بدأ التصعيد في المواجهة بين طلاب الجامعة الاميركية وادارتها منذ ليل أمس، اذ نشرت نائبة رئيس الحكومة الطالبية محضر الاجتماع الأخير مع رئيس الجامعة بيتير دورمان، بالرغم من عدم استحصالها على موافقة رسمية منه. الاجتماعات بين الطلاب لم تتوقف حتى ساعة متأخرة، تم تحضير الملصقات والشعارات، ووصلت الدعوة للمشاركة في الاعتصام المقرر عند الواحدة بعد ظهر اليوم الى الطلاب في الجامعة، وهم تداولوا عبر شبكات التواصل الاجتماعي سلسلة من التعليقات التي تحدثت عن أجر رئيس الجامعة الذي وصل الى حوالي 38 ألف دولار شهريا، وغيرها من رواتب الاداريين المرتفعة وعدم ثقتهم بادارتهم، وذكّروا بانجازات أسلافهم.

الكثيرون أبدوا حماستهم واستعدادهم للمزيد من التصعيد. فهل نحن أمام تجربة مشابهة لما حصل عام 1973 او عام 1994؟ اعتصام اليوم سيحاول الاجابة عن هذا السؤال.

طلاب الاميركية ليسوا وحيدين

عدد كبير من المنظمات الطالبية والشبابية أعلنت دعمها وتأييدها للحراك الطلابي، اعتصام الطلاب سيمتد من داخل أسوار الجامعة حيث تنتظرنا مفاجآت، بحسب ما صرّح أحد المنظمين لـ «الأخبار»، الى خارج أسواره، اذ اعلنت الحركة الطلابية البديلة في الجامعة اللبنانية الأميركية أنها ستنظم اعتصاما متزامنا على أبواب الجامعة. الجبهة الوطنية الطلابية في الجامعة اللبنانية دعت جميع الطلاب للمشاركة أيضا، وأعلنت مجموعات شبابية من داخل الجامعة اليسوعية بأنها ستدعم طلاب الأميركية.
محضر الاجتماع الذي نشر البارحة، يؤكّد، في مضمونه، تعنت رئيس الجامعة، تحديدا حين اعلن رفضه ارسال الموازنة الى مجلس أمناء الجامعة ما لم تتضمن زيادة الأقساط، وحاول تهدئة الطلاب من خلال دعوته لاجتماع «طارئ» مع لجنة متابعة مسألة الأقساط لاقناعها بضرورة زيادة الاقساط. معلنا التزامه الكامل باستكمال الحوار مع الطلاب.
لكن لماذا الحوار اذا كانت نية تجميد الزيادة غير موجودة؟ يسأله أحد أعضاء اللجنة. هذا المنطق دفع الطلاب الى تجديد نيتهم بالمواجهة، وعدم الدخول في أي مفاوضات أو تقديم تنازلات ان لم تتم تجميد زيادة الأقساط المقررة.
يشرح الطرفان مواقفهما في المحضر المسرّب: الطلاب عبروا للرئيس عن عدم قدرتهم على تحمل أي زيادة في الأقساط، ورفضهم لغياب الشفافية وتغييب الطلاب عن القرارات الأساسية التي تخصهم، كما عبروا أيضا عن عدم ثقتهم بادارة الجامعة، وبأن الطالب هو الهدف الأساس لأي زيادة تريدها الجامعة في ميزانيتها، ودعوا الرئيس الى ايجاد بدائل حقيقية وتجميد الزيادة المقررة كمقدمة لمناقشة باقي مطالب الحكومة الطالبية.
رئيس الجامعة عرض مبرراته للزيادة التي «لا مفر منها»، اذ اعتبر، بحسب المحضر، أن مصادر الجامعة المالية محدودة، فالأقساط تشكل 89% منها، الهبات 3 الى 4% اضافة الى الهدايا والتبرعات. أما عن البدائل، فأعرب عن صعوبة ايجادها خصوصا أن الجامعة لا تستفيد من «المنح الاتحادية»، بما أنها تقع خارج الولايات المتحدة، وأي زيادة على الصعيد الوطني، تستلزم زيادة في الأقساط. ورفض دورمان اعتبار الطالب الهدف الاساس لتغطية نفقات الجامعة، فلو تم الاعتماد عليه فقط لوصلت الزيادة الى 15%.
وتحدث دورمان أيضا عن المستوى الأكاديمي وضرورة المحافظة عليه، وان خلق برامج جديدة وتحسين مستوى التعليم يفرض على الجامعة كلفة عالية سنويا «تحتم علينا زيادة الأقساط». للموظفين وأجورهم (وأجور موظفي المستشفى) حصة من الزيادة المفروضة على الأقساط، وذلك حفاظا على «المستوى العالمي للأجور»، وتحسين التعليم والأجور تتطلب «زيادة للمصاريف بأي ثمن». وتحدث أيضا عن الضرائب غير المتوقعة التي فرضتها وزارة المالية ما دفع الجامعة لاستخدام احتياطي الموازنة، اضافة الى خسارة مالية تسجّلها كلية الطب سنويا.
وقال انه تمت زيادة المساعدات المالية بمعدل 40%، وهي تشكل عبئاً على الجامعة يجب أن تغطيه، وختم دورمان تبريره بأن الجامعة حاولت جاهدة البحث عن بدائل، لكن لا شيء من المطروح حاليا داخل الادارة يعطينا نتائج آنية.
الطلاب ردوا على تبريرات الرئيس، فاعترضوا على سياسات الجامعة المالية التي تعتمد فقط على الأقساط، في ظل غياب التخطيط الطويل الأمد الذي تستطيع الجامعة من خلاله توقع زيادة النفقات عبر ايجاد البدائل، ووافقوا الرئيس على أهمية الحفاظ على مستوى الجامعة وتطويره، لكنهم رفضوا ربطه بمسألة زيادة الأقساط، إذ ان ما تدفعه الجامعة يصرف من دون استشارة الطلاب اساساً.
واقترحت اللجنة على الجامعة وضع خطط تضع من خلالها قدرة الطالب المالية في سلم أولوياتها، وطالبت بتجميد العمل ببعض البرامج والمشاريع حتى تأمين تمويل لها.
ولاحظت اللجنة الطلابية أيضا أن ميزانية المستشفى منفصلة عن الجامعة، فلماذا يدفع يقوم الطالب مصاريف موظفيها، واذا كانت للمؤسستين ميزانية متداخلة، فلما لا تستفيد الجامعة من أرباح المستشفى؟
وعن الضرائب غير المتوقعة، اعتبرت أنه تم دفعها من احتياطي الموازنة، ما يجعل الموازنة مستقرة، ولا حاجة لأي زيادة في الأقساط.
وختمت اللجنة بالتشديد على أهمية وضع خطط توجد الجامعة من خلالها بدائل حقيقية، كما طالبت الجامعة باعتماد سياسة داخلية توقف من خلالها الانفاق غير المجدي، ووقف الهدر ومكافحة الفساد داخل ادارة الجامعة.
وعن المساعدات المالية، أكدت اللجنة بالأرقام انها لم تتطابق مع زيادة الأقساط بتاتا.