جبيل | رفض اللّقاء الرعائي وحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة في جبيل مشروع تأسيس «الهيئة المدنيّة العامّة للروم الأرثوذكس في لبنان»، معتبرين انه ينشئ «تحالفاً جهنّمياً» بين الكنيسة والسلطة والمال. فقد تداعى أكثر من 700 أرثوذكسي السبت الفائت إلى لقاء في قاعة البطريرك الحويّك في مدرسة القدّيس يوسف في جبيل، ممثّلين اللّقاء الرعائي الأرثوذكسي وحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، معلنين رفضهم مشروع تأسيس «الهيئة المدنيّة العامّة للروم الأرثوذكس في لبنان».
استبق اللقاء انعقاد المجمع الانطاكي المقدّس المقرر في دير البلمند غداً، وعلى جدول أعماله مشروع تأسيس الهيئة التي ستتكوّن من «شريحة معظمها من الوزراء والنوّاب الحالييّن والسابقين والمدراء العامّين وأصحاب الشركات والفعاليّات الماليّة والاقتصاديّة»... على أن تكون صلاحيّتها التواصل مع الدولة اللّبنانيّة و«الدفاع عن حقوق الطائفة» وتمتين التعاضد بين الأبرشيّات.
ووصف المجتمعون المشروع بأنه «خطير» كونه «يعيدنا أكثر من 60 عاماً الى الوراء يوم كانت المناداة بفصل الشؤون الروحيّة عن الشؤون الزمنيّة، ويقحم الطائفة في وحول الطائفيّة، الأمر الذي لم يحصل حتّى في خضمّ الحرب، كما يوكل شؤون الطائفة الى مجموعة من السياسييّن وأصحاب النفوذ والأموال بغضّ النظر عن علاقتهم بالكنيسة، فتصبح السلطة والمال ممثّلين للطائفة». ورفض المجتمعون التوقيع «على بياض لأيّ كان، وأن يتسلّم السياسيّون طائفتهم، فهؤلاء أرضيّون، تابعون، منقسمون بين 8 و14 آذار، أمّا الكنيسة فروحيّة بامتياز».
وقال الأمين العام لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة ابراهيم رزق لـ «الأخبار»: «كان من المفترض أن نلتقي للمطالبة بتعزيز مشاركة المؤمنين في حياة كنيستهم وفي وضع القوانين الانطاكيّة، خصوصاً قانون المجالس، على سكّة التطبيق». وأشار إلى أنّ «القوانين الكنسيّة ليست موضع احترام في كنيستنا رغم المطالبة بذلك منذ عقود».
وكررّ رزق أنّ المشروع «لا يحمل في طيّاته أي طابع شهادي أو روحي، بل يحصر اهتماماته بتعزيز مواقع الطائفة. ويفصل المدنيّ عن غير المدنيّ وهذا دخيل على الأرثوذكسيّة. والأخطر من ذلك أنّه يقيم تحالفاً جهنّمياً بين الكنيسة والسلطة والمال». واضاف: «إذا سرنا في المنطق القائل إنّ الطائفة عليها أن تتصرّف وفق ما تقتضيه مصلحتها كما الطوائف الأخرى، ما الذي يمنعها وفق هذا المنطق من حمل السلاح مثلاً؟»، موضحاً «نحن أرثوذكس تجمعنا الكنيسة وليس المصلحة». وأشار الى أنّه تواصل مع لاهوتيين من رهبان وراهبات وكهنة وشبيبة ولمس منهم شبه إجماع على رفض هذا المشروع «فالقدّيسون ناصروا الفقير وتحدّوا السلطة والمال».
بدوره، رفض منسّق اللّقاء الرعائي الأرثوذكسيّ نقولا لوقا مشروعاً يفصل بين أبرشيّات الكرسيّ الانطاكي في سوريا ولبنان، متخوّفاً من مخاطر المشروع المتمثّلة في عدم تنفيذ قانون مجالس الرعايا والأبرشيّات واعاقته الوصول الى مؤتمر أرثوذكسيّ عام. وقال: «نرفض أن يتحكّم ذوو السلطة برقاب العالم. كما انّ هذا المشروع يقحم الأرثوذكسيّة في الطائفيّة، لتأخذ كما غيرها حصّتها من الجبنة».
مطارنة الكرسيّ الانطاكي من لبنان وسوريا والعراق والمطارنة في المهجر سيجتمعون غداً. وفي الكواليس حديث على أنّ مطران جبل لبنان جورج خضر يميل الى معارضة المشروع كما مطران طرابلس والكورة افرام قرياقوس.
الأكيد أنّ الطريق الى البلمند لن تقطع غدا بالدواليب، فالأرثوذكسيّون يؤكّدون أنّ هذه ليست أساليبهم. وهم متأكّدون من أنّ «الروح القدس عينه الذي جعل المشروع يتسرّب الى العلن بعد أن أحيط بالسريّة، سيفعل فعله فيلغى المشروع». أمّا هم فسيرّددون كما ردّدوا مع «الأخوة» في جبيل بصوت واحد: «سأسير اليك ولن أتعب».