لم تحسب غدير يوماً أن تتحول سيدات وفتيات سوريات إلى زميلات لها في دورة تدريبية في التزيين في بلدتها طيردبا (قضاء صور). منذ نشأتها، وضعت الظروف والحاجات، السوريين والسوريات في خانة «الشغيلة المياومين» في البساتين وورش البناء، إلخ. لكن مشروع «دمج وتنمية قدرات النازحات السوريات اقتصادياً» الذي تنفذه «منظمة شيلد اللبنانية» و«مؤسسة فريديريتش إيبرت» الألمانية، كسر الصورة النمطية للسوري والسورية التي انطبعت في الخلفية الثقافية للكثير من اللبنانيين. فالمشروع لم يهدف إلى التمكين المعيشي للنازحين السوريين الذين يعدّون مع عائلاتهم بالآلاف في منطقة صور، بل دمجهن في البيئة التي وفدن إليها قسراً وتشعرهن بالغربة والعزل أحياناً. من هنا، طعّمت المشاركة السورية التي بلغت 20 متدربة مقيمات في بلدتي طيردبا ومعروب، بخمس مشتركات من طيردبا. هكذا، أصبح لغدير صديقات بين النازحات من خلال الدورة التي دامت شهراً كاملاً. كما أنها لن تتوانى عن أن تصبح زبونة لعدد ممن برعن وتفوقن خلال الدورة.
أما بالنسبة إلى السوريات أنفسهن، فقد كسرت الدورة الحاجز بينهن وبين العمل وحرية التنقل خارج المنزل. معظمهن قدمن من بيئة محافظة، إدلب وحماه وحلب. ملكة (19 عاماً) لم تكمل دراستها المدرسية في مسقط رأسها ونشأت في مجتمع ذكوري منعها من أبسط حقوقها. لكن نزوحها مع أسرتها وتعرضهم لمعاناة اقتصادية صعبة، عدّلا العادات الاجتماعية قسراً وكسرا قيد الأب والأخ واضطراهما إلى السماح لها بالاستفادة من الدورة والعمل لاحقاً، فقط من أجل المساعدة في دعم مداخيل الأسرة.
أمس، اختتمت الدورة الأولى ضمن المشروع، التي نفذت في قاعة بلدية طيردبا. احتفال التخرج تحدث فيه رئيس البلدية زيد مغنية الذي أثنى على خطوة دعم النازحين السوريين. من جهته، أعلن مدير المشاريع في «فريديريتش إيبرت» سمير فرح استعداد المؤسسة لتنظيم المزيد من الدورات بهدف المساعدة في دعم إمكانات العائلات السورية النازحة التي تعاني أوضاعاً صعبة. أما مدير المشاريع في «شيلد» سامر حيدر فقد أمل أن تندمج المستفيدات السوريات في المجتمع المحلي ويتمكنّ من إيجاد فرص عمل.