2 كانون الثاني 2013، مركب جديد لنشطاء فلسطينيين وأوروبيين يهدف الى كسر الحصار البحري عن غزة، لم يحظ بتغطية «الجزيرة» ولا سواها؛ بالطبع، فـ «مقاومو» حماس كانوا هناك، وتمكنوا من منع المركب التضامني من مواجهة البحرية الإسرائيلية. الناطق باسم جيش العدوّ علّق على الحدث قائلا: «ليس ذلك مفاجئاً. فمنذ (عمود السحاب) تحاول حماس، غالبا، العمل وفق التفاهمات» التي أبرمتها مع تل أبيب برعاية الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي.
بل إن قائد كتيبة غزة العميد ميكي ادلشطاين كان أكثر وضوحاً، إذ قال: «حماس تحوّلت إلى جهة شرطية يعمل فيها 800 مقاتل، على مدار الساعة، وذلك بهدف احباط عمليات إرهابية وإطلاق قذائف على إسرائيل». وأضاف: «وافقت حماس على أن ينشط الجيش الإسرائيلي في إطار 100 متر داخل قطاع غزة. وهي تعرف، حاليًا، الأماكن التي نعمل فيها، ونخبرها بذلك مسبقًا، وهي تهتم بحضور نشطائها في الجهة الأخرى للحفاظ على الهدوء».
وبالطبع، هناك ثمن صغير: إدخال موادّ بناء إلى القطاع، وبعض التسهيلات الأخرى، ودعم الشكاوى الحمساوية على مصر لدى المحافل الدولية. منسّق العمليات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، اللواء إيتان دنغوت، يشاطر الحمساويين، انتقاد «الحصار المصري للقطاع» ــــ وخصوصا في مجال الطاقة ــــ ويحذّر من «كارثة إنسانية في غزة»!
الخروج من معسكر دمشق، بغض النظر عن الشعارات، له طريق واحد ينتهي بالأحضان الإسرائيلية، بينما ضلوع «حماس» في المعركة الداخلية لدى الجار المصري، سيترك لها مهمة وحيدة هي العمل البوليسي لدى المحتلين؛ فيا لها من نهاية تراجيدية! إنما علينا، للإنصاف، أن نلاحظ أن «حماس» هي، أيضاً، محاصرة حدّ الاختناق، وقد خسرت حليفيها السوريّ والمصريّ معاً، واندرجت في حلف «الإخوان» المطارَد سعودياً؛ فهل يمكنها، في ظل هكذا ظروف، أن تصطدم بالإسرائيليين؟ وهل يمكنها ألاّ تتقاطع معهم في المصلحة المشتركة لـ «التهدئة» والتعاون الأمني والبحث عن ثغرة سماح إسرائيلية، تعوّضها عن شبكة الأنفاق التي يدمّرها المصريون، خوفاً من التسلل الإخواني والإرهابي، وربما، أيضاً، للانتقام!
المقاومة هي، في التحليل الأخير، نهج سياسي متكامل مرتبط بحركة التحرر الوطني، إقليمياً ودولياً، لا مجرد حضور وبندقية واعتراف. ولقد كانت مأساة «فتح» أنها فتحت كل الخطوط في كل الاتجاهات، وتورّطت، من موقعٍ رجعيّ غالباً، في كل الصراعات العربية ــــ العربية، وتذاكت في القفز على الحبال، حتى وقعت في مستنقع أوسلو. وهي اليوم مضطرة للمضيّ قُدُماً في مفاوضات تجري وفق الشروط الإسرائيلية، ولا مناص لها من القبول أو مغادرة الميدان. وبالمقابل، كانت مأثرة «حماس» أنها ــــ رغم علاقاتها مع القوى الرجعية، الإخوانية والخليجية ــــ أنها استقلت عن «الإخوان»، وتموضعت في الحلف الذي يمثل التحرر الوطني في مرحلة ما بعد السوفيات، أي في حلف إيران ــــ سوريا ــــ حزب الله. ولكنها عادت، مع الربيع الزائف لسنة 2011، لتتمثّل سيرة «فتح»، بالاندراج في خط العداء للجمهورية العربية السورية؛ استعادت عضويتها في حركة الإخوان المسلمين، واستلت هويتها المذهبية، وانطوت في المشروع الإخواني ــــ القطري ــــ التركي، وقاتلت، بالموقف و/أو بالسلاح، ضد الجيش العربي السوري، وتحولت إلى أداة فلسطينية بأيدي أعداء التحرر الوطني في المشرق، وبأيدي إخوان مصر ضد جيشها وشعبها.
السؤال الآن: ما الفارق، استراتيجياً، بين «فتح» و«حماس»، وكلاهما يجنّدان مقاتليهما شرطة لضمان التفاهمات الأمنية مع إسرائيل؟
«فتح» منخرطة في مفاوضات ترفضها «حماس»؟ ولكن الأخيرة حركة مقاومة لا مجرد معلق صحافي يلاحظ ويدعو ويأمل! ماذا فعلت «حماس»، بل وماذا يمكنها أن تفعل لضرب مفاوضات تصفية القضية الفلسطينية، الجارية الآن، سوى تفجير الموقف؟ فهل تستطيع أن ترسل استشهاديين إلى تل أبيب، كما كانت تفعل سابقا؟ بل هل تستطيع أن تطلق رصاصة واحدة في وجه المحتل؟
لم يكن أحد ليراهن على «حماس» في التحرير، وإنما في عرقلة الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية؛ فهل يملك الحمساويون، اليوم، تلك القدرة؟ وهل تعتقد طهران، بالفعل، أنه يمكنها استجرار «حماس» إلى موقع المجابهة مع العدو الإسرائيلي، مجدداً؟
«حماس» ليست في هذا الوارد أصلاً؛ فليس ما ينقصها هو المال أو السلاح، وإنما الإرادة السياسية. وإرادتها مقيّدة بتحالفاتها مع الدوحة وأنقرة وإخوان مصر وإرهابيي سوريا والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
لا تتعبوا، ولا تضيّعوا المزيد من الوقت، بل فتّشوا عن بديل اعتراض ممكن: تحالف بين «الجهاد» و«الشعبية» و«القيادة العامة» يجمع شمل المقاومين في خط سياسي واضح في تحالفاته وأهدافه وخطه، يتصدى لمفاوضات تصفية القضية، في وجه إسرائيل... وسلطتيّ رام الله وغزة معاً.
3 تعليق
التعليقات
-
في الحديث عمن قام ويقومفي الحديث عمن قام ويقوم بمهام "الأداه الشرطية " لصالح كيان العدو،ينظر ناهض حتر بعين واحدة ،فيما يغلق العين الأخرى عن حقيقة أن الجولان كان هادئاً تماماً لأكثر من أربعة عقود ،وجنوب لبنان هادئ منذ حرب 2006 . في الحديث عمن أضاع البوصلة ،كان يجب على ناهض حتر أن لا يذكر فقط أن حماس قد دخلت في إشتباك مع مصر وشعبها ،بل أن يصحح رمايات من يطلقون صواريخ "السكود" وبراميل طائرات "الميغ " وينبههم إلى أن الجولان هي هناك في الجنوب ،وليس في الشمال ،وأن "شبعا " التي لا تزال محتلة هي هناك في جنوب لبنان ،وليس في شرقه . في الحديث عن "مفاوضات تصفية القضية الفلسطينية " ينسى حتر ،أنها أي القضية الفلسطينية كانت موجودة ،وحية منذ عز الدين القسام (جبلة -سورية ) وإلى ما شاء الله ،قبل عائلة "الأسد " وحتى عندما كان يحكم إيران "شاهنشاه "،اطمئن يا ناهض إذا كنت تتحدث من موقع "الحريص " على هذه القضية . في الحديث عن "تفصيل "رافعات فلسطينية ،لمحور "المقاومة والممانعة "،هناك الكثير ممن يعتقدون أن هذا المحور لم يعد معني بوجود مثل تلك الرافعات بعد صفقتي النووي الإيراني ،والكيماوي السوري ،لانعدام مبررات وجودها إيرانياً وسورياً (النظام حصراً )،هذا لا يعني التقليل من شأن الفصائل التي "تكرمت "بترشيحها مشكوراً .
-
لا يضيع حق وراءه مطالبكان من المعقول جداً أن يكون للإسلام الشامي المعتدل والوسطي دور ليس في الحياة الاجتماعية والدينية فحسب لأن هذا الدور كان مناحاً له أصلاً ، بل بالشأن السياسي والحكومي أيضاً من خلال المشاركة بالحياة السياسية بشكل حضاري ودون تتطرف . وهنا كان يمكن لقطر وتركية وكانتا على علاقات مميزة مع الدولة السورية آنذاك ، لعب دور إيجابي من خلال التسويق لحليفيهما الذي يدعمانه وتقريبه إلى الوسط المعتدل كي يقبل به السوريون ليشارك في الحكم في ظل التنوع وعدم التطرف وتحت شعار الدين لله والوطن للجميع . لكن ما حدث أن تركية وقطر لعبتا دوراً سلبياً عبر تخطيط مسبق لما أسموه ربيعاً وحشرتا نفسيهما في شأن دول أخرى ، ولعبتا دور المحرض على الفتنة ، طمعاً بوصول الأخوان إلى الحكم وتغيير الأنظمة بالقوة . الأتراك يريدون إعادة هيمنة العثمانيين تحت اسم الدين ، أما القطريون فهمهم - عدا أن يجدوا لهم موقعاً ما – تحقيق مصالح اقتصادية . ما يقال بالنسبة لحماس : جنت على نفسها ، عندما عملت ما عملت بيدها ، بعد أن كانت مدعومة من سورية وحلفائها وهذا كله يدعوها قبل غيرها من الفصائل الفلسطينية أن تعمل مراجعة لما أقدمت عليه ، وأن تدفع ثمن خطئها بإجراء تعديلات جذرية على قيادييها . أما من ناحية الشأن الفلسطيني بشكل عام فهناك فصائل نعرفها جميعاً حافظت على تاريخها وما زالت تعمل في سياق منسجم مع قضيتها نحو حق العودة باعتبار أن الطريق إليه يكون بالمطالبة وبالمواجهة معاً ، إنه طريق الحق الذي يمر من فوهة بندقية ولا يضيع ووراءه مطالب .
-
تحيّة لناهض حتردائماً عندما أقرأ لك.. أحس بصدقك الشّفاف.. واستعدادك للوم النفس ومحاسبتها (من خلال التنبيه.. تنبيه من يبدو أنك تحمل له الاحترام.. بحكم المباديء التي يسير عليها.. كما في مقالك السابق)، ودائماً أرى شجاعتك الأدبيـّة وكأنك تتكلّم بضمير القاريء "حنظلة".. وفي ذات الوقت باسطاً أمامه المقدمات التي تجعلك تصل للرأي أو الدعوة التي تطرحها في مقالك..