دخل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في مصاف الكرادلة. أصبح من المعاونين المقربين للبابا بنديكتوس السادس عشر، فأُعطي حق المشاركة في ادارة الكنيسة الجامعة وانتخاب البابا. بكركي سعيدة. وان كانت الكنيسة المارونية قد دخلت مصاف الكرادلة منذ اوائل الستينيات مع البطريرك المعوشي، ليصبح معه تعيين البطريرك الماروني كاردينالا تقليدا دائما. الا ان بكركي ترى اليوم في خطوة الفاتيكان «اعترافا بمكانة الكنيسة المارونية وبدور الراعي في الكنيسة ولبنان والشرق الاوسط لا سيما بعد السينودوس والارشاد الرسولي الاخير. ليصبح وقع كلمة الراعي على رعاياه أقوى».
من روما الى بيروت، الرسالة واضحة: تعالوا على الجراح وجنبوا لبنان الدخول في أزمات محيطه. وفي أول موقف واضح لبكركي منذ اغتيال اللواء وسام الحسن، لاءات كثيرة يتمسك بها أهل الصرح. لا للاغتيالات، لا للاتهام السياسي، لا لاستقالة الحكومة، لا لمقاطعة المجلس النيابي، لا لقانون الستين، لا لتأجيل الانتخابات، ولا لأي مبررات.
مجموعة اتصالات تلقاها الراعي في ميلانو بعد اغتيال العميد وسام الحسن، أبرزها من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون. دعا بعدها الراعي في قداس في كنيسة القيامة في ميلانو أقامه على نية الشهداء والجرحى الذين سقطوا في الانفجار، الى عدم الانزلاق لما يدبر للبنان من شر.
غياب الكاردينال الراعي عن بكركي لم يحجب عنها مروحة الاتصالات الساعية الى استيضاح حقيقة الموقف ازاء ردود الفعل على عملية الاغتيال.
تعلق اوساط بكركي على اتهام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حزب الله بالجريمة قائلة: «ما هي معلومات جعجع عن تورط الحزب؟ فليقدمها للقضاء. لا يجوز التعامل مع احداث خطيرة بهذه الخفة! الاتهامات السياسية تسمم الجو. المصاب أليم والاتهامات المفاجئة المستعجلة لا مبرر لها».
اسبوع مر على الاغتيال، ولم يضع أحد من القيادات المسيحية للرابع عشر من آذار بكركي في أجواء خطابهم السياسي. قرروا اسقاط الحكومة ومقاطعة المجلس النيابي بما ينعكس على وقف البحث في قانون انتخابي جديد تريده بكركي على نار حامية. من جهته، النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، لا يرى في اسقاط الحكومة الحالية مصلحة وطنية: «على السياسيين أن يتفاهموا على أي حكومة اخرى في شكلها وبرنامجها واشخاصها، قبل استقالة الحكومة الحالية. نحن خائفون من وقوع لبنان في الفراغ، فعدم التوافق على حكومة سريعا ثابت في التجارب السابقة. ولبنان لا يتحمل اشهرا وسنوات من الفراغ». موقف مظلوم ليس يتيماً، فهو اذ يدين الجريمة ويأسف لوقوعها، يرى أن مقاطعة فريق الرابع عشر من آذار المجلس النيابي «لا يحل المشكلة. نتمنى على هذا الفريق أن ينظر لمصلحة الوطن وليس للمصالح الفئوية». وعلى الفريق السياسي نفسه، أن ينظر أيضا الى ضرورة التعجيل في قانون انتخابي عادل يؤمن التمثيل الصحيح لكل الاطراف. «فالانتخابات أصبحت قريبة ولا يجوز البحث في تأجيلها أو عدم اجرائها أو اي احتمال آخر». أما قانون الستين فهو مرفوض قطعا من بكركي. وبالتالي فإن أي فريق مسيحي يسهم في عرقلة البحث في قانون جديد «يخرج طوعا عن رعاية بكركي وإرادتها»، بحسب أوساط الصرح البطريركي.
وعند السؤال عن إمكانية جمع شمل النواب الموارنة مجدداً في بكركي، تجيب اوساط الصرح بدقة «دون ذلك صعوبات، أبرزها موقف متعنت من مسيحيي الرابع عشر من آذار، لا سيما ان مسار الاتصالات الحالية ليس مشجعاً على ذلك».
تنبيه شديد اللهجة ومطالبة واضحة تجاهر بها اوساط الصرح البطريركي: «الكنيسة تنبه على الجميع أن ليس من مصلحة أحد في لبنان شل عمل المؤسسات الدستورية. في السياسة يحق لكم اتخاذ خياراتكم الخاصة، شرط أن لا تكون على حساب الوطن والمسيحيين فيه».
لا تتقاطع مصالح فريق الرابع عشر من آذار مع ارادة بكركي، لا بل أصبحت أزمتها السياسية أعمق. فهي ودعت الراعي بطريركا لم يلب يوما طموحاتها السياسية، لتستقبله في نهاية الاسبوع آتيا من الفاتيكان كاردينالا أصبح وقع خطابه المسيحي والسياسي أقوى.