أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن «الحزب لن يغير موقفه (مما يجري في سوريا) بالتضليل والقتل والترهيب. وما بعد القصير بالنسبة إلينا كما ما قبل القصير، فهل تغيرت المعطيات؟ وهل تغير المشروع؟ بالعكس، لذا سنكون حيث يجب أن نكون، وما بدأنا بتحمل مسؤولياته سنواصل القيام به حتى النهاية، وهناك من يتواصل معنا ويقدم مبادرات تحتاج إلى نقاش مع قيادة حزب الله، ولدينا هامش المناقشة حول كل شيء عن سوريا».
وأكد نصر الله في كلمة ألقاها أمس بمناسبة يوم الجريح المقاوم، أن «الموضوع ليس فقط موضوعاً أخلاقياً إنما ينطلق من رؤية ونظرة إلى الدول والكيانات، ونحن إن وجدنا في موقع ندافع عن هذه الدولة وهذه الارض وهذا الكيان اللبناني»، مشيراً إلى «أننا اتخذنا قراراً متأخراً بالتدخل ميدانياً في مواجهة المشروع القائم على الأرض السورية، وهذا لم يكن وليد لحظة، ونحن منذ البداية بدأت تتكوّن لدينا رؤية ووضوح عن المشروع القائم، وعن تداعياته على لبنان والمنطقة وفلسطين وسوريا وعلى المسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة».
وأكد أن «الحزب كان آخر المتدخلين في سوريا، وسبقه تيار المستقبل وتيارات وتنظيمات لبنانية أخرى»، سائلاً: «لو تدخلنا في سوريا مع المعارضة، فهل سيكون تدخلنا مباركاً وذكيا وكريما، وأصبحنا حزب الله الحقيقي؟». مشيراً إلى أن «القصة ليست قصة تدخل في سوريا». ولفت إلى أن «الجيش العربي السوري يقاتل على مختلف الاراضي السورية، ونحن نقوم بجزء من المسؤولية في مواجهة هذا المشروع الكوني، الذي يريد اسقاط المنطقة لا سوريا فقط، وهو المشروع الاميركي الاسرائيلي التكفيري».
وأوضح أن «مشاركة الحزب كانت مجدية، ونحن لم نختبئ»، قائلا «هذا موقفنا وسرنا فيه وما زلنا، ولم يبق أحد بعد 25 أيار لديه شاشة أو وسيلة اعلامية إلا شتمنا». وفي هذا السياق قلّل نصر الله من الخطوات التي اتخذها مجلس التعاون الخليجي أخيرا ومن العقوبات، جازماً بأن «استهداف الحزب بسبب مواقفه من سوريا سيزيده قناعة بتلك المواقف»، مؤكدا في سياق متصل حول موقف مجلس التعاون الخليجي، أنه «ما من منتسبين إلى حزب الله في دول الخليج، لكننا مستعدون لتحمل جميع تبعات القرار الذي اتخذناه».

الصراع المذهبي

ورأى نصر الله أن «أسوأ ما حصل في الأسابيع الماضية هو استعمال الخطاب المذهبي». وحذر من تحويل الصراع في سوريا إلى صراع مذهبي، واستدل على ذلك بـ«وجود سنة وشيعة في طرفي النزاع»، مشيراً إلى أن «اللجوء إلى الخطاب المذهبي هو سلاح الضعفاء». ودعا إلى بذل كل الجهود من أجل تجنب الدخول في هذا الصراع. ورأى أن «هناك مشروعاً «هاجماً» في المنطقة، وهو المشروع القائم في سوريا، تدعمه أميركا وأوروبا والكثير من الدول العربية ودول الخليج». وأكد أنه «لولا المقاومة لكانت مياهنا قد تحولت الى المستعمرات وحرم منها السكان الاصليون، كما في الضفة الآن، ولكانت حكومتنا صورة تابعة للحكم الاسرائيلي، كما كنا محكومين في صيدا وصور».
وتوجه نصر الله بالتحية «إلى جميع الجرحى الحاضرين في اللقاء أو الموجودين في المستشفيات أو في بيوتهم ولم يتمكنوا من المشاركة». كما أكد «أننا جزء أساسي من لبنان، وهذه الارض وهذا الوطن، ونحن جزء من مكونات الشعب اللبناني، الذي قدم التضحيات الكبيرة، ونحن موجودون في لبنان، عشنا هنا، وسندفن هنا، ولن يقتلعنا أحد من هنا». وقال «أحد أقوى الجيوش في التاريخ تحطم على أيدي مقاتلينا في بنت جبيل ومارون الراس، ومن هم هؤلاء التافهون الذين يتحدثون عن اقتلاعنا»؟
وفي الشأن الداخلي، أشار نصر الله إلى أن «الحزب ينتظر كباقي اللبنانيين حكم المحكمة الدستورية بشأن التمديد لمجلس النواب الحالي»، مندداً «بتدخل السفارة الأميركية في الوضع الداخلي». ودعا إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي شكل من أشكال التوتر والصدام في ظل الأجواء الحالية المتأثرة بالأحداث في سوريا، مشددا على أن «أي ممارسة في هذا الظرف قد يكون لها تداعيات». ولفت نصر الله إلى أن «ظاهرة إطلاق النار في الهواء التي اشتدت كثيرًا في الآونة الاخيرة عند ظهور السياسيين، ومنهم هو شخصياً، حرام، بحسب فتاوى المراجع الدينية في العراق وإيران»، مشيرا إلى أن «النتيجة بعد اطلاق النار هي ترويع الناس».
وعن الأحداث في البقاع، رأى أن «الوضع في الهرمل حساس ويحتاج إلى عناية خاصة»، لافتا إلى أنه «عندما يضرب الجيش السوري عرسال هناك من يأخذ موقفا، وهناك من لا يأخذ موقفا، لكن الموضوع الحساس هو الشائعات التي تقول إن بلدة عرسال السنية التي هي في محيط شيعي بأغلبه، يجري منها اطلاق الصواريخ على الهرمل»، متمنياً على «إخواننا في المنطقة البقاعية التثبت من أي خبر، لأن هناك عملاً إعلامياً يومياً واستخبارياً يجري للإيقاع بين الشيعة والسنة في البقاع». وجزم نصر الله بأن الصواريخ التي تسقط على الهرمل لا تُطلَق من عرسال.
وشدد نصرلله على أن «الاعتداء الذي تعرض له إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود ليس بسيطا»، رافضاً في سياق آخر «الحادثة التي وقعت أمام السفارة الايرانية، وأدت إلى مقتل مظلوم»، لافتا إلى أن «هذا الامر خاضع للتحقيق، وهي حادثة عفوية، ويجب أن لا يضيع حقه فيها»، سائلاً «هل بقي أحدهم من الرأي الآخر في الطائفة الشيعية لم يجرِ مقابلة ويشتم؟». قائلا: «عندما نواجَه بالشأن السوري وبأي شأن ونتكلم عن أي رؤية وأي موقف ونواجَه بالشتم والتكفير، فهم يزيدوننا قناعة بأن خيارنا صحيح»، مذكراً بـ«أننا قاتلنا اسرائيل وكل العالم، وهذا لم يجعلنا نخاف، ولا نتردد ولا نستسلم، واليوم موقفنا أفضل بكثير، ونحن مع نصف العالم، بينما في حرب تموز كان معنا إيران وسوريا فقط».

الحريري: توريط لبنان حرام

وردّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على خطاب السيد حسن نصر الله، مشيراً إلى أن «توريط لبنان وتعريض مصالح أبنائه للخطر حرام». ولفت في بيان له إلى أن «السيد لم تحالفه البلاغة في إسقاط الجرائم التي يشارك حزبه في ارتكابها في سوريا، وفي ادعائه أن المستقبل يرسل المقاتلين ويدفن القتلى في سوريا». وقال «اذا كان السيد يريد أن يرمي التهم جزافاً بداعي البحث عن شركاء له في الجرائم التي تستهدف الشعب السوري، فليفتش عن أهداف اخرى غير تيار المستقبل»، لافتا الى أن «السيد نصر الله ذهب للاجتماع بالسيد علي خامنئي في طهران، وعاد منها بفتوى المشاركة الى جانب بشار الأسد». ورأى أن «من الأجدى للسيد نصر الله اصدار فتوى بوقف استخدام السلاح، كالفتوى التي أصدرها بتحريم إطلاق الرصاص في المناسبات».