منذ أن كان في الـ 19 من عمره، بدأ طارق يمني (1980 ــ الأخبار 13/10/2011) يستمع الى الجاز، لكن اكتشافه الموسيقى بدأ قبل ذلك، عندما لاحظ والداه تمتّعه بأذن موسيقية وهو في الرابعة. الشاب الذي تلقى دروساً في العزف الكلاسيكي على البيانو لسنوات، لم يجد نفسه في النمط الكلاسيكي، كما هي حال معظم الموسيقيين الميّالين الى الجاز. كان سماعه مقطوعة لعازف البيانو والمؤلف الاميركي هيربي هانكوك للمرة الأولى في أحد المحالّ المخصصة لبيع الأسطوانات كفيلاً بوقوعه في حبّ الجاز.
كان الأمر أشبه بالعثور على استقلالية ما في الموسيقى، وحرية في التعبير الفني لم تؤمنها الموسيقى الأكاديمية كما يؤكد في حديث مع «الأخبار». موسيقى تخصّص فيها في هولندا بعدئذٍ، الى جانب دراسته علوم الكمبيوتر في «الجامعة الأميركية في بيروت». اضطر إلى دراسة أي شيء آنذاك في الجامعة بسبب الضغوط الاجتماعية التي مورست عليه، فانتهى به الأمر الى اختيار الكمبيوتر، لكن بقيت الموسيقى همّه الأكبر، فانضمّ أولاً الى فرقة «عكس السير» للهيب هوب حتى أطلق منفرداً ألبومه الأول «آشور» عام 2010. في العام نفسه، فاز يمني بجائزة «مسابقة تيلنيوس مونك الدولية للجاز» المرموقة بفضل مقطوعة «سماعي يمني». عن هذا العمل، يشرح: «أردت أخيراً إصدار مقطوعة «سماعي يمني» التي يضمّها ألبومي. فيها، نسمع رشا رزق تؤدي غناءً الـ «أمان» على طريقة الجاز. إنه عمل تجريبي يمزج بين الموسيقى الشرقية والجاز. رغبت أخيراً أن أعيد إصدارها منفردة، وأن يتمكّن الجميع من سماعها مجاناً عبر موقعي على الإنترنت. لم يهمني بيعها». في هذه المقطوعة تحديداً، شيء جذاب جداً للأذن، وممتع سواء من ناحية اللحن والتوزيع، أو من ناحية صوت رزق وأدائها اللافت. يجمع بين الألحان الشرقية والجاز بموهبة وإحساس موسيقي عال. وبإمكان أي كان أن يدخل موقع الفنان على الإنترنت ويحمّل الأغنية. هذه المقطوعة كانت إذاً جزءاً من ألبوم المؤلف «آشور» ضمن ثلاثي ضمّ الى جانبه عازفي توبا ودرامز، لكن النسخة الموجودة في الألبوم آلية فقط ولا نسمع فيها صوت رزق. كان يمني أحد المشاركين في «يوم الجاز» الذي نُظم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عام 2012. ويتذكر العازف هذه المشاركة بفخر معبراً عن «شرفي للمشاركة فيه الى جانب أسماء كبيرة مثل هيربي هانكوك وواين شورتر وريتشارد بونا وزكير حسين».
يبدو يمني حالياً مركّزاً على إقامة الحفلات الموسيقية، أكثر منها التأليف وإصدار الألبومات، مع أنه لا يخفي أنّه يفكّر في ألبوم جديد. وهو يضرب موعداً لنا الليلة في «مترو المدينة»، حيث أعدّ مجموعة من المقطوعات البرازيلية من ريبرتوار السامبا والبوسا نوفا، إضافة الى مؤلفات من موسيقى الجاز.
مع أنه ابتعد عن الأداء الكلاسيكي، فهو لا ينكر تأثره بهذا النوع من الموسيقى، الى جانب موسيقى العالم. ضمن ألبوم «أشور»، مقطوعات مبنية على مؤلفات «بريلود» لباخ من مجموعته الشهيرة «الكلافسان المعدّل جيداً». يؤكد لنا: «الكلاسيكي جزء من موسيقى العالم التي كوّنت هويتي الموسيقية». فضلاً عن ذلك، يعتبر نفسه مهووساً باكتشاف موسيقى العالم، من روسيا الى البرازيل ومختلف البلدان. لطالما أمضى ساعات في الاصغاء الى أنواع متعددة، وسعى الى تحليل ما يميّز تلك الموسيقى عن الأخرى واستخلاص مميزاتها، ما جعل تأثره بأنواع مختلفة بديهياً، لكن يبقى أن حبّه الكبير هو للجاز وميله لهانكوك وكولترين الى جانب الأسماء الكبيرة في عالم الموسيقى الارتجالية.

حفلة طارق يمني: 9:00 مساء اليوم ــــ «مترو المدينة» (الحمرا ـ بيروت) ـ للاستعلام: 01/753021
http://www.tarekyamani.com



عكس السير

بدأ طارق يمني العمل بين فرقة الراب اللبنانية «عكس السير»، والتلحين الموسيقي لبعض العروض الراقصة، تعاون مع المخرجة السويدية إيفا برغمان واللبناني عمر راجح. كما انخرط في أنماط موسيقيّة متنوّعة مثل الأفرو _ كوبية، والبرازيلية، والفلامنكو، والموسيقى الإلكترونية والعربية. وفي عام 2002 شارك يمني في تأسيس فرقة «فنجان شاي» التي شاركت في تنفيذ ألبوم Beyond Traditions لزياد الأحمديّة و «خلخال» لمكادي نحاس. تجارب فنية عدّة شارك فيها الشاب اللبناني بالأداء مع مجموعات مختلفة حول الشرق الأوسط والخليج وشمال أفريقيا، وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية.