صنعاء | يبدو أنّ اقتناعات الإعلامية اليمنية رحمة حجيرة تسبّب لها المتاعب في كل موقع إعلاميّ تنتقل إليه، وقد تمثّل آخر الفصول في توقيف برنامجها «ساعة زمن» إثر تعرّضها لتهديدات. في زمن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تعرّضت صاحبة «منتدى الإعلاميات اليمنيات» لهجوم إعلامي عبر جريدة «البلاد» التابعة للمطبخ الإعلامي الرئاسي، يتّهمها بأبشع الصفات. الهجوم ولّد حملة تضامن واسعة مع الإعلامية اليمنية. لكن القضاء يومها كان في يد الرئيس صالح، فسقطت القضية ولم تأخذ حجيرة حقّها. بعدها، هبّت رياح «الثورة» وأزاحت علي عبد الله صالح، فاضطر الأخير إلى إنشاء مؤسسات إعلامية مضادّة، منها قناة «اليمن اليوم» الفضائية.
هنا كانت المفاجأة الكبرى، إذ وافقت حجيرة على العمل في هذه المحطة، حيث خُصصت ببرنامج بعنوان «ساعة زمن»، وأصبحت تتقاضى بدلاً مادياً كبيراً مقارنة بغيرها من الإعلاميين اليمنيين. صحيح أنّ البرنامج هو أوّل تجربة تلفزيونية لحجيرة بعد عملها الطويل في الصحافة المكتوبة، لكن «ساعة زمن» حقق نسب مشاهدة عالية. أظهرت الإعلامية اليمنية قدرة كبيرة على محاورة شخصيات يمنية سياسية مختلفة ومتناقضة.
عند سؤالها عن سرّ انقلابها بين الضفتين السياسيتين، قالت حجيرة ذات مرّة إن «أولئك أرحم من هؤلاء». حالياً، تتعرّض الإعلامية لحملة تشهير على أيدي من يحكمون البلاد اليوم، أي الإسلاميين والجيش. انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قديمة لها مع رجل الدين المرتضى زيد المحطوري في إحدى المناسبات وهو يضع يده على ظهرها، علماً بأن الأخير يُعتبر «مفتي جماعة الحوثيين» في اليمن. هكذا، يبدو أنّ استخدام فكرة التشهير بالنساء، وخصوصاً الإعلاميات، لا يزال مستمراً، في مشهد يثبت أنّ النظامين السابق والحالي يسلكان الطريق نفسه. وفي ظل هذه الموجة، قرّرت رحمة حجيرة توقيف برنامجها «ساعة زمن» بعد «تلقيها تهديداً صريحاً باستهدافها والعاملين معها، في ظل غياب الأمن وعدم حماية المؤسسات الرسمية»، على حد تعبيرها. وقالت إن الجهات التي تستهدفها «انكشفت من خلال الحلقات الأخيرة التي عُرضت على الهواء، وخصوصاً القائد العسكري علي محسن الأحمر الذي انقلب على صالح بعد تحالف طويل». ورأت حجيرة أنّ «مهاجميها يتبعون التحالف السلفي القبلي العسكري. كما أن برنامجها ناقش أخيراً قضايا جوهرية أثارت حفيظة من لا مصلحة لديهم في نشر الحقيقة». في اليمن، يتغيّر النظام السياسي، لكن المرأة تبقى الحلقة الأضعف، وتتعرّض لأعنف التهديدات، وخصوصاً إذا كانت شخصية معروفة.