وصل التوتر الأمني إلى ذروته ليل أمس، بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة بيروت، وتحديداً بين منطقتي الكولا والطريق الجديدة. وفي التفاصيل أن أنصار تيار المستقبل بدأوا بإطلاق النار من منطقة الطريق الجديدة باتجاه بعض أحياء وطى المصيطبة، من دون أن تلقى ردّاً. وحاول مسلّحون ملثمون الخروج من الطريق الجديدة على درّاجات النارية فمنعهم الجيش اللبناني الذي أطلقت عليه النيران وأصيب أحد جنوده بجروح.
وبعدما استمر إطلاق النار إلى ما بعد منتصف الليل باتجاه وطى المصيطبة، ونحو دوريات الجيش، ردّ عدد من أبناء الحي ـــ معظمهم من أنصار حركة أمل وحزب الله ـــ على مصادر النيران، ثم تدخل الجيش ليردّ على مصادر النيران من الطرفين، ولاحق المسلحين، فاستمر إطلاق النار عليه من جهة الطريق الجديدة والجامعة العربية، ما أدى إلى جرح عدد من جنوده. واستخدمت في الاشتباكات الأسلحة الصاروخيّة والرشاشة.
اشتباكات بيروت أتت تتويجاً لنهار من التوتر الأمني في معظم المناطق. وبعدما أخفقت قوى 14 آذار في تأمين الحشد الشعبي المطلوب في تشييع العميد وسام الحسن ورفيقه لإسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. لم يبق أمامها غير الفوضى الأمنية المتنقّلة: مسلّحون يجوبون الشوارع والطرقات الرئيسيّة من أقصى الشمال إلى البقاعين الأوسط والغربي، إلى بيروت وخطّ الساحل الجنوبي.
ومنذ ليل أول من أمس، انتشرت مجموعات مسلّحة تابعة للنائب خالد الضاهر في مختلف قرى عكّار، وبدا واضحاً الانتشار الكثيف لمسلحين سوريين، ولا سيّما على مفرق عين الزيت وفي ساحة حلبا، فضلاً عن قطع الطرقات بالسواتر الترابية والإطارات المشتعلة. وكذلك على مفرق بلدة برقايل ودوار العبدة حيث قطع الأوتوستراد على خطّيه ليفصل عكار بشكل نهائي عن طرابلس. كذلك وضع ساتر ترابي قبل مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي في حلبا، وجاب مسلّحون المحيط مطلقين الأعيرة النارية في الهواء عدّة مرات. وعلمت «الأخبار» من مصدر حزبي أن الجيش اللبناني «تمنى على القوميين مغادرة المركز»، وعزّز من وجوده في محيط المركز وعلى طريق عام حلبا تحسّباً لأي طارئ.
وفي طرابلس، أضرم عدد من المسلحين النيران بالإطارات في ساحة النور في طرابلس، وقطعوا معظم الطرقات الداخليّة في المدينة. وتجدّدت الاشتباكات على محاور باب التبانة وجبل محسن والريفا، حيث زادت حدّة الاشتباكات بالأسلحة الرّشاشة والقذائف الصاروخيّة حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، سقط على أثرها أكثر من ستّة جرحى وتوفيت لاحقاً الفتاة جنا كمال الدين البالغة من العمر 9 أعوام جرّاء القنص على محور الريفا. وكان تخلّل النهار إطلاق قنبلة يدوية على منطقة بعل الدراويش في باب التبانة، وإطلاق رصاص قنص متقطّع باتجاه جبل محسن من أسلحة مجهّزة بكواتم صوت، وسجّل احتراق منزلين في جبل محسن جرّاء سقوط قذيفة إنيرغا.
وسجّل للمرّة الأولى انتشار كثيف لمسلّحين تابعين للمستقبل وبعض المجموعات السلفيّة في منطقتي المنية والضنيّة.
ومساءً، تجمّع عدد من المحتجين على مقربة من منزل الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس يتقدّمهم النائب معين المرعبي، مطالبين باستقالة الحكومة، فيما فرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً كبيراً في محيط المنزل، مانعاً عدداً من المسلحين من الاقتراب من المنزل.

الخطّ الساحلي

التوتّر كان عالياً على الخطّ الساحلي الجنوبي بين بيروت وصيدا، إذ أشارت المعلومات إلى قطع عدد من المسلّحين الطريق الجنوبي في أكثر من نقطة، أولاها على أوتوستراد خلدة والناعمة بالاتجاهين ووادي الزينة، وظهور كثيف لمسلّحين لبنانيين وسوريين بعضهم يدور في فلك الشيخ أحمد الأسير. وأشار أكثر من مصدر إلى أن المسلّحين اعتدوا على المواطنين على الطرقات وأحرقوا عدداً من السّيارات على أوتوستراد الناعمة وفي الأحياء الداخلية لحارة الناعمة. وسجّل تعرّض شاب لجروح خطرة جرّاء الطعن بالسكاكين في الناعمة، كما أطلق مجهولون النار على شبّان كانوا يقطعون الأوتوستراد الساحلي في وادي الزينة، ما أدى إلى إصابة الشابين علي بسام طافش بجروح خطرة وأيمن ضاهر بجروح طفيفة وهما من بلدة كترمايا، وقد نقل الأول إلى مستشفى سبلين الحكومي ليتوفّى لاحقاً نتيجة إصابته في رأسه، فيما نقل الثاني إلى أحد مستشفيات صيدا. وأثارت الحادثة غضباً عارماً في بلدة كترمايا التي سجلت انتشاراً كثيفاً لمسلحين من البلدة.
وفي منطقة خلدة، أشارت المعلومات إلى اختطاف الشاب بلال فارس ابن إمام مسجد الحسين بن علي من قبل مجهولين من أمام منزله، وما لبثوا أن أطلقوا سراحه بعد وقت في منطقة الشويفات.
وعمد الجيش اللبناني إلى تنفيذ خطّة انتشار كثيفة على طول الخطّ الساحلي لمنع المسلّحين من الاعتداء على المواطنين وفتح الطريق.
وفي صيدا، استطاع الجيش اللبناني تفريق الشبان الذين قطعوا الطريق في ساحة النجمة في وسط المدينة. وسجّل نزول عدد من المسلحين إلى السوق التجاري، عمدوا إلى إجبار أصحاب المحال على إقفالها بالقوة. وكان من اللافت مشاركة عدد كبير من عناصر فرع المعلومات في اعتصام الشيخ أحمد الأسير أول من أمس.

البقاع

قطع محتجّون الطرق الرئيسية في البقاعين الأوسط والغربي، وعاقت هذه المجموعات عبور العائدين من تشييع الحسن ورفيقه إلى قراهم وبلداتهم. فقرار قطع الطرق نفذه مراهقون انتشروا على مسالك سعدنايل وتعلبايا والمريجات ـــ جديتا وبرالياس والمرج وقب الياس وكامد اللوز، ودقق هؤلاء في هويات ركاب سيارات، في وقت غابت فيه دوريات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، إلا في بعض النقاط، موفرة المساعدة للعابرين لسلوك طرق فرعية، ومكتفية بمراقبة قطع الطرق من بعيد قبل أن تتدخّل لفتح طريق ضهر البيدر وإبعاد المحتجين.
وتزامن قطع الطرق والاعتداء على ممتلكات تعود لمناصري 8 آذار مع ظهور مسلح ليل أول من أمس في أكثر من محلة في المنطقتين. وقالت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إن التحريات الأمنية سجلت وجوداً لمسلحين ملثمين في برالياس ومحيط سعدنايل وفي المرج. وكشفت هذه المصادر أن الإجراءات الأمنية التي اتخذت حول مراكز حزبية معارضة لتيار المستقبل، سمحت بتوفير حماية لها من عمليات اقتحام مسلحة كانت ستحصل.
(الأخبار)