«سأذهب، بنفسي، للقتال في سوريا». هي، إذاً، ميدان المقاومة الأساسيّ، بالنسبة إلى المقاوم الأول، حسن نصر الله، أيّ بالنسبة إلى كل السائرين في هذا الخط؛ النصر في سوريا هو هو النصر على إسرائيل. وهي، من جهتها، تراه كذلك: وزير الحرب، موشيه يعلون، أبلغ رئيس أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي، علناً، أنّ «من غير المسموح أن ينتصر محور الشر، الممتد من طهران إلى دمشق وبيروت، في الحرب الدائرة في سوريا».
هكذا، تصبح الرياض أقرب إلى تل أبيب منها إلى واشنطن التي تخشى، بالمقابل، أن تغدو سوريا، أفغانستان جديدة. وهي، لذلك، لا تزال «مترددة». وعلى خلفية افتقارها إلى الواقعية في القبول بموازين القوى الدولية الجديدة، ينجح بندر بن سلطان في صوغ مقاربة توحّد المصالح السعودية والإسرائيلية، وتقوم على أفغنة المشرق العربي كله.
لا يعفي ذلك الولايات المتحدة من المسؤولية عن الحرب الدائرة في بلادنا، ولكنه يشير إلى واقع ينبغي أن يراه «المعتدلون» المتطلعون إلى التعاون مع معها، للتوصل إلى حلول إقليمية؛ ليس لدى الأميركيين سوى بندر، وليس لدى بندر سوى حرب المتفجرات المذهبية والذبح الطائفي والسبايا؛ فلا الولايات المتحدة قادرة على ضرب إيران، ولا إسرائيل قادرة على كسر حزب الله، ولا «المعارضة» المسلحة قادرة على كسر النظام السوري، ولا يبقى أمام التحالف الإسرائيلي ـــ السعودي، إذاً، سوى تدمير المشرق كله، بحروب الطوائف، وإنهاك الإيرانيين وعزلهم عن مجال تحالفاتهم الحيوية، ووقف الصعود الدولي الروسي.
التفجير الإجرامي في الضاحية، موجع وخطير بالطبع، ولكن الضاحية ـــ ولبنان ـــ مجرد امتداد للحرب نفسها التي يخوضها بندر، اليوم، بالإجرام نفسه ضد العراقيين والسوريين، وفي السياق نفسه، أي إطلاق الغرائز التكفيرية الإرهابية لتقتيل المدنيين من الشيعة والعلويين والمسيحيين والدروز... والسنّة «الجاهليين»، ممن يرفضون الركوع لمنطق الجهاد الطائفي. ردّ نصر الله واضح: منع الفتنة على صعيد المدنيين، وفي ما بينهم ـــ وهذا هو هدف الحملة السعودية، والدعوة، انطلاقاً من مبادئ الشراكة الوطنية والإنسانية، إلى عزل التكفيريين سياسياً، والتصدي الأمني للإرهاب، إنما الجوهري يظل هو قبول تحدي الحرب مع يعلون ـــ بندر؛ لن يمرّ الإسرائيليون في الجنوب، ولن يمرّ التكفيريون في الشمال.