ويكيليكس | لم يكن ينقص الشيخ أحمد طالب سوى راية بيضاء في اليد وخلخال «غانديّ» في القدم ينذر به الحشرات كي لا يدهسها وهو يعبر بوابة السفارة الأميركية في عوكر. الشيخ طالب ذهب لزيارة جيفري فيلتمان ــ تلقائياً ــ حاملاً أكثر من غضن زيتون، معلناً توبته، لاعناً «الإرهاب» وطالباً بركة أميركا التي وقع في حبّها أخيراً.
الشيخ الشيعي أراد أن «يضع الامور في نصابها» في ما خصّ علاقته مع حزب الله وارتباطه بوالد زوجته، المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، كما قال للسفير جيفري فيلتمان خلال لقائه به في عوكر في أيار عام ٢٠٠٦ (06BEIRUT1483).
كمن يجلس على كرسي الاعتراف، بادر الشيخ الشيعي بسرد قصة حياته بأدق تفاصيلها على مسمع فيلتمان، شارحاً ظروف حياته ومسيرته الدينية والشخصية منذ كان في سنّ المراهقة.
«عندما كنت شاباً كنت أظنّ أن أميركا هي العدو وأنه يجب قتل كل اليهود»، هكذا بدأ الشيخ طالب تلاوة فعل الندامة. «اعترف» طالب بأنه «تلقى تعاليمه الدينية في قم (إيران) وأنه عندما عاد الى لبنان خطب في مسجد بلدة جبشيت الجنوبية وضمّن خطبه شتائم ضد الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل». «لكني لم أنضمّ يوماً الى حزب الله أو الى أي حزب سياسي آخر» يلفت طالب بفخر، ويضيف: «أيّدت حزب الله بالكلمات فقط من خلال الخطب التي ألقيتها كما كما كان يُطلب مني أن أفعل».
«ما زالت المؤسسة الشيعية في لبنان تعزز عقلية الحقد والكراهية، لكني في المسجد أعلّم أن الحقد ليس جزءاً من الدين ولا حتى الاستشهاد، والكثير من الشيعة يستخدمون أمثلة خادعة عن الاستشهاد في الإسلام ليبرروا الإرهاب اليوم»، يقول الشيخ بحسرة وطوباوية لفيلتمان.
لكن طالب يوضح للسفير أنه «تجرّأ على رفع صوته ضد تلك التعاليم» وأنه «ليس وحده من يبشّر بوجوب فصل الدين عن السياسة، لكن الآخرين لم يتجرّأوا على المجاهرة بآرائهم حتى الآن».
طالب أفصح عن محطة محورية في حياته ساعدته على تكوين تلك «الافكار التقدمية» ألا وهي زيارته للولايات المتحدة الاميركية (ولاية لوس أنجلس تحديداً). الشيخ طالب أعجب كثيراً بالنموذج الأميركي لـ«تعايش الأديان واحتضان مختلف المعتقدات على أرض واحدة». «ما من دولة إسلامية تحمي الدين كما تفعل الولايات المتحدة الاميركية».
الشيخ شرح للسفير أنه «وبحكم قرابته من السيد فضل الله، مضطر لأن يخضع للمثل الدينية التي تضعها المؤسسة المتمثلة بوالد زوجته فضل الله». «لذا فإن محاولاتي نشر التعاليم التي لا تتوافق بوضوح مع نهج حزب الله، تزداد صعوبة مع فرض الحزب سلطته السياسية على المجتمع الشيعي».
الشيخ طالب أحضر معه، على الطريقة الأميركية، شريط DVD يتضمن عرضاً لإحدى محاضراته عن الدين الإسلامي في الاونيسكو، تركه لفيلتمان في حال أراد السفير التعمّق أكثر في شخصية طالب، أو أن يهتدي!
«أعلم أني لن أغيّر العالم وأن تواصلي مع الولايات المتحدة لن يحدث أي تغيير في لبنان، لكني آمل أن تحدث جهودي المستمرة تأثيراً في عقول بعض الناس ممن هم مستعدون للتفكير بالدين بطريقة مختلفة وأن أغير آراء البعض»، نقل فيلتمان عن الشيخ طالب.
ورغم كل الهالة الطوباوية التي أحاط الشيخ طالب نفسه بها، لم يتأثر فيلتمان كثيراً به. إذ كتب السفير في ملاحظته الختامية أن «طالب ليس أول شيخ شيعي يأتي إلينا ليعلن معارضته لحزب الله. لكن من غير الدقيق أن نصنّف هؤلاء الشيوخ المتدينين المذهبيين معتدلين. هم فقط لا يشاطرون حزب الله أهدافه ويعدّونها مميعة للدين عل حساب السياسة. لكن هؤلاء، كالشيخ طالب، يرون في الولايات المتحدة أكثر من مجرد حليف أساسي لإسرائيل أو عدو لإيران. في القاعدة الشيعية في لبنان هناك اذاً أكثر من صوت واحد، يخلص فيلتمان.