«هلّق مش وقتهم» خلاصة خرج بها تقرير أعدّته جوانا جرجورة ونشر أوّل من أمس على القناة الخاصة بصحيفة «النهار»على يوتيوب. كم هائل من العنصرية أخرجه التقرير الذي جاء على شكل مقابلات مع مواطنين لبنانيين في الشارع استطلع رأيهم بوجود اللاجئين السوريين في لبنان. بعدما بدأ بصور تركّز على لوحات السيّارات السورية المتواجدة في مختلف شوارع العاصمة، راح الشريط يتنقّل بين المارّة في ساحة ساسين في الأشرفية (بيروت).
هذا الشاب منزعج من الـ Traffic (زحمة السير) التي أحدثها ازدياد عدد اللاجئين السوريين. تلك تصرخ بأعلى صوتها من شدة «غضبها»لأنّها صارت تشعر كأنّها «ضيفة» في بلدها: «السوريين صاروا أكثر من اللبنانيين بهالبلد» مضيفة أنّها تخاف السير ليلاً! وفيما تحدّث كثر عن تزايد أعداد السوريين في «المدرسة والبناية...»، استنفر أحدهم قائلاً بأنّ الوجود السوري شكّل «عبئاً» على الشباب اللبناني الذي يهاجر ليعمل في الخارج، بينما يحصل السوري على «الشغل» في لبنان: لكن لحظة، ألم تكن اليد العاملة في لبنان ذات أغلبية سورية على مر السنين؟ ألم تجرَ «حفلة» إعادة الإعمار المستمرة منذ انتهاء الحرب على أكتاف السوريين؟ وسط حفلة الجنون هذه، خرجت بعض الآراء التي «تتفهّم» أوضاع اللاجئين، خصوصاً أنّه «الله لا يجرّب حدا»، لكن سرعان ما عاد هؤلاء ليؤكدوا على ضرورة «اتخاذ الدولة إجراءات معيّنة للحد من هذه الظاهرة، أو تنظيمها على الأقل»، كما فيما أشار البعض إلى أنّه «ما فينا نستقبل مين ما كان».
كلام هذه العيّنة (غير العشوائية على الإطلاق) يذكّرنا بكلام خرج به وزير الطاقة والمياه جبران باسيل قبل فترة وجيزة، وبإحدى حلقات برنامج «حرتقجي» على شاشة otv التي سخرت من موضوع اللاجئين، إضافة إلى فيديو نشر على يوتيوب يشير إلى «زيادة عدد الجرائم» بالتزامن مع ارتفاع عدد اللاجئين مرتكزاً على «حقائق» قُدّمت على شكل غرافيكس. وفور انتشار الفيديو على مواقع التواصل الإجتماعي، هبّت موجة التعليقات المستنكرة، قبل أن يعاود بعض رواد فايسبوك نشر شريط مصوّر أعدته «حركة مناهضة العنصرية» في لبنان بداية الشهر الماضي «رداً على الخطاب العنصري» (الأخبار 9/2/2013).
شكل آخر من الردود ظهر على فايسبوك أيضاً، حين وجّه الكاتب السوري محمد علي الأتاسي دعوة إلى «الكتاب والصحافيين السوريين أو المتضامنين مع الثورة السورية من الصحافيين اللبنانيين والعرب» إلى
مقاطعة الكتابة في جريدة «النهار»، والإنضمام «إلى هذا النداء ومشاركته على صفحاتهم». وفي سياق نصّه المطوّل قال الأتاسي إنّ الصحيفة أصبحت في السنتين الأخيرتين «منبراً لكل النزعات والشوفينية والعنصرية تجاه اللاجئين السوريين»، مضمّناً إيّاه رابط الفيديو السابق ذكره. في يوم من الأيّام، قال مدير قسم تقنية المعلومات وتطوير الأعمال في صحيفة «النهار» وديع تويني لـ «الأخبار» أن هدف Annahar Web TV الذي انطلق رسمياً في شباط (فبراير) عام 2009 هو «توجيه رسالة إعلاميّة مختلفة عن تلك التي تقدمها التلفزيونات التقليديّة» (الأخبار 19/6/2012). في هذا «الإنجاز» الصحافي الجديد، لم تقدّم المؤسسة الإعلامية العريقة أي جديد، بل أثبتت مرّة أخرى أنّنا لم نشفَ من مرضنا المزمن: العنصرية!.
2 تعليق
التعليقات
-
تحت شعار مناهضة العنصريةتحت شعار مناهضة العنصرية سلمنا البلد للفلسطيني و السوري و و صرنا نحنا لاجئين الحلو ببعض مدعي اليسار انو بيضلوا ينكروا المشكلة لتنفجر
-
بهدوءهناك من يدفع المنطقة للتصادم، وهو ضد الدولتين والشعبين الجارين. الدول الخليجية مستعدة لدفع مليارات الدولارات لتزيد من الأزمة لا لتحلها. وهي غير مستعدة بتاتاً لاستقبال اللاجئين على أراضيها، ولكنها تتباكى عليهم من بعيد. المساعدات المادية الدولية يصل منها إلى اللاجئين نسبة 2% (من الجمل أذنه) عندما يدافع تيار الحريري عن اللاجئين السوريين، وعندما تأمر السفير ةالأميركية لبنان بألا يغلق بوابته أمام تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان، فاعلم أن كل ذلك ليس لسواد أعين السوريين وإنما لغايات الله أعلم بها، وهي ليست جيدة أبداً. نعم، هناك عنصرية عند بعض اللبنانيين باعترافهم شخصياً، ولكن يجب أن يكون هناك تفهّم لوضع البلد: لبنان صغير، لا توجد فيه طبقة تحتية، لا كهرباء، لا ماء، الفقر مسيطر، وفوق كل ذلك مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين والآن قرابة المليون لاجئ سوري وفلسطيني سوري. سوريا استقبلت اللبنانيين على مدار الحرب الأهلية اللبنانية بشكل متفرق، وفي خلال حرب تموز لمدة شهر، أما لبنان فيستقبل سوريين لمدة سنتين والله أعلم لغاية متى لم ينشئ اللاجئون اللبنانيون جيشاً حراً في سوريا، بينما أنشأ اللاجئون السوريون جيشاً حراً في لبنان يمنع اللبناني من المرور ببعض شوارع مدنه وبلده. هذا عمل مرفوض الحل هو بعودة من يستطيع من السوريين إلى وطنهم، فوضعهم في لبنان ليس أقل خطراً ولا أشرف من وضعهم في سوريا، وأن نقطع الطريق على من يفرق بين الشعبين ويزيد الكراهية والحقد المتبادل، والذي هو هدف دول الخليج وأعوانه في لبنان.