ثمة مدارس رسمية لم يمض على بنائها وتسليمها فترة قصيرة، تحتاج اليوم إلى إعادة ترميم. كيف بُنيت هذه المدارس ومن هو المتعهد المسؤول؟ لا يجيب وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي عن هذه الأسئلة ولا يسمي المدارس، بل يكتفي بوضع هذه المعلومة أمام الرأي العام ليقول إنّ وزارة الأشغال غير مسؤولة عن هذا الملف لا خلال المدة التي تولى فيها شخصياً الوزارة ولا حتى قبل ذلك، والوزارة كانت ولا تزال تتحمل مسؤولية الحفاظ على المال العام.
وبرأيه، كل ما يثار من كلام خارج هذه المسؤولية يصب في خانة اللعبة السياسية الضيقة ولا يستند إلى المؤسسات والمعلومات الدقيقة والكافية.
ولدى السؤال عن الجهة التي نفذت المدارس، يشير إلى أنّها كانت في عهدة مجلس الإنماء والإعمار. يرفض وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب هو الآخر الإفصاح عن أسماء المدارس، مكتفياً بالقول: «هي في الواقع مدرسة واحدة وقد نعلن عن تفاصيل الملف في الأيام القليلة المقبلة». وعلمت «الأخبار» أنّ وزارة التربية بدأت تستخدم المدرسة لكنها لا تزال على مسؤولية المتعهد ولم تتسلمها بصورة نهائية.
يندرج اسم هذه المدرسة ضمن لائحة تضم 43 مدرسة قرر مجلس الوزراء تخصيص اعتماد لها بقيمة خمسة ملايين دولار، أي ما يساوي نحو سبعة مليارات ونصف مليار ليرة، للمباشرة بترميم المدارس المعرّضة للانهيار منذ ما يزيد على السنة، نتيجة ضعف في بنيتها أو حاجتها الملحة إلى التدعيم أو الترميم الضروري.
وقد أعلن الوزيران في مؤتمر صحافي مشترك تبلغهما بتحويل دفعتين من المبالغ إلى وزارة الأشغال لترميم وتدعيم 13 مدرسة في هذه المرحلة، الأولى بقيمة مليار وثمانين مليون ليرة تكفي لتغطية المدارس الرسمية الآتية: بتلون، كفرفاقود، عرمون وحوض الولاية، والدفعة الثانية تبلغ ملياري ليرة وتشمل المدارس الآتية: مدرسة عبد الكريم الخليل، متوسطة الياس أبو شبكة، المدرسة التهذيبية للصبيان، مدرسة الشهيد محمد زعرور، مدرسة حسن غندور، مدرسة أبي فراس الحمداني، مدرسة الرميل ومدرسة فرن الشباك الرسمية. يذكر أنّ لائحة المدارس متنوعة بين ملك للدولة ومستأجرة.
العريضي يشرح المعاناة الطويلة للحصول على المبالغ لرفع أي خطر يهدد السلامة العامة، بسبب الوضع الحالي للحكومة وطريقة إدارة الأمور «وكنا نتمنى أن نبدأ بعملية الترميم خلال الصيف وقبل البدء بالعام الدراسي». ويلفت هنا إلى أنّ «الحالات التي نتحدث عنها تتعلق بمدارس أخليت لأنها باتت تشكل خطراً على السلامة العامة وقد أصبح تلامذة عدد منها موزعين على شقق سكنية، كما هو الحال في كفرمتى على سبيل المثال».
ويستدرك بالقول إنّ «ما نتحدث عنه ينحصر في الترميم فقط وليس كل ما تحتاج إليه المدارس المعنية من ترميم كامل وتجميل، وإن كنا نقر بأنّ عدداً كبيراً من المدارس يتطلب إضافات وتحسينات وتجهيزات، وهذا حق الناس على الدولة، لكن ما كلفنا به بموجب قرار مجلس الوزراء وما رصد من مبالغ مخصص فقط لمعالجة ما هو داهم ويهدد السلامة العامة». وبعد موافقة استثنائية من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء على تحويل المبالغ، يؤكد العريضي أن «هناك قسماً أساسياً من الملفات تم إرساله إلى ديوان المحاسبة بعدما تم تحويل الأموال إلى وزارة الأشغال بموافقة استثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وإنّ مديرية المباني في الوزارة تولت الأمر وسوف تشرف بكل دقة، وما على الاستشاري والمتعهد سوى الالتزام بدفتر الشروط». يضيف: «سنبدأ بالعمل فوراً وسنحاول الاستفادة من الوقت إلى حدود قصوى وبشكل لا يستغرق الترميم أكثر من 6 أشهر، بحسب واقع كل مدرسة. أما المدارس الثلاثون الباقية فتنتظر الدفعة الثالثة من الاعتماد».
دياب يشير إلى أنّنا «قرعنا ناقوس الخطر مرات عدة وعقدنا مؤتمرات صحافية ومقابلات إعلامية، وما توصلنا إليه هو فقط 5 ملايين دولار من أصل 20 مليون دولار كنا طلبناها لترميم 76 مدرسة، لكن استقر الرأي على إعطاء الأولوية للمدارس التي تعاني وضعاً خطيراً».
في مجال آخر، ورداً على سؤال عن وضع المدارس في طرابلس نتيجة الأحداث الأمنية، يشير إلى أنّ الوزارة تعالج المسألة ضمن كل منطقة وكل مدرسة، وهو تدبير نجح في السنوات السابقة. وإذ يؤكد تحييد التربية عن النزاعات والتجاذبات السياسية والأمنية، يدعو إلى وضعها في أولوية القضايا الوطنية لجهة عدم التقتير والتأجيل في تأمين مطالب هذا القطاع وخصوصاً ما يتعلق بسلامة المباني المدرسية وأخطار انهيارها. ويشدد على ضرورة صرف الاعتمادات الباقية وعدم التأخر لا سيما أنّ الاستحقاقات المحلية والإقليمية باتت داهمة جداً.