يلاحق الحظ العاثر مسلسل «حبة حلب» الذي كتب نصه السيناريست عدنان العودة عن رواية «وداد من حلب» لقحطان مهنا. بعد اعتذار المخرجة رشا شربتجي عن عدم إنجاز المسلسل، وصل النص إلى المخرج باسل الخطيب، فأعاده إلى كاتب السيناريو ليحوّل التفاصيل من البيئة الحلبية إلى بيئة عامة تنسجم مع دمشق بسبب صعوبة التصوير في عاصمة الشمال السوري حيث المعارك العنيفة.
لكنّ بعض المواقع المتطرفة في مواقفها المعارضة للنظام وجدت في ذلك فرصة لتنهال على العمل بالشتائم. إذ اكتشف موقع «أورينت نت» (تابع لتلفزيون الـ«أورينت») في مقال نشر قبل أيام أنّ المسلسل نموذج عن الاسترزاق وتشويه البيئات السورية رغم تصريح الكاتب للموقع بأنّه عالج النص دون أن يخسر شيئاً من قيمته، وأنّ ميزة الحكاية هي إمكان تحققها في أي مدينة سورية. إلا أن الموقع المعارض آثر اختلاق مشكلة، فذهب إلى الصحافي محمد منصور الذي ردّ بمجموعة شتائم، معتبراً أنّ تحويل المسلسل إلى الشامي كارثة درامية أو أنّ النص سياحي لا يحمل أي نظرة عميقة لواقع حلب. ثم تحول النقد إلى العنصرية البحت مع اتهام باسل الخطيب بأنّه يشبه الخيّاط، ولا ينتمي إلى أي بيئة سورية (على اعتبار أنّه من أصل فلسطيني). طبعاً ضرب منصور بعرض الحائط التاريخ الفني الغني لصاحب «أيام الغضب» في الدراما السورية، وتجاهل أنّ المخرج ينتمي إلى المدن السورية، هو الذي عاش حياته متنقلاً فيها. طبعاً لم ينس منصور أن يذكّرنا بأن الخطيب هو زوج ديانا جبور مديرة «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني»، لكنّه تناسى أنه سبق لها تولّي إدارة المؤسسة الحكومية في موسم سابق من دون أن تتفق مع زوجها على أي مسلسل، وأنّ العمل وصل إلى الخطيب بعد اعتذار شربتجي وسفر غالبية المخرجين خارج سوريا. بعد ذلك، توسع هجوم منصور ليصيب كل من يعمل في الدراما، مستغرباً «بأي عين يكتب هؤلاء بينما النظام يقتل كل يوم». ربما تقصّد الناقد السوري والموقع الذي فتح له الباب لشتم كل من يصنع دراما في الوقت الحالي، صمّ أذنيه عن توضيح عدنان العودة عبر صفحته على الفايسبوك (راجع الكادر). في حديث مع «الأخبار»، يقول العودة: «حري بمن يريد النقد أن يقرأ الرواية أو النص الذي كتبته ثم يتوجه لي بالسؤال، وتلك أبسط قواعد النقد الفني». وأضاف أنّه غيّر اسم المسلسل أخيراً ليصبح «وطني». هكذا، تدخل المعركة فصلاً جديداً من تخوين كل من يحاول العمل والبقاء حياً من دون أن يكون مرهوناً بمواقف وجهات تمويل ذات أهداف سياسية... وما زالت المأساة مستمرة.



اذهبوا إلى الجحيم

سبق للسيناريست عدنان العودة أن كتب على صفحته على فايسبوك: «حين سُئلت (باتهام) كيف تعتبر نفسك معارضاً، وتعمل مع جهة حكومية؟ أجبت: الحكمة ضالة المؤمن. ولن أكون كبعض مسلمي إندونيسيا الذين رفضوا المشي على طرقات الإسفلت لأنّ من عبّدها شركات أوروبية مسيحية أو أميركية يهودية! وإذا ما كان عدد السوريين الجياع أو المحتاجين للعمل في هذه الظروف المزرية يصل إلى ثلاثة ملايين، وكان باستطاعتي المساعدة بخفض الرقم حوالي خمسمئة سوري ــ أياً كان موقفهم السياسي ــ سيعملون في هذا المسلسل، فإنني سأفعل دونما تردد، ولتذهب الموالاة والمعارضة إلى الجحيم».