«عدد الأشخاص الذين تشرّدوا من أراضيهم بسبب النزاعات أو الاضطهاد هو عند أعلى مستوياته خلال 18 عاماً». هكذا تحاول الأمم المتحدة التمهيد لتأثير موجات النزوح على طريق تحقيق أهداف الألفية في العالم إجمالاً وفي الشرق الأوسط تحديداً. ففي نهاية عام 2012، بلغ عدد هؤلاء اللاجئين 45.1 مليوناً. وباستبعاد اللاجئين الفلسطينيين، فإن العراق وسوريا هما من بين أكبر البلدان تصديراً لهم. وترى المنظمة في تقريرها الأحدث عن متابعة التطور أنّه مع تحقيق بعض الأهداف «أصبح بالإمكان تحقيق غايات أخرى بحلول الموعد المحدد»، ولكن ينبغي «الالتفات بصورة عاجلة إلى التحديات التي تحول دون بلوغ أهداف أخرى». وتقول إنّه يجري العمل حالياً على إعداد جدول أعمال طموح، إنما واقعي، لفترة ما بعد الموعد المحدد لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية في نهاية عام 2015.
وتشمل أجندة الأمم المتحدة ثمانية أهداف حدّدت في «قمّة الألفية» عام 2000؛ ومعظمها مجدول لعام 2015 في إطار روزنامة تنموية أممية.
ويشير التقرير إلى أن بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية يتأثر بخفض أموال المعونة بوجه عام، علماً بأن أفقر البلدان هي أشدها تضرراً. وفي عام 2012، بلغ صافي مدفوعات المعونة المقدّمة من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية 126 مليار دولار. ويمثل هذا المبلغ انخفاضاً بنسبة 4% بالقيمة الحقيقية مقارنة بعام 2011؛ في ذلك العام أيضاً سُجّل انخفاض بنسبة 2% عن العام السابق. وكانت أقل البلدان نمواً الأكثر تضرراً من هذا الانخفاض. وفي عام 2012، انخفضت المساعدة الإنمائية الرسمية الثنائية المقدمة إلى هذه البلدان بنسبة 13% لتصل إلى 26 مليار دولار تقريباً. غير أن التقرير يبيّن أن انخفاض أعباء الديون وتحسين فرص التجارة يعودان بالنفع على البلدان النامية.
في التفاصيل يقول التقرير أنّ العالم حقّق مكاسب كبيرة في مجال الصحّة؛ مثلاً، انخفضت معدلات الوفيات الناجمة عن الملاريا بنسبة تفوق 25% بين عامي 2000 و2010. كذلك تتراجع الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة (AIDS) وبحلول عام 2011 كان 34 مليون شخص مصابين به، «ولا يزال الهدف المتعلق بإمكانية حصول الجميع على علاج مضاد للفيروسات العكوسة قابلاً للتحقيق».
ويبين التقرير أن الهدف المتمثل في خفض النسبة المئوية للأشخاص الذين يعانون من الجوع إلى النصف بحلول عام 2015 في متناول اليد. وانخفض معدل الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في جميع أنحاء العالم من 23% في بداية تسعينيات القرن الماضي إلى 15%.
كذلك انخفضت وفيات الأطفال دون سن الخامسة في جميع أنحاء العالم بنسبة 41% بين عامي 1990 و2011، ليُصبح المعدّل 51 وفاة لكلّ ألف مولود. وفي هذا المجال، سجّل أيضاً معدّل الوفيات النفاسية ــ أي وفيات الأمومة ــ تراجعاً بنسبة 47% خلال العقدين الماضيين إلى 210 حالات وفاء بين مئة ألف ولادة.
وفي العقد الأول من الألفية الجديدة تراجع عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس بنسبة 50% تقريباً إلى 57 مليون طفل، ولكن هناك الكثير من الأطفال لا يزالون محرومين من الحق في التعليم الابتدائي. وعن الحرمان أيضاً، ولكن على مستوى آخر، يقول التقرير إنّ 2.5 مليار نسمة لا يزالون يفتقرون إلى مرافق الصرف الصحي المحسّن.
يوصي التقرير بضرورة إيلاء أوجه التفاوت اهتماماً عالمياً. فقد كان التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية متفاوتا ــ ليس في ما بين المناطق والبلدان فحسب، إنما أيضا بين الفئات السكانية داخل البلدان. فالأشخاص الذين يعيشون في حالة فقر أو في مناطق ريفية يعانون من حرمان مجحف. في عام 2011 مثلاً لم يشرف أخصائيو الصحة المدربون إلا على53% من الولادات في المناطق الريفية في مقابل 84% في المناطق الحضرية.
وعن منطقة غرب آسيا تحديداً التي ينتمي إليها لبنان، يقول التقرير إنّها على السكة الصحيحة لاحترام هدف خفض الوفيات بين الأطفال دون الخامسة بواقع الثلثين بحلول عام 2015. يُشير إلى أن التقدم لُحظ في مجالات مثل وقف انتشار الأمراض وتعزيز الالتحاق بالتعليم الابتدائي والحد من الفقر، ولكن لا تزال الحواجز ماثلة أمام المرأة من اكتساب العلم وصولاً إلى العمل. «المنطقة تشهد أقل نصيب للنساء في فرص العمل بأجر في القطاع غير الزراعي بين جميع المناطق النامية، حيث لا تحصل النساء سوى على 19 وظيفة بأجر من كل 100 وظيفة بأجر بالقطاع غير الزراعي».
(الأخبار)