يصلح تاريخ 23 أيار الفائت لأن يتحول إلى عيد لتحرير النساء من العنف الأسري. فقد أصدرت رئيسة محكمة الجنايات في محافظة الجنوب رولا جدايل، في ذلك اليوم، حكماً على معين دمشق (41 عاماً) بالسجن 15 عاماً بتهمة تعنيف زوجته آمنة بيضون (18 عاماً) حتى الموت في 3 تشرين الثاني 2009، وألزمته بالتعويض على عائلتها بمبلغ مئة مليون ليرة لبنانية كعطل وضرر.
الحكم قام على شكوى والدَيْ آمنة، عبد الله بيضون ومنى غندور بحق معين، اللذين اتهماه بقتل ابنتهما في مكان إقامتها معه في دولة الموزامبيق. وورد في نص الحكم أنه بنتيجة المحاكمة العلنية، تبين أن معين كان قد تزوج قبل سنوات بأحلام أ. ثم حصل الطلاق بطلب منها بسبب العنف الذي تعرضت له. بعدها تزوّج بسيدة أفريقية، رزق منها بخمسة أطفال، قبل أن تطلب هي أيضاً الطلاق للسبب ذاته وتركت الأولاد في عهدته.
وفي تموز 2009، تزوج معين ابنة خاله آمنة واصطحبها معه إلى الموزامبيق. لكن سرعان ما نشبت خلافات زوجية بينهما، وكان معين يضربها باستمرار ويعاملها بالعنف على مرأى من أولاده وبعلم شقيقه الذي كان يقيم بجواره. وفي يوم وفاتها، نقلت آمنة إلى المستشفى المركزي في نامبولا حيث فارقت الحياة. التقرير الطبي الصادر عن المستشفى، والذي قدمه معين إلى المحكمة، يشير إلى وجود تجويف من الناحيتين اليمنى واليسرى في الرأس وظهور رغوة بيضاء خارجة من الفم والأنف، وكذلك كدمات قديمة وحديثة بأحجام مختلفة في التجويف الصدري وعلى القدمين والأطراف العليا والركبتين. مع ذلك، توصل التقرير إلى أن آمنة أقدمت على الانتحار بتناول 14 حبة ضغط! لكن القاضية جدايل لم تأخذ بالتقرير لأنه استند إلى معلومات عائلية لا الى معلومات طبية أو إلى تشريح (لم يحصل) للجثة. الاستماع إلى الشهود، خلال المحاكمات، شمل شقيق معين الذي أقرّ بأن الأخير يعاني من مرض السادية، وأنه عندما نقل آمنة إلى المستشفى شاهد آثار ضرب على جبينها ورأسها ووجهها كان متورّماً. وقد أقرّ ابن شقيقه أيضاً بأنه شهد مراراً على سوء المعاملة.
خلاصة المحاكمات أظهرت أن سبب وفاة آمنة كان فنون الضرب والتعذيب التي تعرضت لها من قبل معين. وساهم في تعزيز مسؤولية الأخير هروبه من الموزامبيق بعد وفاة زوجته وعدم مواكبته نقل الجثمان إلى لبنان. بعد أسابيع من ذلك الوقت، عاد معين إلى لبنان بشكل سري، إلا أنه أوقف في مطار بيروت بعد تقدّم عائلة آمنة بشكوى ضده. وتم احتجازه لمدة 20 شهراً، قبل أن تقبل المحكمة طلبه بإخلاء سبيله الذي استغله لاحقاً ليغادر (ولا يزال) الأراضي اللبنانية إلى جهة مجهولة.