بدأت قضية الجرحى السوريين المنقولين إلى لبنان للعلاج تضغط على المستشفيات التي تعاني أصلأ من تزايد عدد المرضى اللبنانيين وعدم قدرتها على استيعابهم. ولهذه الغاية اتصل وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل برئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي محذّراً من عدم وجود قدرة لدى المستشفيات على استقبال مرضى إضافيين، بسبب التضخّم المفاجئ في عددهم. وبحسب مصادر مطلعة على الشأن الصحي، فإنه ليس بأيدي الرئيسين أي شيء للقيام به سوى «التضامن». ولفتت المصادر إلى أن المشكلة ليست مالية، بل هي في قدرة النظام الاستشفائي على الاستيعاب. وتوقفت عند كون عدد من الدول الخليجية ومنظمتين دوليتين أبدت استعدادها لتغطية تكاليف الجرحى المقاتلين السوريين الذين جرى نقلهم من القصير خلال الأيام الماضية، فيما يجري «تقنين» الاموال التي تُدفَع للنازحين «المعتّرين»، لتُصبح كلفة الاستشفاء الدائم لعدد كبير من الحالات المرضية المستعصية على حساب وزارة الصحة اللبنانية، المثقلة أصلاً بأعباء استشفاء اللبنانيين غير المضمونين. ولفتت المصادر إلى الوضع الأمني الناتج من نقل أكثر من 300 مقاتل لا تعرف الأجهزة الأمنية شيئاً عنهم، ولا يبدو أنها في صدد حتى معرفة أي معلومات عنهم ولا حتى أسمائهم الحقيقية، علماً بأن عدداً منهم ينتمون إلى جبهة النصرة وتنظيم القاعدة. وكشف الوزير خليل في تصريح أمس أن «وزارة الصحة، ومنذ قدوم أولى دفعات النازحين، تعمل عبر مراكز الرعاية الصحية الأولية الـ170 التابعة لها والمنتشرة في مختلف المناطق، وعبر البرنامج الوطني للتحصين، ووفق إمكاناتها المتاحة، على التصدي لكل ما يرتبط بالمعاينة الطبية وتوفير أدوية الأمراض المزمنة، وبالأمراض والأوبئة، إضافة الى تكفلها على نفقتها متابعة جميع المرضى من النازحين الذين هم بحاجة الى غسل للكلى والذين تجاوزت أعدادهم الستمئة، ما أحدث وحده ضغطاً على المستشفيات، سواء الحكومية أو الخاصة، المنتشرة في جميع الأراضي اللبنانية».
وختم: «ولأننا أمام واقع أليم وخطير، فإننا نبادر اليوم قبل الغد الى التحذير من مخاطر ما يجري علناً وبالمسؤولية العالية، وبتضافر جهود كل القوى الحريصة (لعلنا) نجنب بهذه الصرخة لبنان بمكوناته جميعاً حالاً كارثية لن تستثني أحداً».

نقل الجرحى من عرسال

إلى ذلك، تواصل إدخال جرحى مدينة القصير وريفها عبر معابر حدودية إلى نقطة الاستقبال الرئيسية في بلدة عرسال. وقد بات أكثر من 350 جريحاً من مقاتلي المعارضة المسلحة السورية موجودين في البلدة الحدودية مع سوريا، حيث يجري التواصل مع الصليب الأحمر بشكل «سري»، وفي فترات زمنية متفاوتة أغلبها في منتصف الليل، لنقل الجرحى وفق أولوية إصاباتهم، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة في عرسال. وأمس قصدت عشر سيارات تابعة للصليب الأحمر بلدة عرسال وتسلمت 28 جريحاً بهدف نقلهم إلى مستشفيات طرابلس، واعتماد طريق الهرمل ــ القبيات، التي تمر عبر قرى عشيرة آل جعفر. إلا أن خطة سير القافلة تغيّرت قسراً بعد اعتراض عدد من أهالي بلدة الحرف من عشيرة آل جعفر، الذين قطعوا الطريق أمام القافلة، في محاولة منهم لمعرفة مصير ابنيهما مهدي محمد جعفر وأحمد يوسف جعفر اللذين خطفا داخل الأراضي السورية، جنوبي مدينة القصير، قبل نحو أسبوعين. ولم يُجدِ تدخل قوة الجيش اللبناني المرافقة للقافلة في فتح الطريق، أمام إصرار الأهالي على قطعها «وبشكل دائم أمام نقل الجرحى ما لم نعرف مصير أولادنا».
وأمام استمرار قطع طريق الهرمل ـــ القبيات، اضطرت قافلة الصليب الأحمر إلى العودة واعتماد طريق سير الضنية ـــ طرابلس لإيصال الجرحى إلى مستشفيات الشمال.