حين عدت من قبرص بعد زواجي المدني هناك في حزيران الماضي، اعتقدت أنّ أكثر الأمور إزعاجاً قد ولى، أي ما واجهته في السفارة اللبنانية هناك. لم أكن أعرف أنّه ستمر 4 أشهر، وأنا لا أزال غير قادرة على الحصول على إخراج قيد يفيد بأنّي متزوجة. إذ طال انتظاري في السفارة أكثر من مراسم الزواج نفسه. ساعة ونصف الساعة من أجل تصديق 3 نسخ من عقد الزواج وإيداع نسخة رابعة في السفارة، انتهت بأن غادرت أنا وزوجي من دون الحصول على إيصال دفع رسوم التصديق لأنّهم لم يستطيعوا إيجاد الموظف المسؤول (اللبناني طبعاً)!
بعدما وصلت وثيقة الزواج من قبرص (متأخرة أسبوعين)، حاولت أن أحصل من «الخارجية» على رقم تحويلها إلى «الداخلية». لكني كنت كلّما اتصلت، وطلبت الحديث مع من يساعدني في الموضوع، كان يقال لي إن الشخص المعني غير موجود. صباحاً، ظهراً وقبل نهاية الدوام، هذا الشخص غير موجود، إلى أنّ تكرمت علي إحدى الموظفات باعطائي المقسم الداخلي له، ليتضح أنّ المقسّم لا يعمل! في النهاية وجدت الشخص المعني فعلياً (وهو غير الشخص الشبح الذي بحثت عنه لأسبوعين). الموظفة اللطيفة أعطتني ايصالاً توجهت به إلى دائرة المغتربين في وزارة الداخلية. هناك رحّب بي الموظف كثيراً إلى أن قلت له عبارة «زواج مدني»، فأصبح لون وجهه رمادياً. بحث قليلاً في حاسوبه ثم أعطاني تاريخ الوثيقة ورقم تحويلها إلى دائرة النفوس في طرابلس (حيث سجلي) وقال «مع السلامة». سألته «ماذا أفعل هناك؟». أجاب «اذهبي الى طرابلس وهم يفسّرون لك... مع السلامة».
في دائرة النفوس في طرابلس، ترحّمت على «لطافة» المسؤول في دائرة المغتربين. إذ ما إن سمع الموظف الطرابلسي الأصيل كلمة زواج مدني حتى بدأ بالصراخ بأنّ الموضوع ليس من صلاحياته، وأني أعطله وأنّ علي أن أذهب إلى الشباك الثاني حيث يتم التعاطي مع الزواج. عبرت «مسافة» المتر ونصف المتر التي تفصل بين الشباكين، لأفسّر للموظفة التي تقف وراء الشباك الثاني ما أريده. «لا زواج مدنياً في لبنان، لا يمكنني مساعدتك»، قالت، وقفلت عائدة إلى الغرفة الخلفية!
هنا أدركت أنّه حان وقت «فش خلقي» بموظفي السفارة والخارجية والداخلية في هذه «المعترة». ناديتها، وقلت لها إنّه إذا لم أقابل فوراً رئيس الدائرة «رح أعملكن مصيبة، ورح أرجع على الوزارة ببيروت وفرجيكون شو بعمل... هذا حقي ولا أطلب منكم سوى تطبيق القانون»، رغم أنّني لا أعرف فعلياً كيف «سأخرب بيتهم». ويبدو أن الصوت العالي ينفع، إذ استدعت زميلتها التي فسّرت لي أنّ علي العودة إلى الشباك الأول، لأن الوزارة أرسلت الوثيقة من بيروت الى ذاك الشباك تحديداً، وشرحت لي أنه «ما إن تنتقل الوثيقة من الشباك الأول إلى الثاني سيسجّل الزواج». عدت إلى الشباك الأول ليعيد الموظف المعزوفة نفسه. فأعدت أنا كل ما قلته للموظفة بصوت أعلى من قبل. حينها أصبح الموظف، بقدرة قادر أيضاً، لطيفاً. وسرعان ما وجدت نفسي في مكتب السجلات مع موظفة متفرغة لمساعدتي!
لكن مهلاً، الأمر لم ينته بعد. فقد اتضح أنّ وثيقة زواجي وصلت بالفعل إلى طرابلس، وتم تسجيلها في السجلات، لكن يحتاج الأمر إلى أسبوعين لنقلها من الشباك الأول إلى الثاني، وهو ما لم يحصل بعد! هكذا أنا لا أزال «تحت نصيبي»، وذلك حتى إشعار آخر.