القاهرة | منذ اليوم الأول لـ«ثورة 25 يناير»، أي قبل عامين، كان نظام حسني مبارك المخلوع حريصاً على إخلاء «ميدان التحرير» من المتظاهرين، فاستخدم أسلوب القتل لمدة 18 يوماً، لكنه فشل في ذلك بسبب وحدة أبناء الميدان. لكن من تسلم الحكم بعده، سواء المجلس العسكري أو نظام الإخوان المسلمين، كانت لهم وسائل متنوّعة ولافتة و«مبتكرة» في العنف والوحشية، وخصوصاً تلك الموجهة إلى النساء. هكذا طفت على السطح مجدداً جريمة التحرّش الجماعي في النساء داخل ميدان التحرير وسط الميلونيات. لكن الجديد في القضية هو تناول بعض الصحف الغربية والنشطاء المصريين ما سمّوه «التحرش الجنسي المتعمّد» للمرة الأولى في مصر. هذا الأمر يؤكد أنّ هناك جماعات منظمة تقف وراءه، وقد توجّهت أصابع الاتهام علناً إلى الإخوان المسلمين ومن يناصروهم داخل جهاز الشرطة بحسب ما أوردت صحف أجنبية عدة، أبرزها الـ«دايلي نيوز» والـ«تايمز». نقلت تلك الصحف معلومات وتصريحات تؤكّد أن حوادث التحرش الأخيرة لا يمكن أن تكون عشوائية أو من طريق المصادفة، وخصوصاً أنّ هناك حالة اغتصاب جماعي معلنة شارك فيها أكثر من 50 شخصاً منذ أيام.اللافت في القضية أنّ هناك من يدّعي التدخّل لحماية الضحية المتحرّش بها. وفي الوقت نفسه يشارك في الجريمة بطريقة ما. من هنا أطلّت يوم الجمعة الصحافية هانيا مهيب والعازفة المعروفة ياسمين البرماوي والطبيبة النفسية منال عمر ضمن برنامج «آخر النهار» الذي يقدّمه محمود سعد ثلاث مرات أسبوعياً على قناة «النهار». بحضور المعالجة النفسية، سردت الفتاتان وقائع التحرش بهما في ميدان التحرير، الأمر الذي كشف للجمهور أنّ عصابات تحرّش منظمة تختار بعناية ضحاياها؛ لكون هانيا وياسمين شابتين مثقفتين من طبقة اجتماعية ميسورة. ويبدو أنّ الهدف من التحرش بات واضحاً للعيان، وهو منع تلك الفئة من الوصول إلى الميدان مجدداً في إطار الحملة المستمرة الهادفة إلى تشويه سمعة ذلك المكان وتخويف الناس منه، وإخلائه من الثوار وجعله مكاناً منفّراً للجماهير، لا جامعاً لها كما كان لغاية تنحي حسني مبارك عن السلطة قبل عامين. وقد طالب الكاتب والسيناريست بلال فضل أخيراً أنصار الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بالردّ على ما تنشره الصحف الأجنبية، بل مقاضاتها؛ لأنّ الصمت يعني اعتراف النظام بالمشاركة في تحريض تلك العصابات على التعرّض للناشطات... فهل نشهد فصولاً جديدة من فضائح التحرش الجماعي في الميدان؟ وهل تملك النساء المصريات القوّة للبوح بتفاصيل التحرش بهن؟ في زمن يحكم فيه الإخوان، أصبح كل شيء متوقّعاً!