الكويت | مرّت التظاهرات، التي جرت في الكويت مساء أول من أمس، بسلام دون مواجهات كبيرة، فيما بدا أن أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، يحاول استعادة زمام المبادرة في وجه المعارضة التي سجلت تراجعاً، من حيث انخفاض عدد المشاركين في مسيراتها، رغم أنها أبقت على السقف العالي وعلى التمسك بالتظاهر مجدداً.
وكان اللافت أمس، إلقاء الأمير كلمة موجهة إلى الشعب الكويتي، أمام مئات المواطنين في قصر «بيان»، وذلك على غير العادة، حيث إن معظم كلماته إلى الشعب تكون متلفزة، في صورة تبدو أنها هدفت إلى تأكيد وجود التفاف شعبي حوله وحول آل الصباح الحاكمين للبلاد.

وانتقد الأمير في كلمته، «مظاهر الانحراف والشغب والفوضى التي عمد البعض إلى افتعالها»، متسائلاً عن «حقيقة الأهداف من وراء حملات التصعيد والتطرف وافتعال الصدام وتجاوز القانون والمبادئ الدستورية والثوابت الإسلامية والوطنية». وأكد الامير أن «انحراف الخطاب السياسي وتعمد الاستفزاز اللفظي واستخدام لغة التهديد والتخوين والتحدي لا يمكن أن تكون سبيلاً لتحقيق المطالب السياسية ولا بديلاً عن الحوار الأخوي البناء».

وشدّد الأمير على أنه اتخذ قرار تعديل آلية التصويت في النظام الانتخابي «استجابة للضرورة الملحة، بما لا يسمح بأي تأجيل أو تسويف، وبهدف حماية الوحدة الوطنية وتعزيز الممارسة الديموقراطية وتحقيق تكافؤ الفرص وتمثيل شرائح المجتمع». وأوضح أنه اتخذ هذا القرار من منطلق مسؤوليته الوطنية والدستورية والتاريخية، وتفعيلاً لصلاحيات واضحة لا لبس فيها للأمير حددها الدستور وأكدتها أحكام المحكمة الدستورية وأيدها الخبراء والمتخصصون. وتابع الامير: «تركت لمجلس الأمة القادم مراجعة هذا التعديل ومعالجة جميع الجوانب السلبية التي تشوب قانون الانتخاب تحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا».

وأضاف الأمير: «قد نتفهم استياء من تضرّرت مصالحهم بهذا التعديل ونحترم وجهات نظرهم ووسائل التعبير عنها ما دامت في إطار القانون، ولكن ليس من حق أحد خرق السقف وانتهاك القانون الذي يظلل الحريات وينظم الممارسة السياسية الحضارية».

وإذ أكد أنه لن يتهاون «نحو كل ما من شأنه المساس بأمن الوطن وسلامة المواطنين واستقرارهم»، أعلن الأمير أنه تلقى اتصالات عديدة من دول مجلس التعاون الخليجي، أكدت «تضامنها الكامل مع الكويت واستعدادها لتقديم كل الإمكانات للحفاظ على أمنها واستقرارها».

وكان الأمير قد أعلن في وقت سابق، أن بإمكان من أراد الاعتراض على مرسوم التعديل، الذي نصّ على منح الناخب صوتاً واحداً بدلاً من أربعة، اللجوء إلى المحكمة الدستورية أو إلى غيرها من الطرق والوسائل القانونية التي كفلها الدستور، مؤكداً أنه إذا حكمت المحكمة ببطلان المرسوم، فسيقبل بالحكم.

ويعتبر عدد من المراقبين أن إصدار المحكمة الدستورية حكماً بإبطال مرسوم الصوت الواحد، يشكل المخرج الأنسب للمعارضة والسلطة على حد سواء.

من جهتها، أعلنت المعارضة، عزمها على مواصلة تحركاتها الميدانية، عبر تنظيمها تجمعاً قادماً باسم «إرادة امة»، الذي وصفته بأنه سيكون أكبر تجمع في تاريخ الكويت، لكن من دون إعلان موعد محدد لذلك.

وتأتي تظاهرة المعارضة المقبلة، بعد ما عُدّ إخفاقاً لها في تظاهرة أول من أمس، حيث سجلت انخفاضاً ملحوظاً في أعداد المشاركين، مقارنة بتظاهرة 21 تشرين الأول الماضي، التي ضمت نحو 70 ألفاً، وكانت الأكبر في تاريخ البلاد.