انطلقت منذ اشهر حملة في المخيمات الفلسطينية تطالب بالهجرة الجماعية من لبنان. استغل منظمو الحملة الواقع المعيشي السيئ الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، لاعطاء حملتهم زخما اضافيا. لعبوا على وتر حرمان اللاجئين من حقوقهم الاجتماعية والانسانية، لاضفاء مشروعية على حملتهم. من المعروف ان الفلسطيني في لبنان محروم ابسط حقوقه الانسانية والاجتماعية. فهو ممنوع من العمل في 72 مهنة، كما ممنوع عليه التملك. لذلك وجدت هذه الحملة صدى لها في ازقة المخيمات، والارضية الخصبة لدى فئة الشباب، بسبب الحرمان الذي يعيشونه.
اذ تشير الاحصائيات انه في كل شهر يفتتح مقهيان في المخيمات، وان مخيم برج الشمالي وحده فيه 23 مقهى، يرتادها شبان عاطلون العمل.
هذه الاسباب والامل بحياة افضل خارج لبنان دفعت بعض الشبان الى المشاركة بكثافة في الاعتصامات والتظاهرات التي دعت اليها الحملة. بادىء الامر لم تؤخذ الدعوى الى الهجرة على محمل الجد من قبل مسؤولي الفصائل الفلسطينية. اعتقد كثيرون انها مجرد حدث اخر على «الفايسبوك»، سينتهي مفعوله سريعاً. لكن بعد كثافة المشاركة في التظاهرات التي شهدتها مخيمات الشمال وعين الحلوة، دق مسؤولو الفصائل ناقوس الخطر. بدأوا بطرح اسئلة عمن يقف خلفها. من يمولها؟ من هم الشباب المسؤولون عنها؟ من يشجع الشباب على الهجرة؟ الاصابع كلها توجهت الى القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، والى انصاره في لبنان. لذلك استنفرت الفصائل الفلسطينية، وخصوصاً حركة فتح والسفارة الفلسطينية عناصرها لمواجهة هذه الحملة. بالنسبة اليهم الدعوة الى الهجرة مرفوضة جملة وتفصيلاً، فهي بحسب مسؤول في المنظمة «تسهم في شطب حق العودة». قد تبدو هذه العبارة للوهلة الاولى «خشبية». فقد اعتاد مسؤولو الفصائل تكرارها في كل مناسبة، لكن في هذا التوقيت بالذات، يبدو «حق العودة» في خطر حقاً، وخصوصاً في ظل ما جرى تسريبه من خطة جون كيري وزير خارجية اميركا، لانهاء قضية اللاجئين.
ويقول مصدر في السفارة الفلسطينية ان «كيري طرح حلا لقضية اللاجئين في لبنان وسوريا، وهو التعويض المالي للاجئين ثم ترحيلهم، او التعويض عليهم وتوطين من يختار البقاء». يضيف «اما في ما يتعلق بفلسطينيي الخليج، فيجري توطنيهم في البلدان التي يقيمون فيها، بينما فلسطينيو اوروبا يحملون جنسية البلدان التي يعيشون فيها». لذلك ولخطورة هذه الحملة على حق العودة، قررت الفصائل الفلسطينية مواجهتها بقوة، وبالطريقة نفسها، اي عبر الشباب. اذ ستعقد الفصائل يوم الخميس المقبل في نقابة الصحافة مؤتمرا صحافياً تعلن فيه انطلاق حملة «شبابنا». الحملة المضادة عبارة عن تجمع منظمات شبابية وطلابية فلسطينية في لبنان لنشر الوعي بين الشبان، والتأكيد على حق العودة، ورفض الهجرة الجماعية من المخيمات. ويقول احد المسؤولين البارزين في فصائل تحالف القوى الفلسطينية انه «يحق للافراد الحصول على حياة افضل، ويحق لهم ايضاً التفكير بترك البلد والتوجه الى اي دولة تعاملهم بطريقة افضل». يضيف «كما لا يمكننا الوقوف امام الهجرة الفردية، لكن ان تكون هناك دعوى صريحة إلى الهجرة الجماعية من المخيمات، فذلك يعني ان هناك اطرافا فلسطينية تريد ان تساعد على تنفيذ خطته بانهاء قضية اللاجئين». على خط مواز للتحرك الشبابي المضاد للحملة، هناك عمل سياسي يقوم به مسؤولو الفصائل، اذ عقد منذ اسابيع اجتماع في السفارة الفلسطينية، كان البند الرئيسي المطروح في الاجتماع هو كيفية مواجهة حملة الهجرة من لبنان. وقد قرر المجتمعون العمل على اكثر من صعيد. سياسياً قرر المجتمعون «التواصل مع مسؤولي الدولة اللبنانية لتحسين اوضاع اللاجئين في المخيمات، واقرار الحقوق الاجتماعية، لان الاوضاع الانسانية السيئة هي التي ساهمت في انتشار مثل هذه الافكار»، يقول مسؤول في التحالف. يضيف «ننتظر نيل الحكومة الثقة لكي نطرح عليها مطالبنا، لان الدولة اللبنانية تشاركنا المسؤولية في ما يجري».
كذلك ستحاول الفصائل الحد من تأثير دحلان على المخيمات الفلسطينية، اذ ان «المشاريع التي اطلقتها زوجته جليلة دحلان والاموال التي تصرف على مشاريع تنموية في المخيمات ساهمت في استقطاب الشباب اليها»، يقول احد مسؤولي تحالف القوى الفلسطينية. يضيف «كما استقطبت الشبان الفلسطينيين عبر دفع اموال رمزية اليهم من خلال التجمعات الشبابية التي انشئت أخيراً، لذلك سنحاول ايجاد فرص عمل لهؤلاء الشبان كي لا يعتمدوا على اموال دحلان».

يمكنكم متابعة قاسم س. قاسم عبر تويتر | @QassemsQassem