لم يفاجئ الرئيس سعد الحريري جمهوره. لم يزر ضريح والده، ولم يظهر في البيال محيياً الجماهير على طريقة فؤاد السنيورة. لكن الانتظار لم يطل. الشيخ سعد على شاشة ضخمة. الخطاب لم يكن عادياً، لكنه أيضاً لم يكن استثنائياً. أراد منه الرئيس الشاب هدفين رئيسيين: بدء حملته الانتخابية تحت شعار الاعتدال والمدنية، والتمهيد (جدياً هذه المرة) لعودته إلى بيروت. تقمّص الرجل دور المنفيّ قسراً. حاول الإيحاء بأن بقاءه في الخارج هو فعل نضال، وأن عودته ستكون فعل نضال أيضاً: «الله يعينهم بس ارجع». يُسَجّل له جنوحه نحو خطاب الاعتدال، وتبني الطروحات التي تُسمى في لبنان مدنية: بعد الزواج المدني، تمكين المرأة من منح جنسيتها لأبنائها. «نحن تيار معتدل، ولن يجرّنا احد إلى التطرف». ممتاز! لكن يبدو ان الحريري، ومن شاركوه صياغة الخطاب المكتوب له، لا يفرّقون بين الشعار وبرنامج العمل. شعاره الاعتدال، اما برنامج عمله، فخالد ضاهر ومحمد كبارة وغيرهما. هل أحصى الحريري يوماً عدد كلمات «طائفة» و«أهل السنة» و«نحن مستهدفون» و«مناطقنا» وغيرها من مكونات الحقل المعجمي المذهبي التي ترد في خطابات نواب تياره ومسؤوليه؟ لا هم. المهم هو الشعار الذي يحضر مجدداً في حديثه عن العلاقة بين حزب الله والرئيس نجيب ميقاتي. فالأخير، برأي سلفه، حصل على رشوة وزارية من الحزب لقاء ثلاثية «الحزب والجيش والمقاومة». مهلاً. أليست هذه العبارة هي ذاتها التي وردت في البيان الوزاري لحكومة الحريري نفسه، وحكومتيه اللتين ترأسهما السنيورة؟ ما هي الرشوة التي حصل عليها الرجلان من الحزب؟ ليست رشوة، بل إرادة ملكية.
شعار آخر رفعه الحريري أمس، مستعيراً من الحملة التسويقية للذكرى: الحلم. أخبر الجمهور بأن والده الرئيس الراحل رفيق الحريري كان يحلم بألا تبقى الكهرباء والهاتف والطرقات والمستشفيات والمدارس والجامعات والوظائف أحلاماً يلاحقها اللبنانيون. هذا شعار انتخابي جميل، وبراق. لكنه يليق بنجاح واكيم، لا بمن أمسك بالسلطة طوال 18 عاماً من أصل السنوات الـ21 الأخيرة، وكان شريكاً، بشكل أو بآخر، في السنوات الثلاث الأخرى.
يُسَجّل للحريري أيضاً اعترافه بانتشار السلاح في كل لبنان. لكنه قصد من وراء ذلك حشر سلاح المقاومة في إطار مذهبي. توجه إلى «الشيعة» قائلاً إن السلاح لا يحميهم. هل سمع يوماً كلاماً مشابهاً؟ يخترع الرجل نظرية لتصديقها ثم البناء عليها. والشيعة باعتراف الزعيم الشاب موجودون في لبنان منذ أكثر من ألف عام. وهو يريد تعزيز الاعتدال بينهم. شعار «لمّيع» آخر. لكن أين برنامج العمل؟ إنه في التحالف الرباعي وفي رفض أي صيغة جدية للنظام الانتخابي النسبي، الذي وحده يتيح للشيعة الذين يعترف الحريري باعتدالهم أن يرفعوا صوتهم.
عودة إلى السلاح، على شعار «الجيش اللبناني وحده» يحتكر القوة. مرة أخرى، لا يلتفت الحريري إلى برنامجه الذي ظهر جلياً عندما كان فريقه ممسكاً بالسلطة، سواء في عهده أو عهد سلفه (السنيورة). حينذاك، كان تعامله مع الهبة العسكرية الروسية أبلغ دليل على شكل الدولة التي يريد الحريري وفريقه الساسي العبور إليها، وعلى القوة التي يرى أن الجيش يحتاجها للدفاع عن لبنان. فعندما عرضت موسكو تعزيز سلاح الجو اللبناني (أو وضع اللبنة الاولى له لأن لا سلاح جو في لبنان)، رحّب الحريري بها. سعى إلى تحويل الهبة شعاراً في وجه حزب الله. لكن التنصل من العرض الروسي لم يكن بحاجة إلى أكثر من همسة اميركية، وتربيتة على الكتف.
الهجوم الأعنف على حزب الله
في كلمته أمس، شن الحريري هجوماً عنيفاً على سلاح المقاومة وحزب الله، معلناً أنه «سيكون الى جانب 14 آذار في معركة الانتخابات المقبلة مهما كان القانون ومهما كانت التحديات واشتدت المخاطر». وأشار رئيس الحكومة السابق إلى أن تيار المستقبل بادر «إلى تقديم اقتراحات واضحة تقضي باجراء تعديلات دستورية تؤدي لالغاء الطائفية السياسية وانشاء مجلس شيوخ واعتبار اعلان بعبدا بشأن حياد لبنان جزءا من مقدمة الدستور، اما حصرية السلطة في يد الدولة اللبنانية ومؤسساتها فهي بيت القصيد في كلمتي اليوم».
وحمل الحريري على السلاح معتبراً أن «سلاح حزب الله وسراياه هو الخطر الأكبر، وحزب الله يرفض الاعتراف بهذا الامر». وبرأيه أن «كل لبناني قادر ان يرى ان المشكلة ليست خطأ قاتلا في عرسال بل المشكلة أن سلاحا قاتلا منتشرا في عرسال بحجة وجود دويلة اقوى من الدولة». ورأى الحريري أن «حزب الله مستعد لتقديم رشوة وزارية لرئيس الحكومة على حساب حصة الحزب، لقاء ان تتشكل حكومة لا تقترب من السلاح وهو مستعد لمجاراة حليفه ميشال عون بالقانون الارثوذكسي ليبقي البرلمان تحت سقف السلاح، وهو مستعد لأن يمرر تمويل المحكمة الدولية في الحكومة ويتناسى لوليد جنبلاط حملاته السابقة وموقفه من نظام الاسد لقاء ان يبقى السلاح خارج التداول». وأشار الحريري إلى أن الدولة «لا يمكن أن تعيش فوق غابة من السلاح غير الشرعي أي سلاح حزب الله وسلاح فتح الاسلام ومن هم على صورة فتح الاسلام».
ولفت الحريري إلى أن «المحكمة الدولية تتقدم والمجرمين سينالون العقاب عاجلاً أم آجلاً، هل يعقل ان يمنع حزب الله حتى اليوم تسليم المتهم بمحاولة اغتيال النائب بطرس حرب؟»، مشدّداً على أن «أي إنكار لوجود وظيفة مباشرة لسلاح حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية هو انكار لجوهر المشكلة».
وعن الانتخابات، قال الحريري «سنحوّل الحلم الى حقيقة والخطوة الأولى هي الانتخابات النيابية التي نخوضها مع بعضنا ومع حلفائنا في 14 آذار ومع اللبنانيين المؤمنين بالدولة المدنية». وأضاف: «قدمنا مبادرة لكن مشروعنا لا يقف عندها... مشروعنا هو أن نعطي الشباب والشابات حق الانتخاب بعمر 18 سنة، وأن نعطيهم ببلدان الانتشار حق استرجاع الجنسية اللبنانية، وإعطاء المرأة اللبنانية مواطنيتها الكاملة بما فيها الحق أن تعطي أولادها جنسيتها». وأكد الحريري أنه سيعود إلى لبنان قريباً.
11 تعليق
التعليقات
-
بين سعد والاسيرصحيح الله يعين الناس بس يرجع, وخصوصاً اللي ماشيين وراه, لأنن بدن يصيروا تحت رحمة المنافسة بينو وبين أحمد الأسير, وخوذ على وعي ومستقبل باهر!! الله يستر
-
الى الحريريلبنان بحاجة الى نواب ووزراء لبنانيو الجنسية والانتماء و لسنا بحاجة الى من يثير الفتنة الطائفية لمصلحة السعودية و امريكا
-
للأسفأنا جزائري، و متابع دائم للشأن اللبناني، و أتأسف لما شاهده في 14 فيفري 2013 في البيال. سعد الحريري "غلام آل سعود" يتهجم على المقاومة و سلاحها، عبر الشاشات، و كل ما يسمى قيادات 14 آدار غائبة. لا دكر للعدو الصهيوني. يحاربون من وراء الشاشات بدم و لحم الخرفان التي تتبعهم. حقا يوم 14 فيفري 2013 مات رفيق الحريري نهائيا.
-
المنافقونفي الحقيقة أنا لم أقرأ المقال ولم أتابع سعد إلا للحظات وهو يعظ اللبنانين في الحرية والمدنية والعيش المشترك في حين كانت الصيحات في البيال تعلو بقول الله أكبر ... الله أكبر هذه الجملة التي ترتبط لدينا نحن السوريين بمئات المقاطع التي يظهر فيها من يدعون الإسلام وهم يقطعون الرؤوس عقاباً لأناس ليس ذنبهم سوى أنهم خالفوهم الرأي .. ثقافة قطع الرؤوس التي يدفع من أجلها سعد وحاضنته الخليجية ملايين الدولارات .. لقد تعبنا من النفاق . تعبنا من سماع عملاء المخابرات السورية واليوم الأمريكية وهم ينظرون علينا بالحرية . تعبنا من سماع من يدفع المال ويقدم السلاح لجبهة النصرة وهو ينظر علينا في الدفاع عن حقوق الشعب السوري ومأساته . ولأكون صادقاً حتى العظم تعبنا من صبر قياداتنا في سوريا ولبنان ولكني وبعد كل الدماء التي قدمها شعبنا وجيشناالعربي السوري فإنن أعلنها وعلى الملأ ... بعد اليوم لن نرضى بتبويس اللحى .. في لبنان يمكنكم أن تتصالحوا بحجة العيش المشترك ولكن في سوريا نقولها جازمين : لن تدوس يا سعد أرض الشام بعد الآن .. لن تدوس يا حمد وأردوغان وعبد الله أرض سوريا .. ولك يا سيدي الرئيس بشار الأسد أقول : لا تسامح لأننا في سوريا لن نسامح ولن نسامح من يسامح ...
-
ايه اهلين !!!!اي متى رح يتعلم انو اللي بيحكي بدو ينفذ او على القليلة يجرب لتسجل له التجربة
-
18سنه نهب بالبلد من سوليدير18سنه نهب بالبلد من سوليدير وسوكلين ونازل .أوجدوا سلاله وبطانه من أفسد ما عرفه لبنان على مر تاريخه..قالوالنا ولا يهمك الشغل ماشي وغنوها لسنين .من يذكر الوعد بالعشر سنين وعد أطلقه رفيق الحريري 18سنه كانت نتيجتها أكثر من 50مليار دين و6ساعات كهرباء باليوم.ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها ويتهمون جبران باسيل ويشيطنون كنعان ويمنعون شربل نحاس بواسطة شبيحهم عبد المنعم يوسف من دخول الطابق الثاني..ولك (...) على أحلامكم التي جعلت من بيروت ماخورا...يا لعاركم ماذا سيقول التاريخ ويسجل
-
الله يعين اللبنانيين اذا شلحالله يعين اللبنانيين اذا شلح ثيابه! كل الخطابات والتحريض المذهبي الذي يقوم به الضاهر ومرعبي وكبارة و... هو لتيار معتدل!!!! شو هالضحك على الناس, يمكن يكون الشيخ سعد عم يستغبي الناس بأن خطابات نوابه وخاصة منذ خروجه من السلطة هي خطابات معتدلة! وبأن التهديد والوعيد لجماعته لباقي الناس والمجتمع وعلى شاشات التلفزيون لهو خير دليل على تطرف تياره والجماعات السلفية التي يخبّئها تحت عباءته وانه اذا اتى الى لبنان فالله يعين اللبنانيين منه (حسب قوله) لما يخبىء من خطط للفتن بين الناس واثارة النعرات المذهبية والمشاكل في جيوبه ليوزعها على الناس ,والله يعين اللبنانيين اذا شلح ثيابه.
-
إلى الحكومة الحاليةنتمنئ من الرئيس نجيب ميقاتي ان يصدر مع حكومته قرارين الأول يسمح للبنانيون بسن الثامنة عشر بالانتخاب ،والثاني هو ان يصدر قانون يجيز للمرأة البنانية منح أولادها الجنسية اللبنانية وخصوصا للمقيمين على الأراضي اللبنانية.ويكون بذلك قد فعل ما لا يكلف الخزانة ليرة واحدة التي أفرغها الفريق الآخر ،وخدم من اللبنانيات عدد لا يستهان به ويكون أيضاً اول من يضع مدامك الدولة المدنية العادلة التي لا تميز بين أبناءها بحسب الجنس او اللون او الدين.
-
الله يعين الفقيرالحمدالله انهم اخترعوا الكتابة ع الكومبيوتر وإلا كنتم قد شاهدتم كم هو خط تيار المستقبل بشع.وبكل المقاييس فأهم شئ في الخط هو وضوحه،فهذا يعني الصدق،فكل ما كالوه من اتهمات باطلة لغيرهم هي حقيقة من صميم خطهم،حتى الممانعة فهم ما زالوا يمانعون ان يشاركهم احد بالسلطة. فألى كل الفقراء والبسطاء الذين شاهدوا البيال ،أوجه سؤالي الم تلاحظوا جمال أسنان كل المشاركين بالاحتفال ؟ فأذا كنتم تملكون نفس الأسنان كما وعدداً وجمالاً وبياضاً لا تنتخبوا الا جماعة ١٤الشهر.فأنا اصدق كل ما قد قالوه. واذا لا فهل تملكون انتم المقدرة المالية وبأستطاعتكم انتم الذهاب إلى دكتور الأسنان كل ستة اشهر والعناية بأسنانكم وجمالها.؟ فأذا لا فلا تصدقوا نصف ما قالوه. فمن منكم يستطيع ان يعمل إجازة سنوية في مالطا او جبال الألب او في اي بلد الله يرحم سوريا.لا احد صدقوا اذن ربع ما قالوه. ومن منكم لديه القدرة للذهاب إلى البحر مع عائلته،فقبل مدرسة الحريري الكريمة كان في كل منطقة بالبنان شاطئ شعبي للفقير مجاني،هل تذهبون للسباحة ؟ فأذا لا ،فلا تصدقوا ولا كلمة من كل ما قد قالوه. لو وقع أحدكم في الشارع بذبحة قلبية ،هل يمكنه ان يدخل المشفى دون ان يملك مبالغ طائلة من المال،فأذا لا،لماذا تعلون قلبكم وتنتخبوا لوائح ١٤الشهر؟ فهل حقاً هؤلاء هم صادقون فيما يدعون.