ابتداءً من يوم أمس، صار بإمكان أي مواطن لبناني أن يتصل برقم الطوارئ في قوى الأمن الداخلي، 112، للإبلاغ عن مكان وجود مصطفى بدر الدين، فور أن يشاهده في الشارع أو في مقهى ما، أو في أي مكان آخر. ما تقدم ليس طرفة، بل إنه بالضبط ما حاول المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، دانيال بلمار، قوله في البيان الذي أصدره أمس، بعدما نشرت المحكمة أسماء المتهمين الأربعة في الجريمة.يبدو بلمار كمن يحاول التذاكي على الرأي العام، من خلال القول إن نشر الأسماء «يعزز إمكان اعتقال المتّهمين في حال رؤية الجمهور العام لأي منهم». فالأسماء نشرتها وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية عندما كان مندوبو بلمار لا يزالون موجودين داخل مكتب المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا يوم 30 حزيران الماضي. أما الصور، فبدأ التداول بها في اليوم ذاته. أسماء المتهمين معروفة، وما نُشِر عنهم أمس على الموقع الإلكتروني للمحكمة الدولية جرى تداول معظمه عبر وسائل الإعلام خلال الأسابيع الأربعة الماضية.
منذ ظهر أمس، نشر الموقع الإلكتروني للمحكمة قراراً صادراً عن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، يقول فيه إنه رفع فيه السرية عن أجزاء من القرار الاتهامي. وهذه الأجزاء تتضمن أسماء المتهمين، ومعلومات عنهم، وفقاً للآتي:
مصطفى بدر الدين: وُلد مصطفى أمين بدر الدين («بدر الدين») (المعروف أيضًا بأسماء مصطفى يوسف بدر الدين، وسامي عيسى، وإلياس فؤاد صعب) بتاريخ 6 نيسان 1961، في الغبيري، في بيروت، بلبنان. وهو ابن أمين بدر الدين (الأب) وفاطمة جزيني (الأم). ومحل إقامته غير معروف بالتحديد، لكن اسمه رُبط ببناية خليل الراعي، الكائنة في شارع عبد الله الحاج في الغبيري، بجنوب بيروت؛ وببناية الجنان، الكائنة في شارع العضيمي، في حارة حريك، ببيروت. وهو لبناني، رقم سجله 341/ الغبيري..
سليم عياش: وُلد سليم جميل عيّاش بتاريخ 10 تشرين الثاني 1963، في حاروف، بلبنان. وهو ابن جميل دخيل عيّاش (الأب) ومحاسن عيسى سلامة (الأم). وسبق له أن أقام في أماكن منها: بناية طباجة، الكائنة في شارع الجاموس، بالحدث، في جنوب بيروت؛ وفي مجمّع آل عيّاش في حاروف، بالنبطية، في جنوب لبنان. وهو لبناني، رقم سجله 197/حاروف، ورقم وثيقة سفره لأداء فريضة الحج 059386، ورقمه في الضمان الاجتماعي 690790/63.
حسين عنيسي: وُلد حسين حسن عنيسي (المعروف أيضًا باسم حسين حسن عيسى) بتاريخ 11 شباط 1974، في بيروت، بلبنان. وهو ابن حسن عنيسي (المعروف أيضًا باسم حسن عيسى) (الأب) وفاطمة درويش (الأم). وقد أقام في بناية أحمد عباس، الكائنة في شارع الجاموس، قرب ليسيه دي زار (Lycée des Arts)، في الحدث، بجنوب بيروت. وهو لبناني، رقم سجله 7 / شحور.
أسد صبرا: وُلد أسد حسن صبرا بتاريخ 15 تشرين الأول 1976، في بيروت، بلبنان. وهو ابن حسن طحان صبرا (الأب) وليلى صالح (الأم). وقد أقام في الشقة 2، الطابق الرابع، بناية رقم 28، شارع 58، في الحدث 3، بجنوب بيروت، ويُسمى الشارع أيضًا شارع سانت تيريز، في الحدث، بجنوب بيروت. وهو لبناني، رقم سجله 1339 زقاق البلاط.
وبحسب الموقع الإلكتروني للمحكمة، فإن بدر الدين وعياش متهمان بالتآمر لتنفيذ عمل إرهابي، وبتنفيذ عمل إرهابي بواسطة مواد متفجرة، وبقتل رفيق الحريري و21 آخرين عمداً، وبمحاولة قتل 231 شخصاً آخرين (أي جرحى انفجار 14 شباط 2005). أما عنيسي وصبرا، فمُتهمان بالتدخل في الجرائم المذكورة.
قاضي الإجراءات التمهيدية والمدعي العام كررا مقولة إن المتهمين لا يزالون متمتعين بقرينة البراءة، مشيرَين إلى أن السلطات اللبنانية «تستمر في بذل جهودها الرامية إلى توقيف المتّهمين».
وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر معنية بالملف أن المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا سينظم تقريره بشأن البحث عن المتهمين، ليقدمه إلى المحكمة الدولية بعد الحادي عشر من آب. ففي ذلك التاريخ، تنتهي مهلة الثلاثين يوماً التي حددتها أنظمة المحكمة لإبلاغ المتهمين، إذ إن تلك المهلة تتحدث عن 30 يوم عمل.
ولم تتمكن مصادر متابعة من تفسير خطوة بلمار وفرانسين بشأن نشر أسماء اللبنانيين الأربعة، سوى بأنها تهدف إلى القول لاحقاً إن المحكمة والسلطات اللبنانية قامت بكل ما عليها من أجل إبلاغ المتهمين، وبالتالي، صار مشروعاً السير في المحاكمات الغيابية، بعد إبلاغ المتهمين بواسطة وسائل الإعلام.
وتجدر الإشارة إلى أن أسماء المتهمين الأربعة، أضيفت إلى لائحة مطلوبي الأنتربول، بناءً على قرار القاضي فرانسين.

شهود الزور مجدداً

وفي بيروت، عاد ملف شهود الزور إلى دوائر وزارة العدل، حيث قال وزير العدل شكيب قرطباوي لـ«الأخبار» إنه سيبدأ خلال عطلة نهاية الأسبوع الجاري دراسة الملف، بعدما تسلم تقريراً مفصلاً عنه خلال اليومين الماضيين. وقال قرطباوي إنه فوجئ بالحجم الكبير للملف، لافتاً إلى أن هذه القضية «ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه لو أن قضاة التحقيق كانوا قد قاموا بما يجب عليهم منذ البداية، أي تنفيذ ما تنص عليه المادة 89 من قانون أصول المحاكمات الجزائية».
يُذكر أن نص المادة المذكورة يتحدث عن ملاحقة الشاهد بجريمة شهادة الزور، وفيه أنه إذا جزم الشاهد بالباطل أو أنكر الحقيقة، أو كتم بعض أو كل ما يعرفه من وقائع القضية التي يُسأل عنها، يحيل قاضي التحقيق المحضر الذي دونت فيه إفادته على النيابة العامة الاستئنافية لتلاحقه، ويُعاقب وفقاً للمادة 408 من قانون العقوبات، التي تصل عقوبتها إلى السجن 3 سنوات، وإلى 10 سنوات في حالات أخرى.
وتمنى قرطباوي ترك المسألة للقضاء حتى يقوم بما عليه، بعيداً عن السياسة والإثارة الإعلامية. ولفت إلى أن عدم اكتمال هيئة المجلس العدلي، بسبب شغور موقع الرئيس، لا يعني قانوناً عدم إمكان إحالة القضايا عليه، لأنه في البداية يجري تعيين قاضي تحقيق عدلي (يعيّنه وزير العدل بناءً على موافقة مجلس القضاء الأعلى) وهذه مهمة تحتاج إلى وقت ليس بقليل، يكون خلالها قد جرى تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى، الذي يُعد حكما رئيساً للمجلس العدلي.
يُشار إلى أن النيابة العامة لدى المجلس العدلي تتمثل في النائب العام التمييزي، القاضي سعيدا ميرزا، وهذا ما يمكن أن يطرح إشكالية إضافية لاحقاً إذا أحيل ملف شهود الزور على المجلس المذكور. فميرزا، بحسب فريق الأكثرية، هو أحد الأشخاص الذين أسهموا في «فبركة» أولئك الشهود، وبالتالي قد يُنحّى عن متابعة هذه القضية تحت عنوان ما يعرف قانوناً بـ«الارتياب المشروع». وبشأن هذا المسألة، لا يحبذ قرطباوي استباق الأمور، مكتفياً بالقول إن «هذه مسائل تحل في وقتها».
من ناحية أخرى، يلفت أحد نواب الأكثرية إلى ضرورة تحريك ملف شهود الزور في أقرب وقت، «أقله أمام القضاء العادي، إن تعذر ذلك أمام المجلس العدلي في الوقت الحاضر، وطبعاً الأفضل أن يحال على المجلس، لكن لا يمكن الانتظار كثيراً. ففي ربيع عام 2009 أطلق سراح الضباط الأربعة، ولاحقًا ماذا حصل لكي يقال إن الشهود لم يكونوا ذوي صدقية، وبالتالي هم شهود زور، فهؤلاء هم الأشخاص التي بنيت على أقوالهم قرارات دولية؟». ويضيف النائب في الإطار عينه: «هناك أربعة ضباط من أعلى الرتب سُجنوا أربع سنوات بناءً على أقوال شهود الزور، إذًا أين هم شهود الزور اليوم؟ في البداية، رفض الفريق الآخر الاعتراف بشهود الزور، وعاد الرئيس سعد الحريري واعترف لصحيفة عربية بوجودهم. نحن أمام جرم جزائي، وبالتالي يجب على القضاء اللبناني أن يتحرك، ونأمل أن يكون هذا الأمر من مهمات الحكومة الجديدة».