفيذاً لأوامر بشّار. ويمكن ربط ذلك بفكرة تنظيف البيت الداخلي، بينما تحتاج سوريا إلى أن تقدم نفسها بصورة محترمة، وتسعى إلى التقرّب من فرنسا و/أو تحتاج إلى التخلّص من الذين يعرفون الكثير».
تكتيك فرنسي: اتهام إيران بدل سوريا
وفي لبنان، كشف النائب وليد جنبلاط للقائم بأعمال السفارة الأميركية في بيروت ويليام غرانت (البرقية رقم 08BEIRUT1075 تاريخ 23 تموز 2008) أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أرسل مبعوثه الخاص كلود غايان للقاء الملك السعودي عبد الله، «الذي وصفه جنبلاط بالداعم الجدي الوحيد لـ14 آذار في العالم العربي. وقال غايان لعبد الله إن السوريين لم يكونوا ضالعين بتفجير دراكار في بيروت عام 1983 الذي أدى الى مقتل 56 فرنسياً في اليوم نفسه لتفجير قاعدة المارينز. المقصود من كلام غايان، بحسب جنبلاط، هو أن الايرانيين هم الذين كانوا وراء الهجوم. وبما أن عماد مغنية هو عميل إيراني، فالقضية أصبحت مغلقة. فهذا يدلّ على أن الإيرانيين كانوا ضالعين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وآخرين. وحذّر جنبلاط من أن ذلك يفخّخ المحكمة».
«شائعات» السفير خوجة
الموقف السعودي من جريمة اغتيال عماد مغنية كان قد عبّر عنه سفير المملكة في بيروت عبد العزيز خوجة خلال اجتماعه بالسفيرة الأميركية ميشيل سيسون في منزله يوم 15 شباط 2008 (البرقية رقم 08BEIRUT271 تاريخ 19 شباط2008) إثر حديثه عن «شائعات» أفادت بأن الولايات المتحدة «عقدت صفقة مع سوريا وأتاحت تلك الصفقة اغتيال المسؤول في حزب الله عماد مغنية. وادعى خوجة أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله كان قد شارك في اجتماع مع مغنية ومسؤولين من الاستخبارات السورية والإيرانية يوم 12 شباط، قبل اغتيال مغنية». (وفي شأن آخر لكن في البرقية نفسها ورد أن «السفير السعودي ادعى أن سوريا تخطّط للسماح بانتخاب ميشال سليمان قبل موعد القمة العربية في دمشق ومن ثمّ اغتياله قبل أن يتمكن من تأليف حكومة. والهدف من وراء ذلك هو إحداث فجوات وفراغات في المؤسسات اللبنانية»).
خوجة قال لسيسون إن «حزب الله يشكك في أن سوريا تقف خلف اغتيال المسؤول في حزب الله عماد مغنية في الليلة التي سبقت 12 شباط. وأشار إلى غياب أي مسؤول سوري عن مراسم تشييع مغنية في بيروت يوم 14 شباط. وادعى أن وزير الخارجية الإيراني، الذي حضر التشييع، أتى لتهدئة حزب الله ومنعه من اتخاذ خطوات باتجاه سوريا». في فقرة أخرى من البرقية «قال خوجة إن الكثيرين في السعودية طرحوا أسئلة عن أسباب اغتيال مغنية، والصفقة المحتملة بين سوريا والولايات المتحدة أو إسرائيل. وذكر شائعة قال إنها متداولة بجدية في بيروت، مفادها أن الولايات المتحدة عقدت صفقة مع سوريا تقضي بأن تنسحب من المحكمة الخاصة مقابل السماح للولايات المتحدة بالحصول على مغنية. وأشار خوجة كذلك إلى شائعة أخرى، تفيد بأن سوريا وإسرائيل عقدتا صفقة أتاحت اغتيال مغنية، وهو هدف إسرائيلي».
ضباط في قوى الأمن: «قصّة نسوان»
«ضباط قوى الأمن الداخلي من المستوى المتوسّط قالوا لمسؤولين في السفارة الأميركية في بيروت (برقية رقم 08BEIRUT237 تاريخ 14 شباط 2008) إنهم يعتقدون أن قوات سورية مرتبطة مباشرة بالرئيس بشار الأسد قد تكون مسؤولة عن اغتيال مغنية، في مسعى منهم للبحث عن تسوية في ظل انسداد الأفق السياسي عبر تخفيف الضغط على سوريا. وتكهّن الضبّاط بأن الهجوم هو عبارة عن ضربة قاسية لحزب الله، قد تؤدي إلى إرباك واسع النطاق. ويعزو هؤلاء الضباط تقويمهم إلى التوتر المزعوم بين الأسد ورئيس الاستخبارات العسكرية آصف شوكت، النابع من خلافات بين زوجتيهما. أضاف ضباط قوى الأمن أن الأسد يزيد من استقلاليته عبر إبعاده مستشارين كانوا يوماً موثوقين لديه».
«هدية إلى الأميركيين» وهدايا أخرى
«سفير لبنان السابق في الولايات المتحدة سيمون كرم ورئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون عدّا تصفية مغنية هدية للأميركيين» كما ورد في البرقية نفسها (رقم 08BEIRUT237). أما وليد جنبلاط، فقال للأميركيين: «إما أن الإسرائليين قتلوه، أو أن السوريين، وفي الحالتين مقتله يُعَدّ أخباراً جيدة».
البرقية تستطلع أيضاً موقف وزير الداخلية آنذاك حسن السبع الذي قال للسفيرة سيسون: «ربما أرادت سوريا بعث رسالة إلى حزب الله أو إلى الولايات المتحدة، أو ربما هناك انقسام داخل حزب الله». لكن ما هو أكثر استغراباً في نصّ البرقية، ما قاله النائب عن كتلة التيار الوطني الحرّ غسان مخيبر للأميركيين بشأن اغتيال مغنية؛ إذ ورد في البرقية أن مخيبر «عبّر في حديث خاص مع مسؤولين في السفارة الأميركية في بيروت عن استغرابه اغتيال مغنية بعد خروجه من مكتب للاستخبارات السورية. وأضاف أن مقتل مغنية يمثّل تحدّياً كبيراً لحزب الله. وأشار مخيبر إلى أن الأيام المقبلة ستكشف على الأرجح طبيعة الصفقة المحتملة التي تمّت».
وفي نصّ برقية صادرة عن السفارة الأميركية في دمشق (البرقية رقم 08DAMASCUS142 تاريخ 26 شباط 2008) نقل القائم بالأعمال مايكل كوربن عن «مصادر» قولها إن «المسؤولين في الاستخبارات العسكرية السورية وفي مديرية الاستخبارات العامة يتصادمون حالياً على نحو جدي عبر إلقاء بعضهم اللوم على بعض في قضية الاختراق الأمني الذي أدى إلى مقتل مغنية».
16 تعليق
التعليقات
-
لماذا إقتحام العيادةلماذا إقتحام العيادة النسائية في الضاحية حيث كانت زوجت عماد مغنية الحامل بعد اغتياله؟ حلل وناقش. عماد مغنية لم يقتل.
-
الله يساعدكيعني يا الله يساعدك على هيك قراء يا دكتور عمر مع خالص تحياتي.
-
الله يساعدك يا عمر يعنيالله يساعدك يا عمر يعني هالمعلقين لا يفهموا الا الهجوم من دون ان يفقهوا شيئا .
-
احترامي الشديد لعمر نشابهاحترامي الشديد لعمر نشابه وشكرا.
-
كنز وطنيالشهيد عماد مغنية كنز وطني و للأسف لم نعرف الكثير عن هذا الكنز إلا القليل قبل استشهاده. و المؤسف و المقرف كيف تعامل مع استشهاده الأعراب و المستعربين في لبنان. صار المرء يشعر أن من يحارب الكيان الغاصب عليه أن يتوقع أن يحاربه العالم كله.كان مصيباً 100% عندما أعلن سيد المقاومة أن نصر تموز هو نصر إلهي و بإذن الله النصر الهي القادم في سوريا عندما توأد الفتنة المدعوة "ثورة". يقال أن العميد سليمان هو عماد مغنية سوريا و استهدافهما خلال سنة واحدة يؤكد ما أورده الأستاذ إيلي شلهوب في مقالته اليوم.
-
حسب رأييبحسب رأيي المتواضع أن النظام السوري وحتى حسب منتقديه أو إذا أردتم معارضيه العقلانيين يتصرف كنظام أي كمؤسسات وليس على طرق العصابات ... وهذه الأخبار وأمثالها لاتستحق الرد أو الذكر لمجرد أنها نُقلت وقيلت عبر قنوات دبلوماسية وسربت الى الويكيلكس الذي وعد بملفات حول إسرائيل وبعض عربان النفط... النظام السوري مُستهدف من دول في أوروبية وأمريكا ودول النفط لالشئ أقل من مواقفه الخارجية وتحديدا من المقاومة, لايعجبكم هذا الكلام؟ هذا شأنكم. وأما بالنسبة لمايحصل في الداخل السوري فالأمر مختلط كماهو دوما بين إستحقاقات سياسية ومطالب مشروعة إقتصاديا وسياسيا.. وأخيرا ماورد في متن التقرير الآنف مضحك لجهة الإستخفاف بالقارئ العارف بحقيقة الوضع ولكنكم ربما تكتبونه-أو توردونه- لمن يجهل حقيقة الوضع السوري لكي تزيدوه جهلا على جهل ولاغرابة لطالما هواية الإعلام العربي معظمه تجهيل القارئ وترذيل الجيد إن وجد في الوطن النفطغازي الكبير، وأحيانا التغني بجماليات الجثث المتفحمة والمشوهة على إمتداد الجماهيرية الكبرى والعراق المجيد طالما يعجب هذا الأداء أصحاب العيون الزرق.
-
وكأن الغاية الاستبعاديظهر لنا مما كتب اعلاه وكأن من وضع هذه المعلومات بين اليدين يريد لنا ان نستبعد اي علاقة فرنسية او امريكية او عربية او حتى اسرائيلية بقتل عماد مغنية وكأن كلهم قد تفاجؤا بما حصل له من المعيب على صحيفة اخبارية بارزة ان لا تقيم اخبارها ومعلوماتها والهدف الحقيقي من وراء معلومة قبل نشرها وتفصيلها مع تمنياتي ان لا يكون ما كتبه الاستاذ عمر له قصد...
-
لنكن منصفينيرجى قراءة المقال بتأني ، لأن الأخبار تنقل ما قاله الدبلوماسيون و السياسيون و الأمنيون و لا يحللون و لا يستنتجون لذلك فمن الظلم القول بأن الأخبار مثل الجزيرة . هذا من ناحية و من ناحية ثانية و تعليقاً على استنتاج الرئاسة الفرنسية فلماذا يقتل الرئيس بشار الأسد و شقيقه ماهر مستشاره الأمني طالما أنه قادر على اقالته أو أنهاء خدماته أو تعيينه ملحقاً عسكرياً في الألاسكا . المهم لدى الأميركيين و الفرنسيين و الأسرائليين و 14 أذار راس سوريا نظاماً و شعباً و مواقف عربية متقدمة و راس المقاومة و رجالها .
-
مريبتوقيت غريب و مريب للمقال هل هو تجهيز نفسي لقبول لائحة الاتهام للمحكمة الاجنبية حتى انت يا عمر؟!
-
الى المجهول والشخص المطلععجيب كيف طلع معكم هيك تحليل!!! هذا المقال ليس من تأليف محرري الجريدة بل هو وثائق من السفارة ألأمريكية ، كيف طلع معكم أن الحق على الجريدة؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
-
اقراوا جيداايها القراء الاعزاء لو سمحتم اقراوا جيد ا وركزوا في القراءة قبل ما تحكموا عالكاتب والجريدة اولا الكاتب عمر نشابة المعروف بمصداقيته وكلامه العلمي القانوني ثانيا هو لا يكتب وجهة نظره او تحليلا يهواه انما ينقل نصوص برقيات واردة وصادرة صبركم يا جماعة وما تتحاملوا كتير الاخبار بتضلها اخبار بيكفي انو اللي اسسها جوزيف سماحة
-
مع احترامي لصحيفة الأخبار كلمع احترامي لصحيفة الأخبار كل ما ورد في هذا المقال ومن يعرف حقيقة القصتين يعجب من جرأة الكاتب في التخيل ، مثلا خصومة العميد ماهر ومحمد سليمان أو قيام الرئيس بشار بقتل عماد مغنية لفتح الانسداد السياسي!!!
-
شهيد الأسد : مغنية البطلبتعرفو انتو بالإخبار لازم تنضموا للجزيرة لأنو إذا ما حرضّتوا مباشر بتحرضّوا بشكل غير مباشر وصرتوا مكشوفين وبتوقع إلكم نفس مصير الجزيرة من فقدان المصداقية .