الانكماش يضرب في السوق. اليوم هو ضيف «مملكة» الأدوات المنزلية ذات الأجلين المتوسط والطويل. هناك الكثير من الشركات التي تلقّت صفعة كبيرة بسبب تقلّص الاستهلاك. غالبية هذه الشركات كانت تراهن على أن تضخ الدولة، عبر سلسلة الرتب والرواتب، مبالغ كبيرة بين أيدي المستهلكين، فعمدت الشركات التجارية ذات القدرات الكبيرة إلى تخزين كميات كبيرة من السلع تمهيداً لبيعها في سوق التجزئة. حساب البيدر لم يطابق حساب الحقل، فالسلسلة لم تقرّ بعد، فيما استمرّ التراجع في السوق. ولّد هذا الأمر مجموعة من الشركات المثقلة بالأعباء، ما دفع مصرف لبنان إلى التعميم على المصارف بوقف التسهيلات لهذه الشركات، لا سيما أن بعضها بدأ يتخلّف عن سداد سنداته. لم يصل الأمر إلى درجة وصف هذه الشركات بالمتعثّرة، لكن بعضهم بدأ يبحث عن خيارات أخرى.
في هذا الإطار رشحت معلومات من رجال أعمال مفادها أن مجموعة «خوري هوم» التي تسيطر على حصّة سوقية تقدّر بنحو 50% من تجارة الأدوات المنزلية، دخلت في مرحلة جديدة من أجل حسم هوية مالكها الجديد من بين شركائها الحاليين. فالمعروف أن آل خوري لا يملكون هذه المجموعة وحدهم، بل لديهم شركاء استراتيجيون في هذه المجموعة؛ موسى الفرحان الذي يحمل نحو 30% من أسهم المجموعة وصندوق «يورومينا 2» الذي يحمل نحو 20% من الأسهم فيما تعود بقية الأسهم للإخوة جورج وانطوان وميشيل خوري. هذه المجموعة تملك نحو 20 شركة بينها صالات عرض «خوري هوم» و«حكيّم إخوان» و«Boconcept» وغيرها.
لفترة طويلة تربّعت مجموعة «خوري هوم» على عرش هذه السوق التي يقدّر حجمها بنحو 400 مليون دولار. اليوم، المشهد مختلف؛ آل خوري يميلون إلى انسحاب كامل من هذه التجارة، «فالعائلة تعتزم بيع كامل حصصها في «خوري هوم» والشركات التابعة بمبلغ 37 مليون دولار»، وفق ما يؤكّد أحد تجّار الأدوات المنزلية. لكن مصادر المجموعة تشير إلى أن المفاوضات لا تزال جارية بين آل خوري وشريكهم موسى الفرحان على الحصص في المجموعة، لافتة إلى أن «هناك شراكة في نحو 20 شركة ولا يزال الطرفان يبحثان عما يناسبهما في هذا الإطار. فهل يشتري آل خوري كل حصص شريكهم موسى الفرحان، أم بعضها، أم بالعكس. وبالتالي من سيتملك صالات العرض وحكيم إخوان، ومن سيتملك الشركات الأخرى... لا يزال الأمر قيد المفاوضات».
لكن ما الأسباب التي استدعت هذا الحسم في الخيارات التجارية لدى آل خوري وشركائهم، هل هو الركود العميق الذي ضرب هذه التجارة؟ أم أن الشركاء يحملون أسباباً أكثر خصوصية؟ أم هو مزيج من الأمرين معاً؟
يروي رجل أعمال مطلع على أوضاع تجارة الأدوات المنزلية أن هناك اسباباً كثيرة دفعت نحو هذه الصفقة. فهذه الشركة وغيرها تحصل على السلع من الوكلاء الحصريين مقابل تسهيلات مالية، لكن «خوري هوم» كانت قد ارست أيضاً مبدأ تسهيل البيع للزبائن (بالتقسيط ومن دون دفعة أولى وحتى بلا فوائد أحياناً) رغم أنها كانت تختبر فترة التوسّع بعدما اشترت شركة «حكيّم إخوان». يومها اتفق الطرفان على إنهاء المنافسة بينهما وترجيح كفّة السيطرة السوقية لمصلحة «خوري هوم» على أن يحافظ الأخير على كلتا العلامتين التجاريتين «خوري هوم» و«حكيم إخوان» للإبقاء على منافسة وهمية. لم يكشف الطرفان عن قيمة الصفقة، لكن رجال أعمال أوضحوا أنها تبلغ 37.5 مليون دولار يدفع خوري قسماً منها كدفعة أولى، ويسدّد الباقي على دفعات شهرية بموجب سندات تحصيل. بعد أشهر اختلف الطرفان على قيمة السندات والدفعات، فكان خوري يؤكّد أن المبلغ هو 26.5 مليون دولار، فيما تمسّك حكيّم بمبلغ 37.5 مليون دولار، أي أن قيمة الخلاف تبلغ 11.5 مليون دولار.
لجأ حكيّم إلى القضاء وقدّم السندات للتحصيل الفوري، لكن خوري قام بخطوة قضائية مضادة مؤكداً أن هناك تزويراً دفعه إلى توقيع قسم من السندات مرتين. القطب المخفية بين الطرفين بقيت تحت الطاولة فالمبلغ الحقيقي ليس معروفاً «لأن الاتفاق كان يتضمن بنداً لا يعلمه إلا الطرفان» وفق ما يؤكد المطلعون. إلا أن هذا البند هو الذي شكّل العنصر الأساسي في إنتاج حلّ بينهما، إذ لم تمضِ أسابيع على الدعوى حتى اتفق الطرفان على أن يتنازل كل منهما عن جزء مما يعدّه حقوقاً له لدى الثاني. فقبل حكيّم بحسم مبلغ 5 ملايين دولار من المبلغ الذي كان يطالب به، فيما وافق خوري على سداد 6 ملايين دولار من المبلغ الذي كان يراه تزويراً.
عند هذا الحدّ، كان هنك كلام كثير يتردد في السوق عن تدني نسب المبيعات، ولم يتوقف الأمر مع دخول صندوق «يورومينا 2» شريكاً جديداً في مجموعة «خوري هوم»، بل استمرّ الكلام نفسه إلى اليوم وسط حديث متزايد عن تراجع مبيعات سوق الأدوات المنزلية بنسبة تصل إلى 40% بسبب الأوضاع المشحونة.



المشهد المتغيّر

رغم أن مصادر مجموعة «خوري هوم» تؤكد أن التراجع في المبيعات يبلغ 3%، إلا أنها لا تستبعد إنهاء الصفقة بين آل خوري وشريكهما موسى الفرحان بعدما أصبح المشهد في مجموعة «خوري هوم» كالآتي: تقلّص المبيعات، تراكم التسهيلات المصرفية والديون للموردين، وتغيّر ملكية الشركة بعد دخول صندوق «يورومينا 2» الذي تديره شركة «كابيتال تراست» شريكاً بمبلغ 13.5 مليون دولار في المجموعة بعد تخمينها بسعر 70 مليون دولار.