غالباً ما تتحّول جلسات مجلس النواب إلى مزاد يتصارع فيه «أصحاب السعادة»، كل سنة، على رئاسة اللجان النيابية، أو حيازة مقعد عضو فيها. حتّى أن منهم من لا يُنزل يده ولا يتوقف عن المطالبة بادراج اسمه في خانة إحداها، حتى يكون له ما يُريد. طبعاً، تبقى لكل لجنة أهميتها وحجمها ودورها. فالفارق شاسع، مثلاً، بين لجنة المال والموازنة ولجنة المرأة والطفل أو الزراعة والسياحة أو شؤون المهجرين. إذ أن البعض يعتبر الأولى حقيبة وزارية إضافية لا لجنة نيابية.
من يرى ممثلي الأمة يتقاتلون على عضوية اللجان يعتقد بأن العمل التشريعي لهؤلاء سيبلغ ذروته. إلا أن جردة بسيطة على الحضور والغياب، وكميّة إقتراحات القوانين التي يتقدّمون بها، تكشف أن عدداً كبيراً منهم يعتبر اللجنة النيابية أشبه بـ «مسؤولية» يضيفها هؤلاء على سيرهم الذاتية.
بكل حرية، يتصرّف النواب مع لجانهم: يحضرون متى أرادوا، ويتغيّبون متى يحلو لهم. منهم من لم ير قاعة الاجتماعات حتّى، ولم يتشرف بالتعرف على زملائه. يتمّ ذلك، في أغلب الأحيان، من دون تقديم عذر وفق ما نصّت عليه المادة 61 من النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تنص: «لا يجوز للنائب التغيب عن أكثر من جلستين إلا بعذر مشروع مسبق يسجل في قلم المجلس». التقاعس عن حضور الجلسات، قاعدة لا تسري على الجميع. على الأقل، يحضر ثلث النواب الإجتماعات بشكل منتظم، وهذا ما يضمن إنعقادها، مع العلم أنه في أحيان كثيرة تطير الجلسات لعدم إكتمال النصاب فيها.
في العملية الحسابية لنقاط حضور النواب وتغيبهم، بعد سنوات، يبدو الفارق كبيراً بين «سعادة النواب». منهم من يسجّل حضوراً دائماً، ومنهم من يسجل غياباً مستمراً. ومنهم ما بين بين، وأحياناً حضوراً عرضياً. بعض اللجان تجتمع بشكل دوري، بسبب فورة المشاريع المطروحة على طاولة بحثها، كلجان المال والموازنة أو الإدارة والعدل أو لجنة الدفاع. وهي، بحسب الترتيب الرسمي، تُعدّ الأهم، إذ تمر فيها معظم اقتراحات ومشاريع القوانين.
يعترف عدد من النواب أن أي لجنة تحتاج إلى رئيس صارم يضبط الجلسة، يديرها بجدية، ويفرض على أعضائها العمل كمحرّكات لا تهدأ. لكن، وللمرة الأولى، وعلى عكس ما جرت العادة، لا يستخدم بعض رؤساء اللجان صلاحياتهم كما يحصل في الأيام العادية. يعود ذلك إلى طبيعة كل منهم. فيمكن النائب ابراهيم كنعان، مثلاً، أن يعقد جلسة للجنة المال والموازنة ثلاث مرات في الأسبوع، يجمع فيها أغلبية النواب الأعضاء، للنقاش في الملفات التي بين أيديهم. وعلى نحو مماثل يسير النائب سمير الجسر في لجنة الدفاع الوطني، والنائب روبير غانم في لجنة الإدارة والعدل.
بإمكان أي عضو في أي لجنة نيابية أن يزعم ما يريد بخصوص نشاطه التشريعي. الا أن تصفّح المحاضر يضبط، بسهولة، النواب المتقاعسين عن مهامهم داخل اللجان التي توكل إليها مهمّة التشريع والرقابة. لكن لبنان بلد التسويات على قاعدة «مرقلي تمرقلك». أما الإنتاجية فيها فحدث ولا حرج، مع العلم أن اللجان النيابية، تعتبر مطبخ المجلس، حيث تدرس القوانين والإقتراحات بطريقة متأنّية، في حين تديرها مجموعة من الفاشلين الذين يفتقدون للجدية والأساس القانوني. لذا لا يحقق مجلسهم الكريم، أي تطوّر في الحياة المؤسساتية والإقتصادية والإجتماعية.
الكلام التنظيري، يقول ان على اللجان أن تكون في منأى عن السياسة. وبالتالي لا يجب أن تدخل الأخيرة في عمل المشرّع. العمل يجب أن يكون قانونياً. أما الواقع، فيؤكد أن «النكد» السياسي ضرب العامود الفقري لخلية «الشغل» الأساسية التي تنطلق منها القوانين. فمن ينسى حملة المقاطعة التي شنّها نواب فريق الرابع عشر من آذار، بعد اغتيال اللواء وسام الحسن، بحجّة عدم حضور أي مكان يحضر فيه ممثلون عن الحكومة. وجدير بالذكر أن «اللجنة يمكن أن تجتمع من دون وزراء، الا في حال قرر رئيس اللجنة دعوتهم».
يمكن اعتبار عام 2012 عيّنة من عمل اللجان النيابية. جردة العمل تُظهِر أن «البهدلة» التي «زفّ» بها رئيس المجلس نبيه بري اعضاء اللجان منذ أشهر، كانت في مكانها. فالأرقام التي تُظهرها هكذا جردة (أنظر الجداول) تؤكّد أن الجزء الأكبر من النواب «كسالى» وغير فاعلين، وأن النشاط هو الاستثناء.



الزراعة اللجنة «الطش»

يروى أن من بين اللجان النيابية واحدة تدعى لجنة الزراعة. في الواقع هي اللجنة «الطشّ». إذ لم تعقد طيلة العام الماضي أي جلسة. لا يبدو الأمر غريباً. فرئيسها هو أيوب حميّد. ومقررها نعمة الله أبي نصر، ومن أعضائها كاظم الخير وجيلبرت زوين ومعين المرعبي ونضال طعمة. نظرة على هذه الأسماء تكفي للتسليم بعدم جدواها. فالخير والمرعبي وطعمة مشغولون بدعم «الثورة» في طرابلس. وزوين صورة بلا صوت. أما أبي نصر فإما واقع تحت وطأة خطر بيع الأراضي المسيحية للأجانب أو غاطس في انتخابات الرابطة المارونية. أما العمل على مشاريع وإقتراحات لتطوير القطاع الزراعي ففي انتظار ان «... ينبت الحشيش».

شهيب عدو (لجنة) البيئة

يغيب عن بال النائب أكرم شهيب، رئيس لجنة البيئة النيابية، أن البيئة في لبنان تنحدر من سيئ الى أسوأ. والمعالجات المعتمدة تبقى دون المستوى المطلوب. فلا التلوث ولا مشكلة النفايات ولا التصحر الذي يعاني منه لبنان ظواهر أقلقت شهيب، ولا وجد فيها سبباً يدفعه هو وأعضاء لجنته للتحرك. اهتمامات شهيّب بعيدة كلياً عن البيئة، لمصلحة مشكلة النازحين السوريين الذين خصّص لهم مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب، هاجم فيه الأجهزة الامنية والسفارة السورية «التي تقوم باعتقالهم». المشاكل غير البيئية تأخذ كل وقت نائب عاليه، لذا لم تسنح له الفرصة بدعوة أعضاء لجنته الى أكثر من جلستين سنة 2012 لمتابعة الشأن البيئي!

أقل من نصف جلسة أسبوعياً

بلغ مجموع عدد جلسات اللجان النيابية 257 جلسة خلال عام 2012، أي ما نسبته 0.3 جلسة (أقل من نصف جلسة) أسبوعياً لكل لجنة. علماً أن جلسات اللجان تتوقّف يومي الجمعة والسبت وفي فترة إنعقاد الجلسات العامة واللجان المشتركة فضلاً عن الأعياد والآحاد. كذلك عقدت اللجان النيابية خمس ورش عمل تناولت شؤوناً مالية وأمنية وصحية وإنتخابية، فضلاً عن ندوة عقدتها لجنة حقوق الإنسان تناولت إعلان الخطة الوطنية لحقوق الإنسان.

اللجان «التعبانة»

في المجلس لجان «تعبانة». يُمكن النواب روبير غانم وابراهيم كنعان ومحمد قباني، مثلاً، أن يواجهوا ناخبيهم أو رئيس مجلسهم بفورة مشاريع واقتراحات قوانين تمت دراستها ومناقشتها عام 2012 في اللجان التي يرأسونها إذا ما تمّت مساءلتهم. لكن ماذا سيفعل رؤساء لجان الشباب والرياضة، المرأة والطفل، تكنولوجيا المعلومات، والمهجرين التي لم تُسجّل العام الماضي أكثر من إجتماع أو اثنين أو ثلاثة؟ فلا الإصلاح ولا التغيير دفعا بالنائبين جيلبيرت زوين وسيمون أبي رميا إلى تحريك عجلة لجنتيهما، ولا السياحة في بلاد الله الواسعة التي اشتهر بها النائب سامر سعاده سمحت له بدعوة أعضاء لجنته للإجتماع بشكل دوري. فيما يبدو النائب شانت جنجنيان، رئيس لجنة شؤون المهجرين، غائباً عن الوعي التشريعي في أغلب الأحيان، فيعوّض حضوره الشكلي كل من نواب التيار الوطني الحر والحزب الإشتراكي، خصوصاً أن الطرفين يتابعان الملف سياسياً

بهية والتربية

لقطاع التربية والتعليم في لبنان الذي يتعلق بتربية الأجيال ويتعاطى مع حوالي 40 ألف معلم ومئات آلاف التلامذة والطلاب في التعليم الأساسي والثانوي والجامعي والتعليم المهني والتقني، لجنة لا تجتمع أكثر من ست جلسات في السنة. لكن يبطل العجب متى عرف السبب. فرئيسة اللجنة هي النائبة بهية الحريري، «أسيرة» ملف الأمن الصيداوي واللقاءات التشاورية السياسية في قصرها في مجدليون، مما يعني حتماً أن الأمور التربوية لن تتصدّر قائمة أولوياتها.







نواب مع وقف التنفيذ

من النادر جداً أن يحضر رؤساء الكتل النيابية إلى مجلس النواب. هم أساساً ليسوا أعضاءً في اللجان النيابية. تلتقطهم عدسات الكاميرا في الجلسات «الثقيلة» التي تحتاج إلى أكثرية عددية، أو إلى معركة سياسية. لم تطأ اقدامهم العام الماضي عتبة المجلس الا نادراً خلال جلسات المناقشة العامة. فيما في المجلس نواب مع وقف التنفيذ، يتقدّمهم سعد الحريري الغائب عن البلاد بذريعة الامن.

5 جلسات للهيئة العامة

عقد المجلس في هيئته العامّة، عام 2012، خمس جلسات منها 3 جلسات تشريع. وقد توزّعت الجلسات التشريعية على الشكل الآتي:
1 ـــ مشاريع واقتراحات قوانين 22 و23 شباط 2012
2 ـــ مشاريع واقتراحات قوانين 15 و21 آذار 2012
3 ـــ مشاريع واقتراحات قوانين 2 تموز 2012 وأقرّ المجلس خلال هذه الجلسات 45 قانوناً (14 إقتراح قانون و31 مشروع قانون أحالها مجلس الوزراء على المجلس النيابي). واستردّت الحكومة عدداً من مشاريع القوانين لإعادة درسها ووضع مشاريع قوانين جديدة بشأنها. كذلك عقد المجلس جلسة مناقشة عامة على مدى ثلاثة أيام في 17 و 18 و19 نيسان 2012. وكانت الجلسة الخامسة والأخيرة لانتخاب أميني السرّ والمفوضين الثلاثة وأعضاء اللجان النيابية، وذلك في 16 تشرين الأول 2012.

«توك شو»

تحرص كل كتلة نيابية في المجلس على وجود نائب ممثل عنها في أي جلسة لجان. لذا، لا يمكن أن تمرّ أي جلسة في غياب نائب مستقبلي أو عوني أو قواتي أو الخ. ويتفاوت نشاط النواب في ما بينهم. ففي حين يحضّر البعض منهم ملفاته على أعلى مستوى، يظهر الباقون كمن يحضر عرضاً مسرحياً مملاً وغريباً عنهم بعض الشيء. تعقد الاجتماعات ولا شيء يتغير، إذ أن أغلب النواب يحوّلون اللجان إلى ما يشبه برامج الحوارات السياسية المملة، حيث هدف كل من يحضر تسجيل نقاط على الفريق الآخر.

«الإدارة والعدل» سيدة اللجان

توزّعت جلسات اللجان النيابية لسنة 2012 مع اللجان الفرعية على النحو الآتي:
1 ـــ لجنة الإدارة والعدل: 80 جلسة + 61 جلسة فرعية
2 ـــ لجنة المال والموازنة: 39 جلسة + جلسة فرعية واحدة
3 ـــ لجنة الأشغال العامة والنقل: 37 جلسة + 10 جلسات فرعية
4 ـــ لجنة الدفاع الوطني: 19 جلسة
5 ـــ لجنة حقوق الإنسان: 17 جلسة
6 ـــ لجنة الإعلام: 16 جلسة
7 ـــ لجنة الإقتصاد: 14 جلسة
8 ـــ لجنة الصحّة: 12 جلسة + 8 فرعية
9 ـــ لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين: 7 جلسات
10 ـــ لجنة التربية والتعليم العالي: 6 جلسات + 7 فرعية
11 ـــ لجنة المهجرّين: 3 جلسات
12 ـــ لجنة المرأة والطفل: جلستان
13 ـــ لجنة البيئة: جلستان
14 ـــ لجنة تكنولوجيا المعلومات: جلستان
15 ــ لجنة الشباب والرياضة: جلسة واحدة
16 ـــ لجنة الزراعة: صفر



حضور وغياب


حضور شبه دائم:
أحمد فتفت، حسن فضل الله، علي فياض، علي بزّي، غازي زعيتر، ابراهيم كنعان، غازي يوسف، ياسين جابر، روبير غانم، نوار الساحلي، الوليد سكرية، قاسم هاشم، سمير الجسر، عماد الحوت، غسان مخيبر، فريد الخازن، محمد قباني، نواف الموسوي، الان عون، عمار حوري، ادغار معلوف، فادي كرم، انطوان سعد، سيبوه قلبكيان، نبيل دو فريج، ايلي عون، ميشال موسى، سيمون أبي رميا، انطوان زهرا، عاطف مجدلاني، جيلبيرت زوين، محمد الحجار، ناجي غاريوس، سيرج طورسركيسيان، جان أوغاسبيان، إميل رحمة، مروان فارس، كاظم الخير، أنور الخليل (قبل تعرّضه لعارض صحي).
حضور متقطّع:
فادي الهبر، أيوب حميد، جمال الجراح، عباس هاشم، نعمة الله أبي نصر، هادي حبيش، هاني قبيسي، أغوب بقرادونيان، عاصم عراجي، خالد زهرمان، خضر حبيب، سامر سعادة، أرثيور نظريان، اسطفان الدويهي، حكمت ديب، عاصم قانصوه، فادي الأعور، نبيل نقولا، علي عسيران، سامي الجميل، بلال فرحات، قاسم عبد العزيز، باسم الشاب، خالد الضاهر، زياد القادري، عبد المجيد صالح، أكرم شهيب، زياد أسود، كامل الرفاعي، علي المقداد.
غياب شبه دائم:
محمد كبارة، إيلي كيروز، أمين وهبة، دوري شمعون، فؤاد السعد، روبير فاضل، نقولا غصن، علي خريس، ميشال الحلو، نديم الجميل، نايلة التويني، ايلي ماروني، تمام سلام، سليم سلهب، نهاد المشنوق، نعمة طعمة، وليد خوري، مروان حمادة، طوني أبو خاطر، عصام صوايا، معين المرعبي، بدر ونوس، رياض رحال، هنري حلو، حسين الموسوي، يوسف خليل، جوزف معلوف.