لا يمر اسم مسعود الأشقر كتائبياً مرور الكرام. فـ «بوسي» هو أحد المقاتلين الكتائبيين السابقين في منطقة الأشرفية وأحد المرشحين السابقين الى النيابة ــــ منفرداً عام 2000 ثم بالتحالف مع التيار الوطني الحر في 2009 ــــ في وجه النائب نديم الجميل. وفي الانتخابات المقبلة، سينافس الأشقر، على الأرجح، نديم على المقعد الماروني في الأشرفية. لذلك، كان الحدث استثنائياً اول من امس في «مقر» سامي الجميل. ابن الرئيس أمين الجميل يدعو مسعود الأشقر، منافس ابن عمه وابن حزبه نديم، ليحاضر في طلاب الكتائب في بكفيا. ليست الأحوال بخير حكما بين «شيخَي» آل الجميل الشابين.
الساعة الثامنة الا عشر دقائق، يتهامس الطلاب الكتائبيون عن صحة حضور الأشقر. وما هي الا دقائق حتى يعلو التصفيق في الصالة ويقف الجميع: «وصل مسعود الأشقر »! يأخذه
«الشيخ » سامي بالأحضان والقبل قبل استضافته ومؤسس مدارس التدريب العسكرية الكتائبية في السبعينيات ومؤسس فرع الكومندس سامي خويري (مسؤول إقليم كسروان الكتائبي حالياً) وقائد وحدة قوات المغاوير في الكتائب ابراهيم (بوب) حداد في مكتبه الخاص على انفراد. لم يدم الاجتماع الرباعي طويلاً، وعاد المحاضرون برفقة الشيخ الى الصالة الرئيسية. جلس الجميل الابن بين الجماهير، فيما اعتلى الأشقر وخويري وحداد المنصة. اقتضت مهمة خويري تزويد الطلاب تفاصيل استعدادات حزب الكتائب قبيل الحرب الأهلية وكيفية استعدادها للقتال. تلاه الأشقر مؤسس وقائد وحدات دفاع بيروت في الحزب الذي قصّ على الحاضرين مجريات حرب المئة يوم، ليختم حداد بالحديث عن زحلة خلال عام 1981. لم يكن توسط الأشقر لرفيقيه ومجموعة من المقاتلين السابقين والكتائبيين الحاليين أمراً شاذاً، لا بل بدا المشهد متناغماً كأن الأخير جزء لا يتجزأ من تلك المجموعة وذلك التاريخ. فالسلاح جمعهم يوما وأعاد لمّ شملهم مرة أخرى بعدما فرقتهم السياسة. دهشة الطلاب بحضور الأشقر أثنتهم عن رفع أصابعهم لمناقشته في السياسة، وفي اختياره العماد ميشال عون للترشح على لائحته، فاكتفوا بالإنصات إلى كلماته وتجربته العسكرية الى جانب «قائدهم البشير».
في الشق التقني أو الحديث الكتائبي الروتيني، استضافة الجميل للأشقر في المعقل الكتائبي أكثر من عادية ولا تتعدى المحاضرة الطلابية. أما في الشق السياسي، فالأمر يتعدى حدود بكفيا ليدخل الى عمق الأشرفية ويدغدغ شعور نوابها... أو نائبها الكتائبي نديم الجميل. هي رسالة مزدوجة اذاً. الأولى ايجابية باتجاه الأشقر والثانية سلبية باتجاه نديم. والرسالة السلبية هذه لم تكن الأولى، بل سبقتها رسائل بالجملة من نجل الرئيس أمين الجميل والجميل نفسه. الخلاف بين «بكفيا» و«الأشرفية» خرج إلى العلن يوم هجوم نديم المتلفز على مشروع اللقاء الأرثوذكسي واعتباره «قانون رستم غزالي». هذا التصريح استدعى سريعاً جلسة تأديبية لنائب الأشرفية في البيت الكتائبي، حيث حصلت مشادة بين الأخير والرئيس الجميل، انتهت بطرد نديم خارجاً. وتشير المصادر، هنا، الى أن «المشكلة كبيرة ولولا صحتها لما تجرأ سامي على دعوة الأشقر، وخصوصاً أن قاعدة المقاتل الكتائبي السابق معظمها من الكتائبيين المؤيدين لخط بشير، وأيضا لما بارك الجميل الأب خطوة وريثه». لقاء الجميل ـــ الأشقر ليس الأول من نوعه، فالاتصال بينهما لم ينقطع يوما حتى في أوج المعركة الانتخابية عام 2009. ماذا بعد تلك الندوة؟ يجيب الكتائبي بتأن: «لا شيء في غياب أي تحالف بين التيار الوطني الحر والكتائب، نظراً الى عدم قدرة الحزب على التخلي عن ابن بشير».
لم يكد المقاتلون الثلاثة ينهون رواياتهم العسكرية أمام الجيل الكتائبي الصاعد حتى أزاح سامي دفتره الصغير من حضنه، وقام شاكرا حضور خويري والأشقر وحداد: «هؤلاء أبطالنا ونحن نتمثل بهم». بدأ الطلاب يخرجون تباعاً من معقل آل الجميل على أنغام النشيد الكتائبي. جمع الأشقر أغراضه، ألقى التحية على رفاق الأمس، وخرج متمتماً: «هيا فتى الكتائبِ...».