منذ اندلاع الانتفاضات المتنقّلة في جسم العالم العربي، اتّجهت أنظار الناس إلى المشاهير والنجوم علّهم يهتدون ببوصلتهم. لكن الاهتمام الأكبر كان بزياد الرحباني بوصفه فناناً ترك بصمة على حدة، وأثّر في وعي جيل كامل، والأهم أنّه يمثّل ضمير مرحلة وخطّاً فكرياً سياسياً. لكنّ زياد اختفى من يومها، ما أثار الحيرة، خصوصاً مع اشتعال سوريا. بعدما اعتصم بالصمت واكتفى بإطلالتين يتيمتين ذواتي دلالات بارزة حين حضر احتفالي «نصر حرب تموز» في أيلول (سبتمبر) 2006، و«الوعد الأجمل» في أيار (مايو) الماضي في ضاحية بيروت الجنوبية، عاد الفنان اللبناني إلى الواجهة. قرأناه فوق صفحات «الأخبار» منذ بداية الشهر الحالي، وسنشاهده مساء الجمعة المقبل مع غسان بن جدو ضمن برنامجه «في الميادين» على شاشة «الميادين». الأكيد أنّ الحلقة الموعودة لن تعجب الكلّ، خصوصاً في الملف السوري الذي أفرز لوائح عار وشرف، وأبعد الأصدقاء، وأشعل حرب داحس والغبراء عبر صفحات التواصل الاجتماعي.
ستكون الحلقة شاملة ومسجلة وستمتد لساعتين من الزمن متوزّعةً على محاور عدة. لكن قبل ذلك، سيغيّر برنامج «في الميادين» تقليده المعروف بالتصوير خارج «أسوار» الاستديوات، ليبث هذه الحلقة داخل الاستديو مع عرض تقارير خاصة بهذه الإطلالة. وفي الحلقة/الحدث، سيحسم الرحباني موقفه من الحراك الشعبي، خصوصاً لجهة ما يجري في سوريا. بعدما تنازعه المعارضون للنظام السوري والموالون واستعانوا بعبارات شهيرة ولازمات من مسرحياته في حروبهم الافتراضية بعضهم ضد بعض. سيتخذ زياد موقفاً واضحاً وحاسماً، فالوضع الدقيق والحسّاس الذي تشهده المنطقة لا يحتمل اللبس ولا التسويات، ولا حسابات الربح والخسارة، كما يفعل الكثير من الفنانين الذين لاذوا بالصمت خشية خسارة معجبيهم. لن يستسلم زياد لهاجس الحفاظ على جمهوره الكبير والواسع والمتنوّع.
سيشرح للعالم لماذا لا تتناقض شيوعيته مع خيار تأييده خطّ المقاومة الذي يمثّله اليوم «حزب الله»، الأمر الذي عرّضه للنقد من قبل معجبيه ومحبيه، حتى وصل ببعضهم حدّ تكفيره. وسيفنّد أسباب عودته الى صحيفة «الأخبار» في أوائل أيلول (سبتمبر) الماضي، والعلاقة التاريخية التي تجمعه بها، وتغيير اسم زاويته من «ما العمل؟» إلى «مانيفستو».
صحيح أنّ للسياسة حصّة كبيرة في اللقاء، لكنّها لن تطغى على المحاور الكثيرة الأخرى. ستتخلل الحلقة مفاجأة سارة لجمهوره الذي ينتظر أعماله الفنية، إذ سيعلن مشروعاً جديداً لم يُعرف ما إذا كان مسرحياً أو موسيقياً أو الاثنين معاً. ولعائلته حصة أيضاً: سيتطرق الى علاقته بوالدته السيدة فيروز وعلاقته بوالده عاصي والفنّ الذي قدّمه الابن بوصفه يقف على نقيض إرث الأب.
غياب الرحباني عن عيون محبيه كل هذه المدة لم يثنهم عن المطالبة بعودته الى الساحة. منذ شهر نيسان (أبريل) الماضي، انطلقت حملة «الشعب يريد زياد الرحباني» مستوحيةً شعارها من وحي الثورات العربية. أما الأداة الأساسية لهذا الحراك فكانت طبعاً فايسبوك الذي تجنّد روّاده لحثّ الرحباني على العودة، أكان من خلال أعمال فنية أم مسرحية. هكذا، توزع المنظمون في مناطق عدة في لبنان، حاملين عرائض مطالبة بعودة زياد الرحباني. وكان اللافت الصدى الذي حققه هذا التحرك الذي توّج باللقاء بين الرحباني وجمهوره ومشاركته شخصياً في توقيع إحدى العرائض. هكذا سيحقق «ملك الساحة ع بياض» مطالب جمهوره، ويبدأ بالظهور وبالتعبير عمّا يستشرفه من الأوضاع الراهنة: البداية مع «الأخبار»، و«الميادين» ستقرن الكلمة بالصورة.



«في الميادين»: 21:30 مساء الجمعة المقبل على قناة «الميادين»