موعدان سوريان تضمّهما «أمسيات بابل الرمضانية»: الأول مع كفاح الخوص (25 و27/7)، والثاني مع الفنان العراقي المقيم في دمشق رعد خلف (20/7). يعمل المسرحي السوري كفاح الخوص (1978) على تقنيات السرد الحكائي، مزاوجاً بين أسلوب الراوي الشعبي وتقنيات الفرجة والعروض المسرحية العالمية، مبتكراً أسلوبه الخاص في الكتابة والإخراج. أربع حكايات كتبها وأعدّها ومسرحها الخوص، لتكون محصلة عرضه «يوميات ملك حزين» الذي يقدم على خشبة «بابل». تشكّل الذاكرة الشعبية، وطقوس الفرجة التراثية الانطلاقة الأساسية في العروض التي قدمها الخوص سابقاً. ربما هذا ما يبرر إعادة تركيب وكتابة حكاية البطل الشعبي سالم الديب بشكل جديد «يقوم على إظهار التناقضات والصراعات الداخلية التي تعيشها شخصية البطل الشعبي، بعيداً عن الشكل والصورة المرسومة في أذهاننا عن أبطال الحكايات الشعبية الخارقة» يقول الخوص. يرصد الأخير في عمله جملة من المفارقات والتفاصيل التي تحولت وجبةً يوميةً في سوريا نتيجة الحرب الدموية ومشاهد القتل.
في «يوميات ملك حزين»، يقدم قراءة سردية مغرقة في السريالية والخيال الجامح. ملك حاكم وظالم ومتجبّر، يعشق مظاهر الحياة ببذخها وملذاتها، يضعه مخرج العمل أمام نفسه في لحظة مكاشفة، عندما يصل إلى أيام حياته الأخيرة. نكتشف في هذا المشهد كيف يحوّل كرسي الحكم كل من يجلس عليه إلى وحش دموي، يبرر القتل بحق شعبه بهدف المحافظة على سلطانه. يفضل الخوص تسمية تقنية السرد التي يعتمدها في عروضه «الممثل الحكواتي» كونه ينطلق من شخصية الحكواتي التقليدي، وينتقل بعدها إلى تجسيد أدوار مجمل الشخصيات التي يروي حكاياتها على الخشبة، مع إدخال عناصر الفرجة المختلفة؛ أبرزها الموسيقى الحية التي باتت عنصراً ملازماً في عروضه. في العرض البيروتي، يقدم عازف البزق آري سرحان مقطوعات ألّفها، لتشكل خلفية لمشاهد العمل الذي يقدمه كفاح الخوص وحيداً على الخشبة. ويحضر خيال الأطفال في حكايتين استوحيتا من واقع الأطفال السوريين وسط حمى الحرب. تقدم حكاية «الفارس والحصان» تلخيصاً لعلاقة الفقراء مع الأغنياء في ظل الحرب. علاقة صداقة تربط طفلين يحاولان اللعب بين القذائف المتساقطة، ينجو منها الطفل الغني، بينما يتحول الفقير أشلاءً متناثرة. وفي حكاية «طفل وقطة وشظية» تتحول لعبة جمع أكبر عدد من شظايا القذائف إلى مجال تنافس لدى الأطفال الصغار.
الموسيقى السورية ستحضر أيضاً في «بابل» من خلال عازف الكمان العراقي رعد خلف (1964) المستقرّ في سوريا. منذ عام 1990، شارك في تأسيس المعهد العالي للموسيقى في دمشق، وعمل مدرساً لآلة الكمان، وأشرف على تخريج أمهر الموسيقيين السوريين على مدى 23 عاماً. مؤلفات موسيقية كلاسيكية كثيرة أنجزها خلف، إلى جانب الموسيقى التصويرية لأهم أعمال الدراما السورية، لكن يبقى «رباعي دمشق الوتري» الذي أسسه عام 1998، أحد أكثر المشاريع قرباً إلى قلبه.
ساعدت تجربة رعد خلف في «الرباعي الوتري» في تعريف جمهور الموسيقى في سوريا والعالم، إلى مؤلفات عربية مغمورة لعدد من المؤلفين العرب مثل الراحل صلحي الوادي. ضمن «أمسيات بابل»، يحلّ الرباعي (فراس سرميني على الكمان، إيهاب فخر الدين على الفيولا، وباسيليوس عواد على التشلو، إضافة إلى خلف) ضيفاً ليقدّموا مؤلفات للموسيقي الروسي ديمتري شوستاكوفيتش وأخرى تراثية عراقية بعنوان «متتاليات عربية» عمل خلف على إعادة توزيعها للرباعي، محافظاً على روحها الشرقية، وتقديمها في قالب كلاسيكي. رغم الحرب التي تعيشها سوريا، لا يفكر الموسيقي العراقي بالمغادرة. يقول «من المعيب أن أتخلى عن البلاد في عز محنتها. سوريا فتحت لي أبوابها وصدرها عندما كنت بحاجة إلى الأمان. اليوم، أحاول أن أردّ لها الجميل بتقديم الحفلات من أجل مجابهة الحرب والقتل والتعصب بالفن الراقي».



«يوميات ملك حزين»: 25 و27 تموز
«رباعي دمشق الوتري»: 20 تموز ــ «مسرح بابل»