سيكون قصر العدل على موعد مع الإضراب في الأسبوع المقبل. لا مبادرات فردية هذه المرة بل حراك منظم، بالتشاور مع هيئة التنسيق النقابية. فهل ستتعطل العدلية؟ الثابت أنّ رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة، محمود حيدر، اتفق مع موظفي قصر عدل بيروت، ومن بينهم رؤساء أقلام، على وقف العمل هناك. هكذا، يبدأ الحراك بالاتساع. فبعد تضامن اتحاد المصالح المستقلة، ها هم موظّفو قصر العدل يؤكدون جاهزيتهم للالتحاق بالتحرك المستمر منذ 25 يوماً.
تبدو الموظفة العتيقة في العدلية نسيمة ريحاني متحمسة للحراك المرتقب. تدعو جميع زملائها إلى الانضمام، لأن «هذا الأمر يعني الجميع، فنحن عصب الدولة وعلينا أن نجتمع من كل الطوائف والمناطق». تضيف: «نريد أن تحال سلسلة الرتب والرواتب على المجلس النيابي، هذا حقنا وليس منّة من أحد، وعندها يمكن الحديث عن صورة الموظف البعيد عن الفساد والاستزلام».
قد لا يدرك البعض، الآن، معنى أن يكون الإضراب شاملاً في العدلية. لكن، في حال تم ذلك ولم يكن لأيام محددة، فسيكتشف الجميع أن خطوة كهذه لن تكون عابرة. فالعدالة، على حالها الصعب في لبنان، ستتعطل عندها تماماً. من دون هؤلاء الذين يطالبون اليوم بالسلسلة لن تعقد جلسات المحاكمة. لن يحال أي مشتبه فيه على قاضي تحقيق. شؤون السير والكثير من المعاملات الرسمية اليومية ستتوقف. حتى السجناء، يمكن أن يبادروا إلى تحركات شغب، وربما انتفاضات، في حال تأجيل جلسات محاكماتهم بسبب إضراب الموظفين. إذاً، هي دائرة واحدة، تبدأ من العدلية ولا تنتهي في السجن.
من جهته، يوضح حيدر لـ«الأخبار» أنه لمس «حماسة من موظفي قصر العدل للانضمام إلى الإضراب، وقد نسقنا معهم على أن يكون الأربعاء المقبل موعداً للتجمع أمام مبنى وزارة العدل. هذا اليوم سيكون بوابة ربما لاتساع حركة الإضراب في سائر قصور العدل أيضاً». وفيما يخشى من في العدلية من هيئة التفتيش القضائي التي تحاسب الموظفين عند المخالفات، يؤكد حيدر أنّ المسألة محلولة، و«لا أظن أنّه يمكن فرض عقوبات على أحد. لذا نطلب من الجميع ألا يخافوا، بعدما كسر حاجز الخوف وولّى إلى غير رجعة».
يذكر أن بعض موظفي العدلية استاؤوا أخيراً من الحديث عن فساد بينهم، وذلك لأن الكثير منهم لا يزالون يتقاضون رواتب متدنية من جهة، وهم لم يغرقوا في الفساد من جهة ثانية، وبالتالي يفترض أن توجه أصابع الاتهام بالفساد، برأيهم، إلى أماكن أخرى. هذا ما تصرّ على قوله إحدى الموظفات هنا، وهي كانت أضربت قبل أيام من تلقاء نفسها في مبادرة فردية، قبل أن يحكى عن إضراب شامل في العدلية.