هل صدر قرار تصفية المجموعات التابعة لـ«القاعدة» في بلدة عرسال؟ السؤال بات مطروحاً بقوة في الأوساط السياسية والأمنية. فقد علمت «الأخبار» أن الرئيس سعد الحريري أجرى اتصالات برئيس الجمهورية ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجي وعدد من المسؤولين، طالباً دخول الجيش إلى عرسال.
ولفتت مصادر قريبة من الحريري إلى أن الوضع في البلدة لم يعد يُحتمل بعدما باتت ملجأً للمسلحين، وبعضهم ينتمي إلى تنظيمات إرهابية. وهؤلاء باتوا عامل توتير للعلاقات بين عرسال وجيرانها. وبحسب مصادر معنية، فإن الجيش ينتظر أن تأخذ الحكومة قراراً لا لبس فيه تكلفه بموجبه ضبط الأمن في عرسال. وهذا القرار ستكون له تبعات. فرغم الغطاء الذي تدعي القوى السياسية منحه للجيش، يبقى من غير المعلوم المدى الذي سيصل إليه الدعم السياسي، بعد أن يبدأ الجيش تنفيذ مهمة ضبط الأمن في عرسال. وفيما أعلن الجيش أمس أنه اعتباراً من مساء أمس وحتى نهار اليوم «ستعزز وحدات الجيش انتشارها في مناطق البقاع الشمالي الحدودية، وخصوصاً منطقتي عرسال واللبوة وفي داخلهما، وستعمل على فتح الطرقات»، فإن موعد دخول الجيش عرسال لم يتحدّد بعد، رغم أن القرار محسوم لدى قيادته التي «تلقت مناشدات من عدد كبير من أهالي عرسال لضبط الأمن في البلدة».
أي عملية أمنية وعسكرية في عرسال ستستهدف، بالدرجة الأولى، المجموعات المرتبطة بـ«القاعدة»، سواء تلك التي تطلق صواريخ نحو بعض بلدات البقاع الشمالي (من داخل الأراضي اللبنانية أحياناً)، أو تلك التي كانت تسهم في نقل السيارات المفخخة من القلمون إلى لبنان. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» عن توجه لدى شخصيات رسمية تنتمي إلى تيار المستقبل، يقضي بدفع إحدى المجموعات المحسوبة على «جبهة النصرة» في عرسال إلى مغادرتها نحو الأراضي السورية. وهذه المجموعة هي التي تأتمر بأوامر م. ح.، وتضم لبنانيين وسوريين.
وسيكون دخول الجيش عرسال اختباراً لبدء عمليات «مكافحة الإرهاب»، وهو العنوان الذي لا يزال المستقبل يرفعه كشعار لحكومة الرئيس تمام سلام. ونجاح أي تجربة مستقبلية في عرسال سيكون مقدمة لعملية أخرى في طرابلس، حيث لم تعد بعض المجموعات المسلحة تخفي إعلانها الحرب على الجيش، وباتت تستهدفه بكافة أنواع الأسلحة، وصولاً إلى تفجير عبوة ناسفة بإحدى آلياته ليل أمس. وبحسب معلومات أمنية، فإن معظم من يطلقون النار على الجيش يرتبطون بشخصيات «قاعدية الهوى».
وضمن هذا الجو المشحون، عادت ظاهرة قطع الطرق تضامناً مع «عرسال المحاصرة»، فترك الشارع لفتيان تحكموا بالبلاد والعباد، بغطاء ديني وسياسي، ووضعوا البلد على حافة الفلتان، بعدما عمدوا إلى التعدي على المارة والتدقيق في هوياتهم!
ورأى تيار المستقبل أن هناك حملة تحريض على عرسال وطرابلس. وفي بيان عالي اللهجة، حذّر الحريري، من «مخاطر حملات التحريض والتجني التي تستهدف طرابلس وعرسال»، مؤكداً «دور الدولة في تحمل المسؤولية الكاملة عن سلامة الأهالي، الذين لن يرضخوا لدعوات وتهديدات المتورطين في دماء الشعب السوري». وعبّر عن «أعلى درجات التضامن مع عرسال وأهلها، ومع طرابلس»، محملاً حزب الله مسؤولية «استدراج الحريق السوري إلى لبنان». وأعلن الحريري «تشكيل فريقي عمل من الكتلة النيابية والتيار، لوضع خطة عاجلة تشارك في معالجة الحالات الاجتماعية والإنسانية الطارئة في كل من طرابلس وعرسال، وتوفير مقومات الصمود الأهلي للمنطقتين».
وكان الحريري قد أجرى اتصالات شملت سليمان وسلام وقهوجي، مشدداً على «وجوب مبادرة الدولة بكل أجهزتها المعنية إلى رفع الضيم عن عرسال واحتواء المسلسل المشبوه من التحريض والحصار المرفوض».
بدورها، طالبت كتلة المستقبل بعد اجتماعها أمس، الجيش والأجهزة الأمنية بـ«تولي حماية عرسال من اعتداءات النظام السوري وممارسات عناصر حزب الله».
وبقيت الطريق المؤدية إلى البلدة في محلة «عين الشعب» مقفلة بالسواتر الترابية. ونقل مراسل «الأخبار» في البقاع رامح حمية، عن أهالي بلدتي اللبوة والنبي عثمان تبريرهم إقفال الطريق، بأنه «محاولة لدفع أهالي عرسال إلى لجم المجموعات المسلحة عن تمرير سيارات الموت عبرها».
عرسال من جهتها انقسمت على نفسها، فثمة من يرى أنّ «من حق أهالي اللبوة والنبي عثمان أن يعبروا عن سخطهم بإقفال الطريق؛ لأن أبناءهم يقتلون على الطرقات وفي بيوتهم، نتيجة عدم تحمل البعض في عرسال للمسؤولية التي تعهدوا بها في بيانات سابقة»، على ما قال أحد فعاليات البلدة لـ«الأخبار».
وفي الموازاة، صدر عن بلدية عرسال بيان استنكر «التفجير الإرهابي وإطلاق الصواريخ على البلدات المجاورة»، معزياً أهالي بلدات الفاكهة والعين والنبي عثمان. وطالب «الأجهزة الأمنية والجيش بفرض الأمن في البلدة ونشر الجيش على الحدود»، مؤكداً أن أهل البلدة «يرفضون دخول أي إرهابي إلى عرسال».
ورغم لهجة البيان الهادئة، أفاد مراسل «الأخبار» في البقاع أسامة القادري، بأن موجة قطع الطرق عمّت البقاع بعد اجتماع موسع في أزهر البقاع لمؤازرة عرسال، قرّر الرد على قطع طريق عرسال بقطع طرق محددة احتجاجاً. إلا أن مصادر مقربة من دار الفتوى في البقاع أبلغت «الأخبار» أن قرار قطع الطرق اتخذ على صعيد كل لبنان. وإثر الاجتماع بادرت مجموعة من الشبان في بلدة تعلبايا إلى قطع الطريق الرئيسية بين تعلبايا وسعدنايل. وسجلت اعتداءات على حافلة للركاب حطم عدد من الشبان زجاجها. كذلك قطعت طرق البقاع الغربي في قب الياس.
وليلاً امتدت موجة قطع الطرق إلى العاصمة، فقطعت طرق كورنيش المزرعة وقصقص والمدينة الرياضية وفردان بالإطارات المشتعلة. وأثناء تفريق الجيش قاطعي الطريق في قصقص، حاول بعض الشبان الاستيلاء على بندقية أحد الجنود عنوة، فجرى إطلاق نار أدى إلى مقتل الشاب حسام الشوا وإصابة شخص آخر بجراح خطرة. وشمل قطع الطرق صيدا والسعديات والرميلة، وشمالاً في العبدة وطريق الجومة.
وينتظر أن تطغى هذه المستجدات، كما الوضع في طرابلس، على مداخلات النواب في الجلسة النيابية التي تبدأ اليوم وغداً لمناقشة البيان الوزاري للحكومة. فيما تراجع حزب الكتائب عن تهديده باستقالة وزرائه اعتراضاً على الصيغة التي وردت في البيان الوزاري حول المقاومة، وأعلن «الاستمرار بالمواجهة السياسية من داخل الحكومة».





قتيل طعناً «انتقاماً ليبرود»!

عثرت القوى الأمنية على المواطن السوري علي موسى هرموش مقتولاً طعناً بالسكاكين داخل مشروع سكني قيد الإنشاء قرب من مبنى كلية الاعلام والتوثيق ــــ الفرع الثاني في الفنار. ولم يكتف القاتل بجريمته فقط، فقد كتب بدماء ضحيته على احد جدران الغرفة عبارة: «انتقاما ليبرود ولشرف سوريا». وقال شهود عيان إنه «في الليلة التي سبقت الجريمة كان هرموش في جلسة مع سوريين معارضين للنظام، وجرى نقاش حاد بينهم على خلفية تحرير يبرود، وقد اختفوا بعد الجريمة».
إلا أن مصادر أخرى، قالت إن دافع الجريمة هو سرقة مبلغ من المال كان في حوزته.