تحاكي مناورة «نقطة تحول»، التي بدأت أمس، فرضيات الحرب المقبلة، وإرشاد الإسرائيليين قدر المستطاع، الى كيفية التعامل مع الكوارث التي ستحل بهم، خلال الحرب.
المناورة باتت مخصصة لعدة جبهات، وفي مقدمها، الجبهة الشمالية، بما يشمل لبنان وسوريا. وبحسب سيناريوهاتها، يسقط عدد كبير جداً من المصابين، بين قتيل وجريح، وتتساقط على إسرائيل عشرات الآلاف من الصواريخ، وصولاً الى تساقط أسلحة غير تقليدية. الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والتي أصبحت تابعة لوزارة خاصة فيها تسمى «وزارة حماية الجبهة الداخلية»، تفحص خلال المناورات جهوزية المؤسسات والأجهزة المختلفة، العسكرية والمدنية، للتعامل مع استهداف المراكز الحساسة والاستراتيجية والمدن والمستوطنات، وكيفية نقل الجرحى الى المستشفيات وإسعافهم، ورفع الأنقاض.
اللافت هذا العام، في مناورة نقطة تحول (6)، وعلى نقيض من المناورات الخمس الماضية، أن الفرضية الأساسية تتعلق بمحاكاة كارثة طبيعية، أي زلزال مدمر وتسونامي وما شابه، وابتعدت عن فرضيات الحروب وتساقط الصواريخ.
سؤال المناورة السادسة منذ حرب عام 2006، والتي نشأت كعبرة من الحرب نفسها: هل اكتفت إسرائيل بمناورات الحروب، وأصبحت جبهتها الداخلية جاهزة، الأمر الذي يستدعي هذا العام مناورة من نوع آخر؟ الإجابة هي بالطبع لا، فحتى وزير الجبهة الداخلية، الجنرال متان فيلنائي، المغادر منصبه حديثاً، يؤكد عدم جهوزية الجبهة الداخلية للتعامل مع تساقط الصواريخ.
الواقع أن المناورة الحالية نقطة تحول (6)، وصلت فرضياتها الى حدود مخيفة، وباتت تحمل سيناريوهات رعب قد تكون تداعياتها سلبية على الإسرائيليين، الأمر الذي استدعى تغييراً لإبعاد الوعي الإسرائيلي الجامع عن الشعور بالحرب وويلاتها، كما باتت تقدر لدى صناع القرار في تل أبيب.
في التفصيل، كانت مناورات نقطة تحول، منذ عام 2007، ترتبط تحديداً بالحرب مع حزب الله، ومن ثم مع الجبهة الشمالية عامة، لتشمل سوريا، وبعدها كل الجبهات المعادية، بدءاً من إيران، مروراً بسوريا وحزب الله، وصولاً الى قطاع غزة. كانت المناورات تترقى، وتزداد الأعداد المفترض أنها ستسقط في المواجهة، بين قتيل وجريح، تبعاً لتراكم القوة ونوعها ودقة إصابتها، لدى العدو. بمعنى، أنه كلما زادت قدرة حزب الله الصاروخية وغير الصاروخية، نوعاً وكماً، كانت إسرائيل، وقيادة جبهتها الداخلية، تزيد من عدد الخسائر البشرية والمادية المقدرة. لكن هذه المرة، ومع زيادة وتيرة ومستوى الحديث عن الحرب، إضافة الى تراكم «مخيف» من ناحية إسرائيل للقدرة غير المسبوقة التي باتت في حوزة حزب الله، ومع القوى المعادية لإسرائيل، كان يفترض بالخسائر المفترضة في المناورة أن تتجاوز عشرات الآلاف، وهو أمر سيلقي بظلاله ويحفر بعمق، في الوعي الإسرائيلي، أي إقرار بالهزيمة، قبل وقوعها، وهو عنصر أساسي من مكونات الحرب المقبلة ونتائجها، الأمر الذي استدعى التغيير مع الإبقاء على الخسائر المقدرة نفسها، بمعنى، التناور الواقعي على الحرب المقبلة، لكن بعنوان آخر: هزة أو زلزال عنيف جداً، أو تسونامي، يؤدي نفس مهمة ونتيجة الصواريخ في الحرب المقبلة.
وعلى أي حال، فرضية المناورة الحالية من شأنها أن ترسم جزءاً من مشهد يقدره الإسرائيليون للحرب المقبلة، كخسائر متوقعة في جانبهم. وتكفي الإشارة الى أن المناورة ستشهد محاكاة لوقوع خسائر، في أحد جوانبها، يسقط 7000 قتيل، 70.000 جريح، و170.000 مشرد بلا مأوى. وللدلالة أيضاً، تحاكي المناورة استدعاءً للأسطول السادس الأميركي، لنقل وإخلاء جماعي للجرحى والمصابين، بعد فشل الطاقم الطبي الإسرائيلي في استيعابهم، علماً بأن المنشآت البحرية، بدورها، من المقدر أن تتلقى جزءاً كبيراً من الإصابات، لتعدد الأهداف الاستراتيجية فيها.