«نحن مجموعة من الاعلاميين أخذنا على عاتقنا كشف الفساد في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ونشر معلومات تؤكد تورط مسؤولين كبار فيها بقضايا الرشوة والفساد، وهو ما أنتج تسريباً لمعلومات سرية شكلت خطراً على حياة الشهود». بهذه العبارة، تعرّف عن نفسها المجموعة التي تسمي نفسها «إعلاميون لأجل الحقيقة»، على موقعها الالكتروني (http://truth-up.6te.net/files.php) والتي قررت الكشف عن نفسها يوم امس. تتولى هذه المجموعة «إثبات» واحدة من اكبر عمليات تسريب المعلومات من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان: أسماء الشهود جميعاً.
وبالفعل، بدأت عملية نشر الأسماء، على الموقع المغمور. قبل مدة، جرت عملية تسريب المعلومات عن الشهود، بهدوء. نشرت «الأخبار» (يومي 15 و19 كانون الثاني 2013) لائحة تضم أسماء بعضهم. لكن القيمين على المجموعة، قرروا هذه المرة «الاستعراض». قرصنوا موقع جريدة «المستقبل» أمس، لعدة ساعات، ونشروا عليه لائحة الشهود، ثم بعثوا رسائل نصية وصلت إلى نحو 13 ألف هاتف خلوي في لبنان، تدعو للاطلاع على معلومات عن شهود المحكمة الدولية، على موقع «المستقبل» وعلى موقع «المجموعة». بعض التدقيق في الرسائل أظهر انها مرسلة من خارج لبنان. لكن المجموعة لم تكتف بذلك، بل بعثت بأكثر من 100 ألف رسالة بواسطة البريد الالكتروني، مستخدمة موقع صحيفتي «المستقبل» و«الجمهورية»، إضافة إلى نشر المعلومات التي تتحدّث عن الشهود على أكثر من 100 ألف موقع إلكتروني حول العالم. كذلك علمت «الأخبار» ان نحو 10 آلاف رسالة إلكترونية وصلت إلى محامين وقضاة دوليين ومسؤولين امميين. مصادر في صحيفة «المستقبل» قالت إن عملية القرصنة التي تعرض لها موقع الصحيفة معقدة للغاية. واضطر تقنيو «المستقبل» إلى استخدام موقع جديد، لعجزهم عن استرداد الموقع الأصلي بعد ساعات على قرصنته. على موقع المجموعة، ثمة لائحة بأسماء نحو 167 شاهداً، تنشر «الأخبار» اليوم منهم ما لم يُنشَر سابقاً. وعلى الموقع أيضاً تعليمات قانونية للشهود، تركز على أن المحكمة لم تبذل الجهد الكافي لحماية سريتهم، وان من حقهم التراجع عن إفاداتهم، وان القوانين المرعية الإجراء في المحكمة تمنع مكتب المدعي العام في المحكمة عن ممارسة أي ضغوط على الشهود للإدلاء بإفاداتهم. كذلك تشير «التعليمات» إلى أن بمقدور الشهود الادعاء على المحكمة التي لم تحافظ على سرية المعلومات التي أدلوا بها.
أهمية ما جرى أمس ليس في «اللعبة» الالكترونية التي قامت بها «المجموعة»، بل في كون ما نُشِر وجّه ضربة جديدة للمحكمة التي تدعي التزامها أرفع المعايير المهنية العالمية. لكن يبدو ان هذه «المعايير» لا تتضمن شيئاً عن سرية المعلومات التي صارت مخترقة اكثر من مرة، سواء في عهد لجنة التحقيق الدولية، او بعد بدء المحكمة عملها. الصعوبات التي تعانيها المحكمة العاجزة عن تحديد موعد جديد لبدء المحاكمة، بعدما تراجعت عن الموعد الذي حددته يوم 25 آذار الماضي، لن تقف عند هذا الحد. فالمجموعة المعنية بالتسريب تعد على موقعها بنشر «فضائح» و«تسجيلات صوتية». خلاصة القول أن المحكمة تترنح، فهل توجه لها مجموعة «إعلاميون لأجل الحقيقة» الضربة القاضية؟