تحفظ أهالي صيدا في إبداء فرحتهم أمس بتوقيع اتفاقية إعادة تأهيل مكب النفايات الشهير في مدينتهم. فهذه ليست المرة الأولى التي يقال لهم فيها إن الحلّ بات في متناول أيديهم، ليفاجأوا لاحقاً بأن الوعود (والأموال؟) ذهبت أدراج الرياح.
أمس، كانوا على موعد جديد مع وعد جديد يأملون أن يتحقق. فقد وقّع وزير البيئة ناظم الخوري، والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي روبرت واتكنز، اتفاقية إعادة تأهيل المكب وتحويله إلى حديقة خضراء، برعاية بلدية صيدا. وعلى الرغم من التحفظ الذي أبدوه، لم يخف الصيداويون أملهم بأن يثمر هذا الأمر حلاً لمشاكلهم مع المكب، وأبرزها الحرائق التي كانت تشتعل بين الحين والآخر، وتصدر انبعاثات سامة وتسقط أكواماً من النفايات عابرة للبحر وصولاً إلى جزيرة قبرص. «حتى أن الأخيرة اشتكت مراراً بسبب وصول النفايات إلى شواطئها»، يذكّرون.
ولمناسبة التوقيع، نظمت البلدية احتفالاً بالقرب من المكب، حضره نواب المنطقة وفعالياتها. رئيس البلدية محمد السعودي عرض آلية مشروع معالجة المكب الذي يشمل إنشاء الحاجز البحري بمحاذاته لمنع تهافت أجزاء من الجبل إلى البحر كما يحصل عند كل عاصفة وتشغيل معمل فرز النفايات الصلبة وإنشاء الميناء التجاري والسياحي. وأكد أن الاتفاقية تنص على المعالجة وفقاً لأدق المعايير الدولية لتحويل أكبر مكب على الشاطئ اللبناني إلى مساحة خضراء. أما واتكنز فقد فضّل ربط المناسبة بالعيد العشرين للقمة الأولى للأرض التي وضعت التنمية المستدامة على الخارطة. وفي هذا الإطار، جاء التزام البرنامج بالاتفاقية، لافتاً إلى التقرير الصادر مؤخراً عن وزارة البيئة حول حال البيئة واتجاهاتها بمواجهة الضغط الكبير على الموارد البيئية المحدودة في لبنان بسبب النمو الاقتصادي والتوسع السكاني. من جهته، عرض الخوري تاريخ المكب الآيل للتأهيل، مشيراً إلى أن التلوث الناجم عنه كلف ما يزيد على 110 ملايين دولار أميركي سنوياً وفق دراسة نشرها البنك الدولي في العام 2004.
وإلى الشركاء في المشروع، برزت كلمتان لنائبي المدينة بهية الحريري وفؤاد السنيورة اللذين استفاضا في مديح «المشروع ــ الحلم» الذي تحقق على يد البلدية الحالية المحسوبة عليهما. وقد حرص السنيورة في كلمته على التذكير بالهبة السعودية التي كان لبنان قد تلقاها في عهد حكومته، والمخصصة لإنشاء الحاجز البحري في عام 2010 وبلغت 20 مليون دولار. لكنه نسي أن احتفال أمس ما هو إلا نسخة معدلة من احتفال إطلاق المشروع ذاته قبل أربع سنوات في المكان ذاته. ربما لأن الراعي في حينه كان الأمير الوليد بن طلال الذي تبرّع بخمسة ملايين دولار للمعالجة، ولأن البلدية كانت برئاسة عبد الرحمن البزري والمحسوبة على التيار الوطني في المدينة.
يذكر أن إنجاز مشروع المعالجة وبدء تشغيل معمل الفرز الذي أنشئ في عهد البلدية السابقة أيضاً، كانا قد تعرضا لعراقيل عدة في وزارات البيئة المتعاقبة بين حكومتي فؤاد السنيورة وسعد الحريري. من هنا، فقد توقف كثيرون عند استثمار تيار المستقبل وآل الحريري للمشروع المكرّر غداة بدء تدشين الحملات الانتخابية النيابية المقبلة. لذا فقد أمل الصيداويون أن تبدأ الأشغال بشكل فعلي في مشروع المعالجة وألا تنتظر حسابات سياسية وانتخابية جديدة كتلك التي أجلتها لأربع سنوات.
ومن المقرر أن يبدأ البرنامج بعد أربعة أيام بتقييم عروض الشركات العالمية الثلاث التي رست مناقصة المعالجة عليها من أصل تسع تقدمت بعروضها. التقييم سيختار بدوره شركة واحدة ستلزم المشروع وتبدأ العمل به أواخر العام الجاري بالتزامن مع التشغيل المرتقب لمعمل فرز النفايات.