الدوحة | جدّد وزير البيئة ناظم الخوري، في مؤتمر الأطراف الثامن عشر لتغيّر المناخ، المنعقد في الدوحة، تعهد لبنان الطوعي بالوصول إلى نسبة 12 في المئة من الطاقة المتجدّدة من مزيج مصادر الطاقة بحلول عام 2020. وكان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قد أعلن هذا التعهد في عام ٢٠٠٩ خلال قمة كوبنهاغن حول تغيّر المناخ.
وفي ظل سباق الوقت الذي يخوضه لبنان لتسريع عمليات التنقيب عن النفط والغاز، والفشل الذريع في إقرار قوانين جديدة للطاقة تسمح بإطلاق مشاريع خاصة للاستثمار في الطاقة البديلة، يبدو تجديد هذا التعهد مغامرة من قبل الحكومة اللبنانية الحالية. ومن المعلوم أن عدم تأهيل المعامل الكهرومائية في لبنان والمشاريع المزمع تنفيذها على نهر الليطاني أسهما في تقليص نسبة الطاقة المتجددة. ورغم أهمية مشروع «هواء عكار» لطاقة الرياح، فإن إجمالي الاستثمار والخطط المثبت لتوليد الطاقة المتجددة لا تزال بعيدة جداً عن الهدف المرسوم، أي نسبة 12%.
ويشدّد لبنان على تجديد تعهده الطوعي بهدف الاستفادة من آليات السوق التي تنص عليها الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، وتحديداً الصندوق الأخضر. وكان الخوري قد ألقى كلمة في المؤتمر تساءل فيها عمّا يمكن أن تفعله البلدان المتقدمة إذا كانت لديها الرغبة في العمل، إذا كان بلد صغير مثل لبنان مستعدّاً لمكافحة تغير المناخ. لكن يبدو أن البلدان المتقدمة، وبعد أسبوع ونصف من المفاوضات في الدوحة، غير مستعدة في المدى المنظور لفعل أي شيء يمكن أن يحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
ومن بين نقاط الخلاف الرئيسية التي تعصف بمؤتمر الدوحة الذي يختتم مساء اليوم، قضية المساعدة المالية لدول الجنوب، المعرّضة أكثر من غيرها لعواقب التغيّر المناخي. بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة رفضت سويسرا الالتزام بتقديم مبلغ إضافي. وتطالب الدول النامية بمبلغ 60 مليار دولار مع حلول عام 2015 لضمان مرحلة انتقالية بين المساعدة العاجلة التي أقرّت عام 2009 بقيمة 30 مليار دولار لفترة 2010_2012 ووعد بتزويدها بـ100 مليار دولار سنوياً حتى عام 2020.
وطغت الأجواء المتشائمة على المفاوضين في الدوحة، إذ أعلن وائل حميدان، مدير الشبكة الدولية حول تغير المناخ ومقرها مدينة بون الألمانية، لـ«الأخبار» أن مسألة التمويل «تحدد نجاح أو فشل» مؤتمر الدوحة. ورأى حميدان أن عدم إعلان قطر، الدولة المضيفة، تقديمات مالية للصندوق الأخضر أمر مخيّب للآمال. وقالت هدى بركة، مسؤولة الإعلام لمشروع غرين بيس _ العالم العربي، إن المنظمة تعتقد أن الوعود التي قدّمتها قطر لم ترتق إلى أن تكون تعهداً وطنياً شاملاً وطموحاً يمكن أن يساعد في دفع محادثات المناخ قدماً.
أما الملف الكبير الآخر في الدوحة فهو المرحلة الثانية من «كيوتو»، والتي ما زالت موضوع مفاوضات شاقة. ويتوقع إبرام اتفاق حول تمديد البروتوكول الذي يشكل الأداة الوحيدة الملزمة قانونياً للدول الصناعية وغيرها باستثناء الولايات المتحدة التي لم تصدّق عليه، بتقليص انبعاثاتها من غازات الدفيئة. لكن أثره سيكون رمزياً لا غير، نظراً إلى أن الالتزامات التي أعلنها الاتحاد الاوروبي وأستراليا بعد تراجع اليابان وروسيا وكندا لا تتجاوز 15% من غازات الدفيئة العالمية. لكن الدول النامية تصرّ على إبقاء هذه الأداة على قيد الحياة، لأنها تجبر دول الشمال على التحرك باسم «مسؤولياتها التاريخية» عن تغير المناخ.
وما زالت المفاوضات تصطدم بمدة مرحلة الالتزام الثانية، بعد انتهاء مهلة الأولى في أواخر كانون الأول. وتشدد دول كثيرة من الجنوب، وفي طليعتها الجزر الصغيرة، على اقتصار مدة المرحلة الثانية على خمس سنوات، لتجنّب جمود طويل في طموحات الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة الضعيفة. ويطالب الاتحاد الأوروبي بمدة 8 سنوات هي مدة التزامات تقليص الانبعاثات بنسبة 20% مع حلول 2020 التي اتخذتها في إطار تشريع داخلي.
وتبقى مسألة فائض حصص الانبعاثات الباقي من مرحلة الالتزامات الأولى والتي تسعى دول على غرار دول أوروبا الشرقية كبولندا الى مواصلة استخدامها. لكن هذا الخيار قد يشوّه النتائج المتوقعة من المرحلة الثانية على ما تؤكد دول الجنوب.